في خسارة متعددة المحاور، تكبدت أسهم مجموعة «آبل» الأميركية العملاقة للصناعات التكنولوجية الشهيرة أكبر خسارة لها خلال جلسة واحدة في 6 سنوات، بتراجعها بنحو 10 في المائة يوم الخميس، كما تراجعت الشركة من المركز الثالث في قائمة أكبر الشركات العالمية، حيث تخطتها «ألفابت»، الشركة الأم لـ«غوغل».
وأغلقت بورصة وول ستريت الخميس على تراجع بسبب انخفاض أسهم شركات التكنولوجيا بأكثر من 5 في المائة. فعلاوة على «آبل»، تراجعت أسهم شركات أخرى، مثل «أمازون» و«فيسبوك» و«ألفابت»، بأكثر من 2.5 في المائة. وخسر مؤشر «داو جونز» الصناعي 2.83 في المائة من قيمته، متراجعاً إلى 22686.22 نقطة، فيما خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 2.48 في المائة من قيمته، متراجعاً إلى 2477.89 نقطة. أما مؤشر «ناسداك» الذي تغلُب عليه أسهم مجموعات التكنولوجيا، فخسر 3.04 في المائة من قيمته، ليصل إلى 6463.50 نقطة.
كان العضو المنتدب لشركة «آبل»، تيم كوك، قد أعلن الأربعاء، في رسالة للمستثمرين نشرت بعد انتهاء التداولات في بورصة نيويورك، أن الشركة خفضت توقعاتها للنمو خلال الربع الأول من العام المالي الجديد.
وأشار إلى أن الربع الأول من العام يمكن أن يشهد تراجعاً في المبيعات، يقدر بنحو 84 مليار دولار، أي أقل بكثير عن الـ89 مليار التي كان يتوقع تحقيقها سابقاً، مما يعود لانخفاض مبيعات هواتف «آي فون»، والتباطؤ الاقتصادي في الصين.
ومع انخفاض أسهم «آبل» بنحو 10 في المائة، تراجعت قيمتها السوقية بما يصل إلى 55 مليار دولار، لتصبح نحو 675 مليار دولار، فيما بلغت القيمة السوقية لـ«ألفابت» 680 ملياراً، لتزيحها عن المركز الثالث عالمياً، بعد كل من «مايكروسوفت» و«أمازون»، بقيمة سوقية 765 و747 مليار دولار على التوالي، علماً بأن قيمة «آبل» و«أمازون» كانت قد تخطت حاجز المليار دولار خلال العام الماضي، قبل أن تتراجعا مع تهاوي البورصات في الربع الأخير من العام الماضي.
وفي غضون ذلك، أثارت التوقعات المفاجئة التي نشرتها «آبل» عن تراجع عائداتها، وانخفاض مبيعات هواتفها الذكية «آيفون»، تساؤلات بشأن مستقبل المجموعة العملاقة التي صنفت حتى وقت قريب رائدة الإبداع في قطاع التكنولوجيا بلا منازع.
وأرجعت «آبل» الإعلان النادر عن توقعها تراجع عائداتها إلى «التباطؤ الاقتصادي» في الصين والأسواق الناشئة لدرجة فاقت التوقعات، وأشارت إلى أن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين تؤثر على مبيعات هواتفها الذكية.
لكن هذه الأنباء أثارت أسئلة بشأن إن كانت «آبل»، أول شركة أميركية تصل قيمتها السوقية إلى تريليون دولار، وأغلى شركة في العالم حتى وقت قريب، تواجه عقبات مؤقتة أم أنها بدأت بالتراجع عن موقعها الريادي.
ويشير بعض المحللين إلى اعتماد «آبل» على مبيعات «آيفون» لدفع عجلة عائدتها وأرباحها، رغم محاولتها تنويع قاعدة منتجاتها، وتقديم خدمات أكثر على غرار الموسيقى وعمليات الدفع الرقمية. وقال روجر كاي، المحلل لدى «إيندبوينت تكنولوجيز أسوشياتس»، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «(آيفون) يدعم الشركة منذ أكثر من عقد»، وأضاف أن «العالم لا يشارف على نهايته بالنسبة لـ(آبل)، لكنه منعطف رئيسي. حتى الآن، تحدت (آبل) الجاذبية عبر النمو بشكل أسرع من أي شركة أخرى في السوق.
لكن حسابياً، كان من المستحيل هزيمة السوق إلى ما لا نهاية». واعتبر كاي أن تحديد قيمة الشركة السوقية بتريليون دولار «غير منطقي»، وهو مبني على توقعات نمو الشركة، التي يستبعد أن تحققها «آبل» دون محفّز جديد.
وتتعرض «آبل»، التي سجلت نمواً في الصين رغم عدم هيمنتها، إلى ضغوط ناجمة عن الرسوم الجمركية، وغيرها من المسائل التجارية، التي ازدادت حدتها جراء توقيف المديرة المالية لشركة «هواوي» الصينية في كندا، بطلب من الولايات المتحدة. وتفوّقت «هواوي» على «آبل»، كثالث أكبر مصنع للهواتف الذكية، رغم تواجدها المحدود في الولايات المتحدة.
وورد في إعلان «آبل» رقم مخيب للآمال بشأن مبيعات «آيفون»، الدافع الرئيسي للعائدات والأرباح في عملاق التكنولوجيا في كاليفورنيا. وأفادت «آبل» بأنها تتوقع تراجع مبيعات «آيفون» في أسواق ناشئة أخرى، مما يؤدي إلى تراجع العائدات، رغم وجود بعض المؤشرات الإيجابية في الأسواق المتقدمة، وفي منتجات وخدمات الشركة الأخرى.
وخفضت الشركة التوقعات لعائداتها للربع الأول من العام المالي في 2019، الذي انتهى في 29 ديسمبر (كانون الأول)، إلى 84 مليار دولار، وهو رقم أقل بكثير من توقعات المحللين التي بلغ معدلها نحو 91 مليار دولار.
وحذر بحث أصدره جين مانستر وويل ثومبسن، من شركة «لوب فينتشرز» للاستثمارات، من أن «سهم (آبل) بات عند مفترق طرق»، وأشارا إلى أن «بعض المستثمرين سيعتبرون أن السهم تعرض للكسر... لكننا تابعنا الشركة لمدة طويلة، بما يكفي لنعرف أن هناك تقلبات دورية في علاقة السوق بـ(آبل)». وأكد الباحثان أن «آبل» ستحتاج إلى «منتج من فئة جديدة»، أو عملية استحواذ كبيرة، لتتمكن من استعادة زخمها.
ويرى بعض المحللين أن «آبل» أخطأت في رفع سعر هواتفها (آيفون) الجديدة إلى أكثر بكثير من ألف دولار في سوق الهواتف الذكية المغرق بدرجة كبيرة، وحيث تزداد حدة المنافسة. وقال ريتشارد ويندزر، المحلل في مجال التكنولوجيا الذي يساهم في مقالات في مدونة «راديو فري موبايل»: «أعتقد أن المذنب الرئيسي هو الأسعار المرتفعة للغاية التي حددتها (آبل) لأجهزة (آيفون) الجديدة»، وأضاف: «هذه ليست كارثة، ولا مؤشراً على أن (آبل) تفقد قبضتها على سوق الهواتف الذكية، لكنه مجرد سوء تقدير من قبل (آبل) بشأن كم سيدفع الناس لامتلاك جهاز (آيفون)».
وأثارت الأنباء الأخيرة الحديث عن أن «لحظة نوكيا» بانتظار «آبل»، في إشارة إلى الشركة الفنلندية التي كانت تقود سوق الهواتف المحمولة مطلع الألفية. لكن ويندزر قال «لا أعتقد بأي شكل من الأشكال أن ذلك يمثل لحظة نوكيا بالنسبة لآبل، وذلك بكل بساطة بسبب عدم وجود أي شيء بعد يشكل تحدياً جدياً لآيفون في قطاع السلع الراقية».
بدورها، رأت كارولينا ميلانيسي، من «كرييتف ستراتيجيز»، أن «آبل» متميزة بين صانعي الهواتف الذكية، نظراً لامتلاكها مجموعة من التطبيقات والخدمات التي تدر العائدات، وأفادت بأنه «رغم أنه من الصحيح أنه لا يوجد منتج واحد حقق لـ(آبل) ما حققه (آيفون)»، فإن لدى الشركة أفضلية على «جميع البائعين الآخرين الذين قد يبيعون كميات أكبر من الهواتف، لكنهم لا يمتلكون طريقة مباشرة للاستفادة مالياً من مستخدميهم بعد إتمام عملية البيع».
وأما باتريك مورهيد، من شركة «مور إنسايتس آند استراتيجي»، فقال إن «آبل» قد تكون غير قادرة على تحقيق النمو بمعدلات عشرية توقعها كثيرون في «وول ستريت»، نظراً لحال سوق الهواتف الذكية الراهن، وأضاف: «لست قلقاً بشأن الشركة»، لكنه أشار إلى أن المستثمرين سينتظرون ريثما تتمكن من إيجاد طريقة لتحقيق نمو في عائداتها «بمعدل عشري».
«آبل» تفقد في ساعات 10 % من قيمتها
«آبل» تفقد في ساعات 10 % من قيمتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة