جوائز غولدن غلوبز تنطلق الليلة... الترشيحات واحتمالات الفوز

«روما» و«مولد نجمة» في المقدمة

ساندرا أو وآندي سامبيرج يفردان البساط الأحمر خارج مقر الاحتفال بجوائز غولدن غلوب والذي سيقومان بتقديمه (أ.ف.ب)
ساندرا أو وآندي سامبيرج يفردان البساط الأحمر خارج مقر الاحتفال بجوائز غولدن غلوب والذي سيقومان بتقديمه (أ.ف.ب)
TT

جوائز غولدن غلوبز تنطلق الليلة... الترشيحات واحتمالات الفوز

ساندرا أو وآندي سامبيرج يفردان البساط الأحمر خارج مقر الاحتفال بجوائز غولدن غلوب والذي سيقومان بتقديمه (أ.ف.ب)
ساندرا أو وآندي سامبيرج يفردان البساط الأحمر خارج مقر الاحتفال بجوائز غولدن غلوب والذي سيقومان بتقديمه (أ.ف.ب)

مساء الليلة بتوقيت لوس أنجليس تنطلق حفلة توزيع جوائز غولدن غلوبز وما يليها من حفلات باذخة بعدها. الحفلة الأولى مخصصة لتوزيع واحدة من أرقى وأهم جوائز السينما والتلفزيون حول العالم. الحفلات الأخرى هي للاحتفاء بالفائزين من كل المهن والمشارب، ومعظمها يتوزع في قاعات فندق هيلتون أوتيل ألقابع عند ملتقى ولشير بوليفارد وسانتا مونيكا بوليفارد في قلب المدينة.
وككل عام تتجه جهود الإعلام في الولايات المتحدة وقسم كبير من العالم لمتابعة الحفلة والنتائج. محطة NBC تبث الحفلة حياً، باقي المحطات تصوّر ما قبلها ثم ما بعدها. والجهة التي تقوم بها، «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» تجد نفسها في ذروة الاهتمام وعنواناً كبيراً من عناوين النجاح في الحياة الفنية.
وإذا كان هذا هو شأن الجمعية في كل سنة، فإن الحال تبدل منذ نحو عشر سنوات. ففي عقود سابقة نظرت هوليوود وصحافتها إلى هذه الجمعية كما لو كانت وكراً للمدعين. رهط من الصحافيين الذين يقترضون لكي يعيشوا ويراسلوا صحفهم الأجنبية مستفيدين من وجودهم في عاصمة السينما، ثم يجلسون فيما بينهم ويختارون من يستحق جوائزهم.
لقد سبق وأن كتبت عن الأفلام والسينمائيين المتنافسين على الغولدن غلوبز، لكن مع اقتراب موعد إعلان الجوائز يصبح لزاما إلقاء نظرة أقرب على ما هو متوقع ومن هو الأكثر حظاً من سواه في الوقوف على منصّة الحفل لتسلم جائزته بالنسبة لأهم هذه المسابقات.
القوائم تبدأ بالتذكير بالمنافسين ثم التوقع بمن سيفوز نسبة لموقعه قبل ساعات من إعلان النتائج. يليه السبب الوجيه الداعي لهذا التوقع ثم إذا ما كان يستحق أو لا.
- الأفلام الدرامية
> الأفلام المرشحة:
«بلاك بانثر» Black Panther
«بلاكككلانسمان» BlacKkKlansman
بوهيميان رابسودي» Bohemian Rhapsody
«لو استطاع شارع بيل الكلام» If Beale Street Could Talk
«مولد نجمة» A Star is Born
> الأقرب إلى الفوز:
«مولد نجمة».
> لماذا؟
أثار اختيار فيلم «مولد نجمة» لدخول مسابقة «الأفلام الدرامية» عوض تنافسه في فئة «الأفلام الموسيقية والكوميدية» لغطاً كبيراً ذكّـر بمصير أفلام سابقة دخلت مسابقة معينة ولو أنها، منطقياً، انتمت إلى سواها. ما يحدث أن عملية اختيار مصير فيلم لإدراجه في إحدى هاتين المسابقتين تتدخل فيها شركات الإنتاج التي تصر على مصير الأفلام التي تمتلكها. فيلم «مولد نجمة» موسيقي بالفعل (كتصنيف)، لكن شركة وورنر رغبت في ضمه إلى مسابقة الدراما، وذلك لإدراكها أن حظوظه في هذا القسم هي أعلى من حظوظه في قسم «الكوميديا والموسيقي». علماً بأنه - وبالفعل - هو فيلم درامي رغم موسيقاه.
> هل يستحق؟
نعم، لكن من ناحية احترافية محضة (أي الإخراج من زاوية الجهد المبذول لاستكمال عناصر الفيلم التقنية والفنية والدرامية) فإن الجهد المبذول في «بلاك بانثر» (بالإضافة إلى رسالته الاجتماعية) لا يُضاهى.
- الأفلام الكوميدية والموسيقية
> الأفلام المرشحة:
«آسيويون أثرياء مجانين» Crazy Rich Asians
«المفضلة» The Favourite
«كتاب أخضر» Green Book
«ماري بوبنز تعود» Mary Poppins Returns
«نائب» Vice
> الأقرب إلى الفوز:
«‪كتاب أخضر‬» أو «نائب»
> لماذا؟
نال «نائب» أعلى نسبة من الترشيحات إذ نجده مرّة ثانية في سباق الممثلين الأول (كرستيان بايل) وسباق المخرجين (أدام ماكاي) وسباق أفضل ممثل في دور مساند (سام روكوَل) وسباق أفضل ممثلة في دور مساند (آمي أدامز) وسباق أفضل سيناريو (ماكاي). لكن «كتاب أخضر» بقي المنافس الأول حسب مصادر الجمعية التي كشفت، على نحو خاص، إن هذا الفيلم الذي يقود بطولته فيغو مورتنسن ربما الفيلم الذي أثار الإعجاب الأكبر بين خلانه. وهذا الناقد يميل إلى أن هذا الفيلم (الذي يرضي النقاد والجمهور معاً) هو الأقرب إلى الفوز من «نائب».
> هل يستحق؟
لن تقع كارثة إذا ما فاز، لكن الفيلم مشغول ليكون قريباً من القلب وبعيداً عن البال، على عكس «نائب» الذي يتمتع بالصفتين معاً.
- التمثيل الرجالي الأول ـ دراما
> الممثلون المرشحون:
برادلي كوبر عن «مولد نجمة»
وليم دافو عن «بوابة الأبدية» At Eternity‪’‬s Gate
لوكاس هدجز عن «صبي ممحو» Boy Erased
رامي مالك «بوهيميان رابسودي»
جون ديفيد واشنطن عن «بلاكككلانسمان»
> الأقرب إلى الفوز:
برادلي كوبر ورامي مالك
> لماذا؟
هناك عدة مسائل تؤخذ بعين الاعتبار حول من سيفوز في هذا الملعب. برادلي كوبر الممثل الأكثر خبرة والذي يؤم الإخراج بنجاح طنطن له الإعلام، أم (المصري الأصل) رامي مالك الذي ما زال طري العود ولو أنه برهن عن جدواه في عدة أدوار سابقة وهو أقبل على تمثيل شخصية مغني فريق «ذا كوين» (فريدي مركوري) بكل ما لديه من طاقة وعزيمة لدرجة أنه أفضل ما في هذا الفيلم المتوعك في أنحاء كثيرة أخرى.
> هل تستحق؟
رامي يستحق وبرادلي يستحق كذلك وليم دافو عن دوره الأول في «بوابة الأبدية». في الحقيقة، المنافسة الشديدة كان عليها أن تكون بين رامي ووليم وليس بين رامي وبرادلي فقط.
- التمثيل النسائي الأول ـ دراما
> الممثلات المرشحات:
غلن كلوز عن «الزوجة» The Wife
ليدي غاغا عن «مولد نجمة»
نيكول كيدمان عن «مدمرة»
مليسا مكارثي عن «هل تستطيع أن تسامحني أبداً؟» Can You Ever Forgive Me‪?‬
روزمند بايك عن «حرب خاصة».
> الأقرب إلى الفوز:
ليدي غاغا ومليسا مكارثي.
> لماذا؟
فكرة وجود ليدي غاغا على المنصّة لتسلم هذه الجائزة هي بحد ذاتها ملهم للكثير من أعضاء الجمعية للتصويت لها، لذلك تأتي في مقدّمة المرشحات حتى هذه اللحظات الأخيرة. مليسا تقدم الدور المختلف في «هل تستطيع أن تسامحني أبداً؟» وكذلك تفعل نيكول كيدمان. غلن كلوز هي تفضيلي الخاص، لكن هؤلاء الثلاث (مليسا ونيكول وغلن) لا يستطعن تحويل اتجاه البوصلة عن ليدي غاغا.
> هل تستحق؟
لا.
- التمثيل الرجالي الأول كوميدي أو موسيقى
> الممثلون المرشحون:
كرستيان بايل عن «النائب»
لين مانويل ميراندا عن «ماري بوبينز تعود»
فيغو مورتنسون عن «كتاب أخضر»
روبرت ردفورد عن «العجوز والمسدس» The Old Man and the Gun
جون س. رايلي عن «ستان وأولي» Stan ‪&‬ Ollie
> الأقرب إلى الفوز:
‪كرستيان بايل‬
> لماذا؟
لجانب أن كرستيان بايل هو من أفضل ممثلي السينما حالياً يقوم بعملية تحوّل بدني وذهني لإداء شخصية نائب الرئيس الأميركي دك تشايني. هذا مشابه لما قام به رامي مالك بالنسبة لدوره في «ذا كوين». طبعاً بايل ليس وحيداً في مستواه الفني لكن مشكلة جون س. رايلي أن دوره كوميدي أكثر من أن يدفعه لأكثر من دخوله الترشيحات. ومشكلة روبرت ردفورد أنه قام بأداء أدوار أفضل في أفلام أفضل والعائق أمام لين مانويل ميراندا هو أنه ما زال محدود الخبرة خصوصاً إذا ما قيس تمثيله هنا بتمثيل الباقي. فيغو مورتنسن هو المرشح القوي الثاني في هذه المسابقة.
> هل يستحق؟
كما استحق كرستيان بايل فاز بهذه الجائزة سنة 2011 عن دوره في «المقاتل» يستحق الفوز الآن وربما أكثر.
- التمثيل النسائي الأول كوميدي أو موسيقى
> الممثلات المرشحات:
إميلي بلنت عن «ماري بوبنز تعود»
أوليڤيا كولمن عن «المفضلة»
إلسي فيشر عن «الدرجة الثامنة» Eighth Grade
تشارليز ثيرون عن «تولي» Tully
كونستانس وو عن «آسيويون أثرياء مجانين».
> الأقرب إلى الفوز:
‪أوليڤيا كولمن وإميلي بلنت‬
> لماذا؟
تؤدي أوليڤيا كولمن شخصية الملكة آن في هذا الإنتاج المزيّن بالتاريخ وبموهبة المخرج يورغوس لانتيموس. هي ذات اسم جديد وخبرة كبيرة، وهذه ميزة يمكن الاعتماد عليها وتبعاً لخبرتها تؤدي الدور بثراء وخبرة مسرحية مناسبة. إميلي بلنت هي أقرب إلى القلوب لذلك قد تلتقط الجائزة عنوة عن كولمن.
> هل تستحق؟
كلتاهما تستحق.
- أفضل تمثيل رجالي مساند
> الممثلون المرشحون:
ماهرشالا علي عن «كتاب أخضر»
تيموثي شالامت عن «صبي جميل» Beautiful Boy
أدام درايفر عن «بلاكككلانسمان».
رتشارد إ. غرانت عن «هل تستطيع أن تسامحني أبداً؟»
سام روكوَل عن «نائب»
> الأقرب إلى الفوز:
‪ماهرشالا علي وسام روكوَل‬
> لماذا؟
الدوران جيدان وتمثيلهما أرقى من أداء معظم منافسيهما، أي باستثناء رتشارد إ. غرانت. لكن هذه المسابقة بوجوهها من تلك التي يصعب التكهن بخواتمها الفعلية.
> هل يستحق؟
نعم.
- أفضل تمثيل نسائي مساند
> الممثلات المرشحات:
آمي أدامز عن «نائب»
كلير فوي عن «رجل أول» First Man
رجينا كينغ عن «لو استطاع شارع إيلم الكلام»
إيما ستون وراتشل وايز عن «المفضلة».
> الأقرب إلى الفوز:
‪رجينا كينغ‬
> لماذا؟
حتى الآن فإن الممثلات المرشحات في المسابقات النسائية الثلاث جميعاً من العنصر الأبيض. رجينا كينغ هي الوحيدة السوداء. لكن حتى بصرف النظر عن هذا العامل الذي قد يلعب خفياً، قدّمت رجينا أداء مميزاً رغم أن الشخصية التي تؤديها ليست تاريخية (وبالتالي مدروسة من نواح أكثر حضوراً) كما حال شخصيتي إيما ستون وراتشل وايز.
> هل تستحق؟
بكل تأكيد. هل ستفوز فعلاً أمر آخر.
- أفضل إخراج
> المخرجون المرشحون:
برادلي كوبر عن «مولد نجمة»
ألفونسو كوارون عن «روما»
بيتر فارلي عن «كتاب أخضر»
سبايك لي عن «بلاكككلانسمان»
أدام ماكاي عن «نائب».
> الأقرب إلى الفوز:
‪ألفونسو كوارون‬
> لماذا؟
ليس هناك من فيلم يُضاهي «روما» قيمة هذا العام. بالتالي من المنطقي وسهولة التصوّر بأن جائزة أفضل إخراج ستذهب إلى مبدعه المكسيكي الأصل ألفونسو كوارون. الآخرون جيدون جميعاً ولو بمستويات مختلفة، لكن الإخراج هو أكثر من مجرد الجودة.
> هل يستحق؟
بكل تأكيد، وسيكون من الصادم تجاوزه.
- مسابقة أفضل فيلم أجنبي
> الأفلام المرشحة:
«كفرناحوم» (لبنان)
«فتاة» (بلجيكا)
«نشالو المحلات» (اليابان)
«روما» (المكسيك)
«لا تنظر بعيداً مطلقاً» (ألمانيا).
> الأقرب إلى الفوز:
‫«روما».‬
> لماذا؟
‫لكل ما تقدم من أسباب‬ بالإضافة إلى أن «فتاة» لا يثير إلا بقدر محدود أسوة بـ«لا تنظر بعيداً مطلقاً». «نشالو المحلات» كان يمكن أن ينافس «روما» لكنه لن يستطع. ماذا عن الفيلم اللبناني؟ أحيط بالحماس لكن لا أحد يتوقع له الفوز.
> هل يستحق؟
يستحق الفوز كأفضل فيلم أجنبي هذا العام.


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».