مساعٍ لإعادة المُقاطعين إلى «حكومة طرابلس»... وهجوم بالقذائف في سرت

مجلس الأمن يمنع صرف فوائد الأموال الليبية المُجمدة

جانب من اجتماع السراج مع مسؤولين بمقر ديوان المحاسبة في طرابلس (المجلس الرئاسي)
جانب من اجتماع السراج مع مسؤولين بمقر ديوان المحاسبة في طرابلس (المجلس الرئاسي)
TT

مساعٍ لإعادة المُقاطعين إلى «حكومة طرابلس»... وهجوم بالقذائف في سرت

جانب من اجتماع السراج مع مسؤولين بمقر ديوان المحاسبة في طرابلس (المجلس الرئاسي)
جانب من اجتماع السراج مع مسؤولين بمقر ديوان المحاسبة في طرابلس (المجلس الرئاسي)

تشهد ليبيا حالة من الحراك السياسي والأمني، تتمثل في محاولات إعادة نواب وأعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني «المقاطعين»، تحت رئاسة فائز السراج مرة ثانية، بالإضافة إلى تفعيل «مبادرة التنسيق الأمني» بين شرق البلاد وغربها. وفي غضون ذلك استيقظت مدينة سرت، التي احتفلت نهاية الشهر الماضي بذكرى «التحرر» من تنظيم داعش قبل عامين، على هجوم بالقذائف استهدف مقر بلديتها فجر أمس.
ويسعى بعض الأطراف المقربة من المجلس الرئاسي المدعوم أممياً إلى إعادة نواب السراج الثلاثة «المقاطعين»، وهم فتحي المجبري، وموسى الكوني، وعلي القطراني، بالإضافة إلى عضو المجلس عمر الأسود، وسط تباين في آراء نواب برلمانيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» حول إمكانية عودتهم أو عدمها، لكنهم أجمعوا على أن المجلس بات في حاجة إلى إصلاحات داخلية.
وبينما دعا أعيان وحكماء ونشطاء المجتمع المدني في بلدية الغريفة، الكوني إلى العدول عن استقالته، التي مرّ عليها قرابة عامين، رد الأخير بأنه «لا يزال على موقفه»، وقال: «إن الأسباب التي دعته إلى الاستقالة لا تزال قائمة ولم تتغير».
وأضاف الكوني، في بيان نقلته قناة «ليبيا الأحرار»، أمس، أن «تعدد المبادرات والاجتماعات بشأن ليبيا لم تنعكس فعلاً على أرض الواقع من أجل التخفيف من معاناة المواطن».
وكان موقع «الوسط» الإلكتروني قد نقل عن مصادر سياسية أن هناك اجتماعاً قريباً سيُعقد في العاصمة تونس، يضم نواب السراج وأعضاء المجلس المقاطعين، في حضور الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، الذي وُجِّهت إليه دعوة للحضور.
وبينما تسابق البعثة الأممية لدى ليبيا الزمن لعقد «الملتقى الجامع»، الذي يمهد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد، قال عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب، إن «الملتقى ليس هدفاً في حد ذاته»، مبرزاً أن «الهدف الأساسي هو إيجاد دستور للبلاد، ومؤسسات حقيقية تكون عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية».
وأضاف نصية في تصريح لقناة «ليبيا» أن «الملتقى يجب أن يُعقد في ظل حكومة تنفيذية واحدة، تستطيع تطبيق مخرجاته»، وتساءل عمن سيحضر هذا الملتقى، وآلية التمثيل فيه، منوهاً في السياق ذاته إلى أن «التمثيل الحقيقي لأصوات الليبيين يكون عبر صناديق الانتخاب... ولا معنى لهذا الملتقى، لأنه لن يفضي إلى شيء يمكن تطبيقه في ظل الانقسام المؤسساتي والصراع الحاصل في البلاد».
إلى ذلك بحث فتحي باش أغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق، مع عضوي مجلس النواب عن مدينة بنغازي نصر الدين مهني، وخليفة الدغاري، آليات التنسيق الأمني بين وزارتي الداخلية بين حكومتي الوفاق والمؤقتة في مدينة البيضاء «بما يحقق التكامل والدعم وتوحيد الإدارات الأمنية».
وجاء اللقاء الذي عُقد في ديوان الوزارة بطرابلس، أول من أمس، على خلفية المبادرة التي أطلقها باش أغا لتوحيد الجهود الأمنية بين الأجهزة الشرطية في الحكومتين. غير أن تلك الجهود لا تزال تراوح مكانها دون تقدم ملموس على أرض الواقع.
في شأن آخر تمسك فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، بـ«تعزيز الشفافية والمساءلة» في أثناء حديثه، أمس، خلال ورشة عمل حول حوكمة شركات القطاع العام كأداة لتحسين الأداء والحد من الفساد.
وقال السراج في اللقاء الذي جرى بمقر ديوان المحاسبة في العاصمة طرابلس، إن مجلسه «يدعم التوجه نحو تطبيق الحوكمة، وما تستهدفه من التزام وانضباط وشفافية، عبر قواعد وقوانين ومعايير تهدف إلى تحقق التميز في الأداء عن طريق أساليب فعالة، يتم بموجبها إدارة الشركات والمؤسسات العامة».
في غضون ذلك، تصدت لجنة أممية للغط الذي ساد البلاد خلال الأشهر الماضية حول مصير فوائد الأصول الليبية المجمدة في الخارج، وأوضحت أن «فوائد وأرباح الحسابات المجمدة الخاصة بالمؤسسة الليبية للاستثمار ومحفظة ليبيا، مجمدة».
ونشرت الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية «لافيكو» على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، مذكرة تلقتها من لجنة مجلس الأمن بشأن ليبيا، مفادها أن الفوائد أو الأرباح أو المدفوعات الأخرى للحسابات المجمدة للمؤسسة الليبية للاستثمار ومحفظة ليبيا، الناشئة بعد 16 سبتمبر (أيلول) 2011، مجمدة أيضاً، باستثناء الأصول التي تملكها المؤسسة والمحفظة داخل ليبيا، والتي لا تخضع فوائدها أو أرباحها لقرار التجميد.
وكانت تقارير إعلامية قد تناقلت خبراً مفاده أن الحكومة البلجيكية سمحت لمسؤولي مصرف «يوروكلير» البلجيكي بتحريك فوائد وعائدات أموال ليبية، بقيمة 300 مليون يورو سنوياً، منذ سنة 2012 لصالح هيئات ومؤسسات ليبية.
وسبق لوزير المالية البلجيكي يوهان فان أوفرفيلت أن صرح بأن سلفه أجاز تحرير فوائد الأموال الليبية في مصرف بلجيكي، وقد أقرت المؤسسة الليبية للاستثمار بتسلم فوائد الأموال المجمدة في بلجيكا، وأكدت أنها موجودة في حساباتها ولم يتم التصرف فيها. لكنها لم تحدد قيمة المبالغ التي تمثل هذه الفوائد المستلمة.
ميدانياً، تستمر قوات الجيش الوطني في تمشيط الدروب الصحراوية المتاخمة لمدن الجنوب الليبي، بحثاً عن فلول تنظيم داعش. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن سرية الاستطلاع في كتيبة (116)، التابعة للقيادة العامة للجيش، تواصل دورياتها الليلية في الجهة الجنوبية لمدينة سبها، من أجل تأمين المدينة من دخول الجماعات الإرهابية بعد هزيمتهم في اشتباكات مع قوات الجيش في بلدة غدوة. وبعيداً عن الجنوب، استيقظت مدينة سرت، المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على هجوم بقذائف «R B G»، استهدف ديوان بلدية سرت فجراً، دون وقوع أضرار كبيرة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.