أنقرة تنتظر زيارة بولتون لحسم الخلاف حول الأكراد السوريين

تشهد أنقرة بعد غد محادثات تركية - أميركية بشأن الانسحاب الأميركي من سوريا، حيث من المتوقع وصول مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون وبرفقته المبعوث الخاص إلى سوريا والتحالف الدولي للحرب على «داعش» جيمس جيفري ورئيس الأركان الأميركية المشتركة جوزيف دانفورد، لبحث مسألة التنسيق بشأن الانسحاب من الأراضي السورية.
ومن المتوقع، بحسب مصادر دبلوماسية، أن تركز المباحثات بين الوفد الأميركي والمسؤولين الأتراك على 3 ملفات رئيسية؛ هي تنسيق الانسحاب والدور التركي فيما بعد اكتماله لمنع عودة ظهور تنظيم داعش الإرهابي، والموقف الأميركي من وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي في تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الحليف لواشنطن في الحرب على «داعش» وإخراجه من منبج، بموجب اتفاق خريطة الطريق بين أنقرة والولايات المتحدة واستعادة الأسلحة المقدمة إليها ودعم العملية العسكرية التركية المحتملة في شرق الفرات، إضافة إلى مكافحة الأنشطة الإيرانية في المنطقة التي يصفها بولتون بـ«الخبيثة».
وأثارت تصريحات لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الخميس، عن مخاوف أميركية بشأن استهداف الأتراك لأكراد سوريا، وأن الولايات المتحدة ستعمل على حمايتهم كونها حليفاً لهم، القلق لدى أنقرة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب التركي سيسعى إلى حسم هذه المسألة خلال المباحثات مع الوفد الأميركي برئاسة بولتون واستيضاح الموقف الأميركي. ولفتت المصادر إلى أن السيناريو الذي يحتمل أن تطبقه الولايات المتحدة هو السماح لتركيا بإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا على حدودها الجنوبية، لافتة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمح إليه الأسبوع الماضي.
واستبقت واشنطن زيارة وفدها لتركيا بتعيين المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، الذي عمل سفيراً لدى تركيا بين عامي 2008 و2010 مبعوثاً للتحالف الدولي للحرب على «داعش» ليجمع بين المنصبين قبل أن يأتي إلى أنقرة ضمن الوفد، وليحل مكان المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي بريت ماكغورك، الذي استقال على خلفية قرار الانسحاب من سوريا، والذي طالبت أنقرة مراراً بتغييره بسبب دعمه لتحالف واشنطن مع المقاتلين الأكراد.
وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية روبيرت بالادينو إلى أن جيفري سينسق مع الدول الحليفة للولايات المتحدة، لتحقيق أهداف بلاده في سوريا والعراق.
وكان جيفري، دعا في وقت سابق للتنسيق مع تركيا فيما يتعلق بملفات المنطقة خصوصاً سوريا، وأكد أنه لا يمكن احتواء إيران دون التنسيق والتعاون مع أنقرة.
في السياق، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين في إدارة ترمب أن تركيا طلبت دعماً عسكرياً كبيراً من واشنطن، ومن ضمن ذلك الضربات الجوية والنقل والخدمات، في مقابل أن تتولّى القوات التركية مهمّة قتال تنظيم داعش في سوريا.
وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن «الطلبات التركية كانت كبيرة لدرجة أن الجيش الأميركي إذا استجاب لها سيعمّق من تدخله، ما قد يعني إحباط جهود الرئيس دونالد ترمب الرامية للانسحاب من سوريا».
ولفتت الصحيفة إلى شكوك أميركية بشأن قدرة القوات التركية على أداء المهمة بشكل كافٍ، كما كانت تؤدّيها القوات الأميركية.
ولا يبدو أن إدارة ترمب ستوافق على تقديم كل الدعم العسكري الذي طلبه الأتراك.
وفي ظل الغموض الذي يلف قرار الانسحاب الأميركي، وجدوله الزمني، تعمل أنقرة على مختلف الاحتمالات وتبقي على قنوات التشاور مفتوحة مع الولايات المتحدة وروسيا وبعض الدول الإقليمية كالعراق.
وبحسب المحلل السياسي التركي في صحيفة «ميلليت» التركية، هناك تناقضات بين مختلف الأطراف المتداخلة في الملف السوري، فتركيا ترحب بقرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا، لكنها تريد أن يخضع شرق الفرات ومنبج لسيطرة الجيش التركي وفصائل الجيش الحر الموالية لها، بهدف إنهاء وجود وحدات حماية الشعب، ولهذا تبقي تركيا على الخيار العسكري مطروحاً.
وبالنسبة لواشنطن، فإنه رغم عدم وضوح استراتيجية الانسحاب من سوريا بعد، فإن واشنطن لا ترغب في تسليم المنطقة التي تسيطر عليها إلى الجيش التركي والقضاء على وحدات حماية الشعب. لهذا تسعى لإيجاد حلول أخرى لطمأنة مخاوف تركيا الأمنية كالسماح لها بإقامة منطقة عازلة مثلاً.
أما سوريا، فالانسحاب الأميركي يشكل لها، بحسب كوهين، فرصة، وبفضله يمكنها تعزيز نفوذها في المنطقة، مشيراً إلى أنه مع أن موسكو تتفق مع أنقرة حول وحدة الأراضي السورية وبعض المبادئ المشابهة، فإنها لا ترغب في أن يسيطر الجيش التركي وحده على شرق الفرات، وترى ضرورة تسليم هذه الأراضي لنظام الأسد. وهذا ما يخالف وجهة النظر التركية.
واعتبر أن العملية الدبلوماسية طريق شاقة وطويلة. بالنظر إلى الخلافات الجوهرية بين هذه المواقف التي تؤكد أنه ليس من السهل أبداً إيجاد قاسم مشترك والتوافق بين الأطراف المعنية.