تركيا «غير متفائلة» تجاه التحقيقات الأميركية حول حركة غولن

وزير العدل أكد أن التحقيقات الجارية لا تتناول تسليم رئيسها

TT

تركيا «غير متفائلة» تجاه التحقيقات الأميركية حول حركة غولن

لمّح وزير العدل التركي عبد الحميد غل إلى إمكانية حدوث تطورات في التحقيقات الأميركية بشأن «حركة الخدمة»، التابعة للداعية فتح الله غولن، والتي تحملها أنقرة المسؤولية عن محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016 بعد اطلاع واشنطن على بعض المعلومات المتعلقة بالحركة، التي تصنفها السلطات التركية «منظمة إرهابية». لكنه لم يبد تفاؤلا كبيرا تجاه الأمر، وأوضح أن التحقيقات «لا تتناول تسليم غولن».
وقال غل في تصريحات أمس إن اثنين من مدعي العموم قدما من واشنطن ونيويورك إلى أنقرة، مبرزا أن السلطات التركية أطلعتهم على حقائق تتعلق بـ(حركة غولن)، وأن بلاده ترغب في متابعة القضية، وتقديم كل ما في وسعها من دعم قانوني. كما أكد أن المحققين الأميركيين طلبوا معلومات من تركيا حول بعض المواضيع في إطار التحقيقات.
وأجرى مسؤولون من وزارات الخارجية والعدل والداخلية التركية اجتماعات مع فريق من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) في أنقرة على مدى يومي الخميس والجمعة الماضيين، في إطار التحقيقات المتعلقة بحركة الخدمة. وذكرت وكالة «الأناضول» التركية أن وكيل النائب العام في أنقرة لمكتب جرائم الإرهاب رمضان دينج، والنائب العام في المكتب ذاته علي ألبر صايلان، ومسؤولون في وزارة العدل التركية إضافة إلى مسؤولي «إف بي آي»، استمعوا لإفادات عدد من المتهمين بالتورط في محاولة الانقلاب المعتقلين في تركيا.
ووجه المسؤولون أسئلة للمعتقل كمال باتماز، المعروف بأنه «المسؤول المدني» لحركة غولن، الذي تقول السلطات إنه كان بداخل قاعدة أكينجي الجوية قرب العاصمة أنقرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، إضافة إلى معتقلين اثنين آخرين عبر نظام التواصل الصوتي.
وتطلب أنقرة من واشنطن تسليم غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية كمنفى اختياري منذ عام 1999، والذي ينفي أي علاقة له بمحاولة الانقلاب، بموجب اتفاقية «إعادة المجرمين» المبرمة بين الجانبين عام 1979، إلا أن الجانب الأميركي يطالب بتقديم أدلة دامغة على الاتهام الموجه إليه بتدبير محاولة الانقلاب.
وقال وزير العدال التركي إننا «حريصون على تقديم جميع المعلومات والوثائق»، مشيرا إلى أن تحقيقات تجري في أميركا حول أفراد بشأن أموال سوداء أو مخالفات قانونية.
وحول مطالبات تركيا بتسليم غولن، قال غل إن ذلك مسار آخر، «لكن القناعة التي ستتوصل إليها الولايات المتحدة، وسلطاتها القضائية عقب زيارة المدعيين الأميركيين، ستؤثر إيجابا على تلك القضية». مشددا على أن تركيا تتطلع إلى أن تلبي واشنطن طلبها بتسليم غولن في إطار القوانين، مؤكدا في ذات السياق أن تركيا «تملك أدلة قوية، ويتعين على الجانب الأميركي تسليم غولن بموجب اتفاقية تسليم المجرمين بين البلدين».
ولم يبد الوزير التركي تفاؤلا كبيرا تجاه التحقيقات الأميركية بقوله إن «العملية في نهاية المطاف مختلفة في الولايات المتحدة، وقد شاهدنا أمثلة أخرى على ذلك، وحتى اليوم لم يتم الإقدام على أي خطوة إيجابية».
على صعيد آخر، قتل جندي تركي وأصيب اثنان آخران بجروح في هجوم شنه مسلحون تابعون لحزب العمال الكردستاني (المحظور)، في ولاية إغدير شرق تركيا.
وقالت مصادر عسكرية، أمس، إن مجموعة من مسلحي حزب العمال شنت هجوما عبر إطلاق صواريخ محمولة وقنابل، وأعيرة نارية ببنادق آلية، على مجموعة من قوات حرس الحدود التركية، أثناء قيامها بدورية على الحدود مع إيران، فردت القوات التركية على الهجوم، الذي أسفر عن مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين بجروح. موضحة أن قوات حرس الحدود تعتقد أن مسلحي الكردستاني هربوا إلى داخل الأراضي الإيرانية بعد الهجوم
في سياق مواز، عبر داعمون لفريق كرة قدم ينتمي إلى المناطق الكردية بجنوب شرقي تركيا عن غضبهم من المعاملة السيئة التي يتعرضون لها من جانب السلطات في البلاد، فيما أكد آخرون أن العقوبات المتكررة بحق الفريق ومشجعيه تعكس السياسة الرسمية للحكومة تجاه الأكراد في تركيا.
وعوقب فريق «أميد سبور» لكرة القدم، الفريق الأبرز في ولاية ديار بكر ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي البلاد، 63 مرة في المواسم الثلاثة الأخيرة لأسباب مختلفة، كما عوقب جمهوره 37 مرة على مدار الفترة نفسها. وبعد تشديد الحكومة التركية موقفها تجاه القضية الكردية، عقب فشل محادثات السلام مع العمال الكردستاني عام 2015؛ أصبح النادي هدفاً للعقوبات المتكررة من جانب الاتحاد التركي لكرة القدم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».