رئيس حزب العمل يطرد تسيبي ليفني على الملأ

تفسّخ في قوى المعارضة الإسرائيلية

رئيس حزب العمل غباي وليفني رئيسة كتلة «هتنوعاه» (الحركة)
رئيس حزب العمل غباي وليفني رئيسة كتلة «هتنوعاه» (الحركة)
TT

رئيس حزب العمل يطرد تسيبي ليفني على الملأ

رئيس حزب العمل غباي وليفني رئيسة كتلة «هتنوعاه» (الحركة)
رئيس حزب العمل غباي وليفني رئيسة كتلة «هتنوعاه» (الحركة)

في وقت يسعى كثير من الليبراليين إلى توحيد قوى المعارضة الإسرائيلية في تكتل واحد لإسقاط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، باعتبارها الخطوة الوحيدة الممكنة لإنقاذ «حل الدولتين»، تشهد ساحة المعارضة الإسرائيلية موجة انقسامات تزيد من تفسخها وتشتتها وتعزز مكانة نتنياهو واحتمالات فوزه من جديد برئاسة الحكومة.
وتتجلى أبرز حالات التشرذم، بالقرار المفاجئ الذي أعلنه رئيس حزب العمل آفي غباي، صباح أمس الثلاثاء، بتفكيك «المعسكر الصهيوني»، وفض الشراكة مع كتلة «هتنوعاه» (الحركة)، التي تترأسها عضو الكنيست تسيبي ليفني، وقراره خوض الحزب الانتخابات البرلمانية بشكل مستقل.
وقد جاء هذا الإعلان بطريقة فظة بشكل خاص، إذ دعا غباي ليفني للجلوس معه على المنصة في مؤتمر صحافي، ليصدمها بإعلان الانفصال. وتمنى لها أن تنجح في العثور على كتلة أخرى تخوض معها الانتخابات إذا قررت مواصلة المسيرة السياسية.
وخاطبها غباي قائلاً: «كنت آمل وأتمنى أن تؤدي الشراكة بيننا إلى نمونا وتوسيع صفوفنا، وإلى نسج علاقة حقيقية وشراكة متبادلة. لكن الجمهور يرى أنها شراكة فاشلة فانفض عنا، وعليه فأتمنى لك - ليفني - النجاح في الانتخابات، في كل حزب ستكونين فيه».
وقد بدا على ليفني أنها مصدومة من القرار، فالتزمت الصمت وامتنعت عن أي رد وتركت قاعة الاجتماعات من دون أي تصريح. وفقط بعد ساعات، عقبت في بيان صحافي أنه «من الجيد أن تتضح الشكوك ويمكننا الآن التركيز على التحدي الوطني الذي أمامنا ومن المهم مواجهته، علينا أن نؤمن بهذا النهج والطريق بضرورة إحداث الانقلاب في الانتخابات المقبلة».
لكن مصادر أخرى في حركة «هتنوعاه» هاجمت غباي وقالت إنه لم يفعل شيئا من أجل تعزيز الشراكة والتعاون واختار فض الشراكة. وبحسب عضو الكنيست يويئيل حسون، وهو من رجال ليفني فإن «غباي لم يقبل في أي مرحلة مبدأ الشراكة، وتجاهل الحقيقة الساطعة بأن هذه الشراكة أثمرت 24 مقعدا في الانتخابات السابقة، وبالتالي فإن تراجع المعسكر الصهيوني في استطلاعات الرأي، جاء بسبب السياسية الفاشلة التي تعمدها غباي في قيادة الحزب».
وهوجم غباي من أوساط كثيرة في حلبة المعارضة، ممن يحاولون توحيد الصفوف. وقال أحدهم: «أنا لا أفهم هذا التصرف الفردي الأناني. نحن نسعى لإقامة تحالف واسع يضم غباي وليفني ويائير لبيد وغانتس وغيرهم. فقط بهذه الطريقة يمكن تغيير نتنياهو».
وأشار هؤلاء إلى أن ليفني أثبتت إخلاصها للوحدة، فقط قبل أسبوع، عندما توجه إليها خمسة من خصوم غباي في حزب العمل واقترحوا عليها الانسلاخ وإقامة حزب جديد برئاستها لكنها رفضت. واعتبروا طردها بهذه الطريقة إجراء لئيما استهدف إهانتها على الملأ بشكل مقصود.
إلا أن مؤيدي غباي تحدثوا عن «خطة ليفني بأن تطالب برئاسة كتلة المعسكر الصهيوني وتولي مهمة المرشحة لرئاسة الوزراء». واعتبر هؤلاء تصرف غباي بطرد ليفني «خطوة جريئة تجعله شخصية قوية في الشارع وتمكنه من إحداث اختراق يعيد حزب العمل إلى الصورة بقوة، بوصفه الحزب الثاني في الكنيست اليوم». وقال أحد النواب المقربين من غباي، إيتسيك شموئيلي، إن الوحدة يجب أن تتم بين حزب الجنرال بيني غانتس وحزب العمل بقيادة غباي. وكان لبيد، من جهته، قد أبدى تأييده لإقامة تحالف مع العمل وليفني وغانتس، لكنه اشترط لذلك أن يسير جميعهم وراءه وأن يكون هو المرشح عنهم لرئاسة الحكومة. وهو الأمر الذي يرونه «نرجسية على طريقة نتنيهو». ويتدارس مؤيدو الوحدة إمكانية أن تحل مسألة رئاسة تكتل كهذا بواسطة استطلاع عميق للرأي العام، فمن يحظ بأعلى نسبة تأييد يتوج قائدا للمعسكر.
يذكر أن هناك عدة أحزاب جديدة قامت في إسرائيل تنتمي لمعسكر الوسط الليبرالي واليسار. فبالإضافة إلى حزب غانتس، هناك حزب الجنرال يومطوف ساميا وحزب المعوقين وحزب المسنين وحزب المتضررين من ضريبة الدخل وحزب المتدينين الليبراليين. وكل هذه الأحزاب جاءت بمبادرة شخصيات تنتمي لهذا المعسكر وتسعى لجرف الأصوات من صفوفه.
ويضاف إلى ذلك كله أن حزب «كولانو» برئاسة وزير المالية، موشيه كحلون، شهد انسلاخا من أربعة نواب (من مجموع 10 نواب للحزب)، بينهم وزير الإسكان، يواف غالانت، الذين تركوا صفوف الحزب. وقد أعلن غالانت أنه سينافس على موقع في الليكود، وكافأه نتنياهو على ذلك بتعيينه وزيرا للاستيعاب.
وتركت الحزب النائبة راحيل عزاريا، التي رأت فيه حزبا يمينيا ومتطرفا على عكس ما وعدوها. كما تركه مايكل أورن، نائب الوزير في ديوان رئيس الوزراء، وسيحاول إيجاد مكان له في «الليكود». وترك الحزب إيلي أفلالو، الذي قرر اعتزال السياسة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».