ليلة عراقية صاخبة احتفالاً بالعام الجديد

رداً على تصريحات أدلى بها رجال دين انتقدت الاحتفالات

TT

ليلة عراقية صاخبة احتفالاً بالعام الجديد

فيما يبدو رداً على انتقادات وجهها رجال دين للاحتفالات برأس السنة الميلادية، أحيى العراقيون وخاصة في العاصمة بغداد ليلة صاخبة استمرت حتى ساعات متأخرة من صباح أمس بمناسبة دخول العام الجديد 2019. وبرغم إعلان قيادة عمليات بغداد نجاح خطتها الأمنية الخاصة بأعياد الميلاد والسنة الجديدة، وعدم تسجيل أي خرق أمني من قبل الجماعات الإرهابية، فإن الإطلاقات النارية الحية والألعاب النارية التي أطلقها المواطنون احتفالا بالمناسبة تسببت بوقوع 57 إصابة، طبقاً لما أعلنته وزارة الصحة العراقية، وذكرت في بيان أن 47 من حالات الإصابة سجلت في قضاء الرصافة ببغداد، 10 منها وقعت نتيجة إطلاق الرصاص الحي.
ويميل عدد غير قليل من المواطنين العراقيين إلى إطلاق النار الحي في الاحتفال بمناسبات الأعياد وفوز منتخبهم الوطني لكرة القدم في البطولات الرياضية، وهي ظاهرة مقلقة للكثير من السكان بحيث يضطر بعضهم إلى ملازمة المنازل خوفاً من التعرض للإصابة، ورغم فتوى دينية بحرمة الإطلاق العشوائي للنار، استمر المواطنون في ممارسة هذه العادة نتيجة ضعف الإجراءات التي تتخذها السلطات الأمنية ضد المخالفين.
مع ذلك، لم تمنع العيارات النارية خروج مئات الآلاف من المواطنين من منازلهم للاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، حيث غصت شوارع العاصمة وامتلأت أسواقها الكبيرة (المولات) وحدائقها بآلاف المواطنين المحتفلين رغم تحول سماء العاصمة إلى ما يشبه «الشعلة من اللهب» وبرودة المناخ. وتركزت أغلب تلك الاحتفالات في أحياء العاصمة الراقية وأسواقها مثل: «المنصور والكرداة وشارع فلسطين ومتنزهي الزوراء والسندباد».
ولم تقتصر الاحتفالات الصاخبة بأعياد الميلاد على العاصمة بغداد، بل امتدت لتشمل جميع المحافظات العراقية، بما فيها التي خضعت لسيطرة «داعش» عام 2014، مثل نينوى والأنبار، فضلا عن محافظات الوسط والجنوب وإقليم كردستان.
ويرى عدد غير قليل من البغداديين أن الاحتفال هذا العام لم يشهد له مثيل في السنوات الماضية من حيث كثافة خروج الناس إلى الأسواق والشوارع ورؤية الفرح الغامر في وجوه المحتفلين، ويعزون ذلك إلى فسحة الأمن النسبي وتخلص البلاد من آفة الإرهاب التي طاردتهم سنوات طويلة. وكان لافتاً الحضور القوي للعنصر الشبابي وبخاصة من النساء في الاحتفالات، وهو أمر يكشف، بحسب مراقبين، عن انفتاح العوائل البغدادية وعدم تأثرها كثيراً بحركات التطرف الديني التي شغلت الفضاء العراقي عام منذ عام 2003. كما يكشف عن عودة الحياة الطبيعية إلى البلاد بعد سنوات طويلة من العنف والإرهاب وملازمة العوائل لمنازلها خوفاً من التعرض للأذى عند الخروج إلى الأسواق والشوارع.
ويقول أحمد علي (29 عاما): «هذه هي المرة الأولى التي أخرج فيها للاحتفال بأعياد الميلاد. لم أصدق ما رأيت. كان احتفالاً صاحباً ورأيت الفرحة في وجوه الناس كما لم أشاهدها من قبل». ويضيف علي لـ«الشرق الأوسط»: «تطلب الأمر أكثر من ثلاث ساعات كي أصل برفقة أصدقائي إلى حي المنصور القريب في جانب الكرخ. تخيلت أن جميع البغداديين خرجوا للاحتفال. كان أمراً مذهلاً حقاً».
وعن دور الانتقادات التي وجهها رجال دين للاحتفالات برأس السنة الميلادية، يؤكد علي أن «جزءا من دافعي للخروج هو الرد على رجال الدين وانتقاداتهم. بالنسبة لي ولأصدقائي الاحتفال ومشاركة المسيحيين أعيادهم مسألة ضرورية، فالأمر لا يتعلق بانحراف عن الدين، وإنما بيوم عالمي سعيد يحييه جميع البشر تقريباً».
وكان رجل الدين مهدي الصميدعي حرّم قبل أيام تقديم التهنئة إلى المسيحيين في أعياد الميلاد، ما عرضه إلى حملة إدانات وانتقادات شعبية واسعة، وكذلك فعل في وقت سابق رئيس الوقف الشيعي علاء الموسوي وتعرض إلى انتقادات مماثلة. وقد قامت جهات حقوقية وصحافية برفع دعاوى قضائية ضد الاثنين تحت طائلة «التحريض على العنف وتغذية خطاب الكراهية ضد أحد المكونات العراقية الأساسية» وهو أمر يحاسب عليه القانون.
وتؤكد رفل قاسم (30 عاما) أنها خرجت للاحتفال من دون الالتفات إلى خطاب الكراهية الذي صدر ويصدر عن هذه الجهة أو تلك. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «راودني شعور بأننا نعيش في بلد طبيعي. كان الجميع مسرورا، ولأول مرة توافق أسرتي على الخروج بعد أن كانوا يمتنعون عن ذلك في السنوات الماضية». وتضيف: «لم نشعر بالوقت وهو يمر، حتى إننا عدنا إلى المنزل بحدود الساعة الثانية صباحا. في السابق كنا نشاهد احتفالات أعياد الميلاد عبر شاشة التلفزيون، لكن هذه المرة حضرنا بأنفسنا وكنا جزءاً من ملايين البشر الذين أحيوا المناسبة عبر العالم».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.