ربيع ثقافي يمنح مدائن صالح جسراً عالمياً في «شتاء طنطورة»

ربيع ثقافي يمنح مدائن صالح جسراً عالمياً في «شتاء طنطورة»
TT

ربيع ثقافي يمنح مدائن صالح جسراً عالمياً في «شتاء طنطورة»

ربيع ثقافي يمنح مدائن صالح جسراً عالمياً في «شتاء طنطورة»

أصبح تركيز السعودية على التنمية الثقافية كجزء هام من تنمية الاقتصاد وما يعزز ذلك من صياغة للثقافة تجذب الآخر وتصدرها السعودية كعلامة التميز التي تملكها.
وأصبحت السعودية تركز اهتمامها على استثمار الوقائع التاريخية والحضارات التي مرت بها، ومنها مدائن صالح ومظلتها الأكبر محافظة العلا، وسارت البلاد في توجهاتها وإصلاحاتها في بلورة ذلك بتوسيع دائرة الاستضافات والحضور وفتح أبواب التأشيرات السياحية وفقا لتتابعية الأحداث.
لا تتوقف حركة الوفود السياحية إلى محافظة العلا، ومعها اللمعة الأولى لها، مدائن صالح أو ما تسمى بالحجر، التي تعد موقعا ذا أهمية في مكنوناته التاريخية ذات العمق الكبير على المستوى العالمي.
الموقع الأثري مدائن صالح الواقع في محافظة العلا السعودية هو «الحجر» لكن تم تغير الاسم ليصبح مدائن صالح نسبة إلى قوم ثمود، الذين سكنوا المدينة منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، ثم ارتدوا بعد إسلامهم عن دعوة النبي صالح لهم، وجاء من بعدهم أحد الشعوب العربية الواقعة في الجنوب ويطلق عليهم بنو لحيان، ثم بنو أنباط الذين أسقطوا اللحيانيين، واتخذوا مدائن صالح بيوتا لإقامتهم ومعابد لممارسة شعائرهم وقبورا لدفن موتاهم، وهم قبيلة كانت تقيم في شمال شبه الجزيرة العربية.
ونسب الأنباط مدائن صالح لأنفسهم، وساعدهم على هذا الطرح النقوش والرموز التي وضعوها على الحجر، ولكن اللحيانيين وضعوا أيضا نقوشا كثيرة ورموزا تحتاج جميعها إلى دراسة لمعرفة معناها، ومع البحث والتنقيب تبيّن أن نسب أهل مدينة الحجر يعود إلى عصر قوم ثمود واللحيانيين. وفي عام 2008 تم اختيار مدائن صالح كأحد مواقع التراث التاريخي التابعة لليونيسكو، ليكون بذلك أول موقع للتراث التاريخي في السعودية.
وكانت مدائن صالح مغلقة طوال العقود الماضية أمام الزوار بناء على فتوى دينية تحرم دخولها، لكن في سنة 2012 قررت الهيئة العامة للسياحة والآثار فتحها أمام الناس وحثتهم على زيارتها.
وتبلغ مساحة مدائن صالح 14 كيلومترا، ونظرا لما تحتويه من معابد ومقابر منحوتة، أصبح يطلق عليها البعض «المتحف المفتوح» الذي يضم آثارا قديمة تم اكتشافها، وزخرفت بالكثير من النقوش الصخرية.
وتحتوي هذه المدائن على أكثر من 130 مدفنا، تم بناؤها في الفترة بين العام الأول قبل الميلاد وحتى العام 75 ميلاديا، وسط صخور ضخمة تقف منفردة بين الرمال المتموجة، وتخصص كل مقبرة لصاحبها الذي بناها وللأجيال المتعاقبة من نسله.
وتضم المدائن معبدا يسمى الديوان، يعود تاريخه إلى عصر الدولة النبطية، وهو عبارة عن غرفة ذات شكل هندسي مستطيل توجد داخل جبل من الصخور يسمى «أثلب»، يقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدائن، وكانت هذه الغرفة تستخدم من قبل الأنباط في إقامة شعائرهم الدينية.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».