البشير يؤكد تلقيه نصحاً بالتطبيع مع إسرائيل

احتجاجات في أم درمان وحملات دهم واعتقالات واسعة في السودان

البشير يؤكد تلقيه نصحاً بالتطبيع مع إسرائيل
TT

البشير يؤكد تلقيه نصحاً بالتطبيع مع إسرائيل

البشير يؤكد تلقيه نصحاً بالتطبيع مع إسرائيل

في وقت شهدت فيه مدينة أم درمان مظاهرة احتجاجية غاضبة اليوم، مطالبين بإسقاط النظام، قال الرئيس السوداني عمر البشير، إن حكومته «لا تقتل الناس تشفياً»، بيد أنها تحاول «توفير الأمن والعيش الكريم والرفاهية». وكشف عن جهات، لم يسمها، نصحته بالتطبيع مع إسرائيل كمخرج من الأزمة التي يعانيها شعبه، لكنه رفض. وقال «نصحونا بالتطبيع مع إسرائيل لتنفرج عليكم، ونقول الأرزاق بيد الله وليست بيد أحد».
وأوضح البشير الذي كان يتحدث إلى تجمع من مشايخ الطرق الصوفية مساء أمس، أن حكومته أتت لتوفر للناس الأمن والعيش الكريم والرفاهية، وأضاف: «لكن في النهاية لا يصح إلاّ الصحيح»، مشيراً إلى قتلى الاحتجاجات بقوله: «نحن لا نقتل الناس تشفياً». وفي حين رأى أهمية «استخدام أقل قوة ممكنة» في تعاطي الأمن مع الاحتجاجات، لمح من جهة ثانية إلى أن الضرورة قد تقتضي أحياناً استخدام القوة حفظا للأمن. واعترفت الحكومة السودانية، بمقتل 19 شخصاً بينهم عسكريون، فيما قالت منظمة العفو الدولية، إن عدد القتلى بلغ 37. فيما تقول المعارضة السودانية بأن عدد القتلى تجاوز 40 قتيلاً بحسب حزبي الأمة القومي والحزب الشيوعي المعارضين.
وشهدت مدينة أم درمان مظاهرة احتجاجية غاضبة، فيما احتج عدد من النشطاء في مناطق من متفرقة مطالبين بإسقاط النظام. وخرج المئات عقب صلاة الجمعة من مسجد السيد عبد الرحمن بحي «ودنوباوي» بأم درمان، ورددوا هتافات تطالب بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير، قبل أن تفرقهم الشرطة بالغاز المسيل للدموع، فيما خرجت مجموعات شبابية محدودة في كل من بيت المال بأم درمان، وحي الصحافة بالخرطوم وهتفت بسقوط النظام، وأحرقت الإطارات.
وبحسب المراقبين، فإن سلطات الأمن «خففت» من الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها منذ اندلاع المظاهرات الشعبية في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في أكثر من 25 مدينة في السودان بما فيها العاصمة الخرطوم، احتجاجاً على الغلاء وندرة السلع الرئيسية، قبل أن تتحول إلى مظاهرات تطالب بإسقاط النظام. بدورها، شنت أجهزة الأمن السودانية حملات دهم واعتقال واسعة، استهدفت الحراك المهني وقيادات المعارضة، تحسباً لاحتجاجات دعا لها «تجمع المهنيين السودانيين»، وذلك بعد أن شهدت البلاد هدوءًا حذراً طوال يومي الأربعاء والخميس.
واقتاد ثلاثة أفراد بثياب مدنية الصحافي الحائز على جائزة «بيتر ماكلر» المكافئة للشجاعة والنزاهة فيصل محمد صالح إلى جهة غير معلومة، وذلك من مكتبه في «طيبة بريس» عصر أول من أمس، وأبلغوه بأنه مطلوب برئاسة جهاز الأمن والمخابرات، قبل أن يستولوا على هاتفه الجوال.
كما داهم رجال أمن مقر منظمة مجتمع مدني في ضاحية «الرياض» بالخرطوم، وألقوا القبض على كل من وزير الخارجية الأسبق إبراهيم طه أيوب، والأستاذ السابق بجامعة الخرطوم د. حسن عبد العاطي، والمحاضر بكلية الطب جامعة الخرطوم بروفسور منتصر الطيب، والصحافي بجريدة «الميدان» قرشي عوض. وقال حزب المؤتمر السوداني المعارض في بيان، إن جهاز الأمن اعتقل رئيس فرعيته في منطقة «كرري» طارق منصور، فيما ذكرت تقارير أن القيادي بالحراك الاتحادي المعارض صلاح عبد الله، قد اقتيد هو الآخر لجهة غير معلومة بواسطة رجال يرجح أنهم تابعون للأمن السوداني.
ويقبع عدد كبير من القادة السياسيين والنشطاء والصحافيين في معتقلات جهاز الأمن، وأبرزهم رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ورئيس الحزب الناصري ساطع الحاج، ورئيس حزب البعث القومي كمال البولاد، وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف، وعضو قيادة قطر السودان في حزب البعث العربي الاشتراكي محمد ضياء الدين، والصحافي بجريدة «الميدان» كمال كرار.
ودانت شبكة المنظمات العربية غير الحكومية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ما أطلقت عليه «ممارسة نظام الاستبداد في السودان»، وطالبت بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، والاقتصاص من كل المسؤولين عن إراقة دم الأبرياء والمدنيين العزل». وبحسب بيان مشترك صادر عن المنظمتين، فإن عدد المعتقلين في السودان بلغ 400 معتقل، بينهم قيادات المنتدى المدني السوداني، ومجموعة حراك مدني، وأعضاء شبكة المنظمات العربية غير الحكومية، وإن عضو الجمعية العمومية للشبكة والأمين العام للمنتدى المدني السوداني حسن عبد العاطي، اعتقل ومن كان معه في مكتبه من قبل جهاز الأمن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».