مدن سودانية تتأهب لموجة احتجاجات... والخرطوم في عين العاصفة

السيسي مع استقرار السودان... والكونغرس الأميركي على خط الأزمة

TT

مدن سودانية تتأهب لموجة احتجاجات... والخرطوم في عين العاصفة

تستعد مدن سودانية عدة لموجة احتجاجات جديدة دعا لها «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي يقوم بتنظيم المواكب المطالبة بالتغيير وتحسين أحوال المعيشة، في وقت دخل فيه الكونغرس الأميركي على خط الأزمة بمطالبة الإدارة الأميركية بـ«فعل شيء» إزاء مقتل المحتجين العزل في السودان. وكرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأكيده أمس، أن بلاده مع استقرار السودان.
وأكد نشطاء ومعارضون، استعدادهم لموكب يحمل مذكرة تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، دعا له «تجمع المهنيين السودانيين» بعد نجاح الموكبين اللذين نظمهما الأسبوعين الماضيين، في إيصال «رسالته» كما قال متحدث باسمه، على الرغم من حيلولة الأجهزة الأمنية دون وصول الجماهير إلى القصر الرئاسي.
ونشر التجمع والنشطاء دعوات كثيفة وبمختلف وسائل التواصل، دعوا فيها إلى موكب ينطلق من عدة مواقع بالعاصمة الخرطوم، التي ستصبح في عين العاصفة الأمنية، ومن بينها «السوق العربية، وشارع السيد عبد الرحمن، وحي بري، وسوق أبو حمامة، وتقاطع باشدار»، مستفيداً في ذلك من تجربة الموكبين السابقين اللذين تجمعا في مكان واحد، ما سهل على الأجهزة الأمنية الحيلولة دون تنظيمهما، هذا بالإضافة إلى مواكب أخرى أعلن عنها في التوقيت ذاته في مدن ود مدني وعطبرة وبورتسودان.
وبحسب مصدر في التجمع، لم تفلح حملات الدهم والاعتقالات التي قام بها جهاز الأمن ضد قيادات التجمع المعروفة في إفشال خططه للتظاهر والاحتجاج، فبعد اعتقال المتحدث باسمه الدكتور محمد ناجي الأصم وقيادات غير معلنة منه أول من أمس، برزت قيادة جديدة تولت مهام تنسيق المظاهرات والاحتجاجات.
و«تجمع المهنيين السودانيين» تجمع مهني يضم تجمعات مهنية مختلفة، وبينها «لجنة الأطباء المركزية، ولجنة المعلمين، ولجنة المحامين الديمقراطيين، وغيرها»، وهو تجمع موازٍ لاتحادات المهنيين والعمال الموالية للحكومة.
وبعد فترة قصيرة من انطلاق المظاهرات والاحتجاجات في مدن البلاد المختلفة بشكل تلقائي احتجاجاً على الأوضاع المعيشية القاسية، وندرة الخبز وغلاء سعره وشح الوقود وعدم توفر النقود والتراجع غير المسبوق في سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، تولى التجمع المهني المسؤولية في تنسيق التظاهر والاحتجاج التلقائي إلى احتجاج منظم ذي هدف سياسي، وهو «تنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، وتكوين حكومة انتقالية».
وينتظر أن ينظم التجمع موكباً رابعاً الأربعاء المقبل، في مدينة أم درمان إلى مباني المجلس الوطني (البرلمان) لتسليم مذكرة التنحي، ونقلاً للاحتجاجات من الخرطوم إلى أم درمان التي تعد العاصمة القومية للبلاد.
من جهتها، أعلنت ولاية الجزيرة وسط البلاد، نشر قوات أمنية كبيرة عددها 7600 رجل شرطة في 65 مركزاً و151 نقطة شرطة، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا) عن مدير شرطة الولاية اللواء محمد إبراهيم المهدي، أن ولايته «لم تنحنِ إطلاقاً لعوامل التغيير في عدد مدن السودان»، وأن الهدف من نشر هذه القوة هو «تأمين الأحداث السياسية والاجتماعية والفعاليات الثقافية التي تشهدها الولاية».
وأخلت السلطات الأمنية سبيل الصحافي السوداني البارز فيصل محمد صالح الذي كان أوقف الخميس بسبب تأييده المظاهرات المناهضة للحكومة. وكانت عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني اعتقلوا الخميس الصحافي السوداني في مكتبه. وقال صالح، الحائز على جائزة «بيتر ماكلر» للصحافة الأخلاقية والشجاعة، إن العناصر اقتادوه للاستجواب على خلفية مواقفه من الاحتجاجات التي يشهدها السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018. وأضاف: «لقد قلت لهم إنني أؤيد المحتجين الذين يتظاهرون سلمياً، لكنني لست عضواً في أي مجموعة منظمة لهذه المظاهرات». وأوضح أنه عبّر في الأسابيع الأخيرة عن موقفه من المظاهرات عبر شبكات تلفزيونية إقليمية ودولية عدة. وقال صالح إن «الضباط كانوا يريدون أن يعرفوا آرائي، وبعد مناقشات كثيرة أخلوا سبيلي عند منتصف الليل».
وفيصل صالح صحافي متمرس، ومعروف بدفاعه القوي عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة في بلاده، وحاز في 2013 جائزة الراحل بيتر ماكلر، رئيس تحرير منطقة أميركا الشمالية في وكالة الصحافة الفرنسية سابقاً. وصنفت منظمة «مراسلون بلا حدود» السودان في المرتبة 174 من بين 180 بلداً من حيث مؤشر حريات الصحافة العالمي للعام 2017، وقالت إن جهاز الأمن والمخابرات الوطني «يطارد صحافيين ويفرض رقابة على وسائل الإعلام المكتوبة».
واسترخت القوات الأمنية طوال اليومين الماضيين إثر توقف المظاهرات والاحتجاجات الكبيرة، ما عدا احتجاج الجمعة الذي شهده مسجد السيد عبد الرحمن بمدينة أم درمان، وبعض المظاهرات في الأحياء، وفي مدينة بورتسودان شرق البلاد. وبحسب المشاهدات اليومية، قللت السلطات حجم الانتشار الأمني، بيد أنها أبقت على قوات لافتة حول المرافق الاستراتيجية والمداخل والمخارج، وينتظر أن تعيد نشر قوات كبيرة مجدداً ابتداءً من ليلة الأحد.
وكانت السلطات قد عطلت الدراسة في المدارس والجامعات في الخرطوم وبقية المدن والولايات التي شهدت الاحتجاجات إلى أجل غير محدد، وأعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال في أكثر من ولاية ومدينة، للحيلولة دون خروج المتظاهرين، لكنها لم تفلح في كبح جماح المتظاهرين الغاضبين.
واضطرت السلطات للتخلي عن عزمها على رفع الدعم عن «دقيق الخبز» والوقود، بيد أن الأزمات الرئيسية لا تزال قائمة، فما زالت صفوف الحصول على نقود تشاهد حول كل ماكينات الصرف الآلية، فيما تصطف حول محطات الوقود طوابير طويلة من السيارات والشاحنات للحصول على وقود «ديزل». ولم يخفف الانجلاء النسبي لأزمة «البنزين» من مظاهر أزمة المحروقات في البلاد.
وتخلت الحكومة عن التسعير الجديد للخبز الذي كانت تنوي فرضه، وعادت للتسعير القديم «قطعة خبز واحدة مقابل جنيه واحد»، والقصر النسبي لطوابير الحصول على «رغيف»، إلا أن الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الرئيسية «السكر، والدقيق، والزيت، والبصل، وغيرها» يواصل صعوده، لدرجة أن السعر قد يتغير في اليوم الواحد أكثر من مرة، على الرغم من التحسن في سعر صرف الجنيه السوداني من 70 جنيهاً للدولار الأميركي الواحد إلى 57 جنيهاً خلال الأسبوع الماضي.
من جهته، أصدر الرئيس البشير أمس، مرسوماً جمهورياً وقراراً عين بموجبه الخير النور المبارك وزيراً للصحة الاتحادية بديلاً للوزير السابق محمد أبو زيد المحسوب على «جماعة السنة المحمدية»، وأمناء عامين ووكيل وزارة وعدداً من المديرين العامين.
ولم يسبب القرار التعديلات والإقالات والتنقلات، بيد أن أبرز التعيينات هي إعفاء وزير الصحة المحسوب على «جماعة أنصار السنة المحمدية»، وإعادة محمد حاتم سلمان مديراً عاماً للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون التي أعفي منها، ثم قدم لمحاكمة ببلاغات تتعلق بمخالفة لائحة الشراء والتعاقد ولائحة الإجراءات المالية قبل أكثر من 3 أعوام، ثم أعفي من منصبه نائباً لرئيس الحزب الحاكم في الخرطوم، لرفضه العمل والياً لحكومة غرب كردفان، وذلك بحسب صحيفة «التيار» الصادرة مايو (أيار) الماضي. ويعد تعيين حاتم حسن بخيت المدير السابق لمكاتب الرئيس أميناً عاماً لمجلس الصداقة الشعبية العالمية، أحد أبرز التعيينات التي صدر بها القرار، وذلك بعد أن كان قد رفض تعيينه وزير دولة بمجلس الوزراء، إثر إعفائه من مهامه مديراً لمكاتب الرئيس.
خارجياً، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس، دعم القاهرة الكامل لاستقرار السودان وأهمية مواصلة تعزيز التعاون المشترك بين البلدين على مختلف الأصعدة، وذلك خلال استقباله المساعد الأول للرئيس السوداني محمد الحسن الميرغني.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، إن السيسي أكد «دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري». وأضاف أن الرئيس المصري أكد «اهتمام مصر بمواصلة تعزيز التعاون المشترك بين البلدين على مختلف الأصعدة، في ضوء الروابط التاريخية الوثيقة والعلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين الشقيقين حكومةً وشعباً».
وفي واشنطن، طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إليوت إنغل، وزير خارجية بلاده مايك بومبيو، إلى اتخاذ إجراء بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان نتيجة المظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها العاصمة الخرطوم وعدد من مدن الولايات منذ أكثر من أسبوعين.
وقال إنغل (نائب ديمقراطي) في رسالة، إنه فوجئ من أن حكومة بلاده لم تتخذ موقفاً قوياً تجاه «تصرفات قوات الأمن السودانية، وعنفها السيئ للغاية في مواجهة المظاهرات الاحتجاجية»، مطالباً وزارة الخارجية الأميركية بتقديم معلومات حول هذه الأحداث، في ضوء الاتفاق الذي تم بين الخرطوم وواشنطن في فبراير (شباط)، والذي يضع حقوق الإنسان أولوية في العلاقات الثنائية.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.