«سانت هيلانة»... الطريق إليها وعر والوصول إليها إنجاز

منفى نابليون بونابرت وملاذ الهاربين من إيقاع الحياة السريع

يتطلب الوصول إلى جايمس تاون النزول عبر 699 درجة سلم
يتطلب الوصول إلى جايمس تاون النزول عبر 699 درجة سلم
TT

«سانت هيلانة»... الطريق إليها وعر والوصول إليها إنجاز

يتطلب الوصول إلى جايمس تاون النزول عبر 699 درجة سلم
يتطلب الوصول إلى جايمس تاون النزول عبر 699 درجة سلم

منذ أكثر من مائتي عام، باءت جميع محاولات هروبه من منفاه بالفشل. واليوم، تحول هذا السجن الكبير، ذو الطبيعة البركانيّة السّاحرة، مقصداً سياحياً مهماً لعاشقي التاريخ والتواقين للتعرف على المكان الأخير الذي سكنه القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابرت رغماً عنه، بعدما نفاه البريطانيون، وشددوا الحراسة عليه.
إنها جزيرة سانت هيلانة التي تقع في وسط المحيط الأطلسي. واحدة من الجزر الأكثر عزلة في العالم، ولهذا السبب اختيرت كمكان مناسب لنفي بونابرت في أكتوبر (تشرين الأول) 1815، وفيها يقبع المنزل الذي لفظ فيه آخر أنفاسه في 5 مايو (أيار) 1821. ولا بد من الإشارة إلى أن قصة هذا القائد هي السبب الأهم وراء زيارة كثير من السياح للجزيرة، خصوصاً أن بنيتها التحتية لا تزال في أولها.
إلى العام الماضي فقط، شكل البحر الطريق الوحيد للوصول إليها، وكانت سفينة البريد البريطانية «آر إم إس» هي التي تُستخدم لربط الجزيرة ببريطانيا وبالعالم الأوسع منذ عام 1990، مُبحرة من مرفأ مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا.
في 2017 فقط، انطلقت أول رحلة جوية تجارية، بعد 5 سنوات من التأجيلات في افتتاح مطار سانت هيلانة، بسبب التحديات البيئية والجغرافية في الجزيرة؛ تحديات تبدأ حتى قبل هبوط الطائرة ناحية قمم بركانية وهي تقترب فوق المحيط. كل من جربها أكد أنه هبوط صعب قد يسبب كثيراً من الإزعاج لمن لا يتمتعون بقلب قوي. بيد أنه ثمن بسيط مقابل الربط السريع بين الجزيرة الواقعة في جنوب المحيط الأطلسي والعالم الخارجي، ومقابل الاستمتاع بطبيعة لم تُخربها يد الإنسان بعد.
أكثر ما يجذب السياح إلى هذه الوجهة غير العادية، إلى جانب ارتباطها بنابليون بونابرت، انعزالها عن العالم الخارجي. فهي مكان مناسب لكل من يرغب حقاً بالانفصال عن هذا العالم، وعن جميع وسائل التواصل الاجتماعي، ليختلي بنفسه ويعانق الطبيعة. فلا شبكة للهاتف المحمول فيها، والاتصالات الهاتفية فيها غالية الثمن، بحيث لا يتوقع السائح أنه يستطيع استخدام شبكة الإنترنت لفترات طويلة من الزمن. وهناك «واي فاي» في بعض المناطق المحدودة. ومع ذلك، يزورها نحو 80 سائحاً أسبوعياً منذ افتتاح المطار في أكتوبر من العام الماضي، وذلك على متن رحلة أسبوعية واحدة، تنطلق من جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، وتستغرق 6 ساعات، عن طريق العاصمة الناميبية وندهوك، وهو وقت قصير بالمقارنة مع الرحلات البحرية التي كانت تستغرق أياماً في السابق.
تبدو سانت هيلانة للوهلة الأولى مقفرة للغاية، حيث تهيمن عليها الجبال شديدة الانحدار، بصخورها البركانية المظلمة، وتكثر فيها أشجار الصفصاف، والحور، والصنوبر سكوتش، وأشجار البلوط، والأرز، واليوكالبتوس، والخيزران، والموز. بيد أن الانطباعات الأولى خادعة، فالجزيرة توفر نشاطات متنوعة، مثل: رياضة السير لمسافات طويلة، ورحلات القوارب السياحية، والغوص وصيد السمك، بالإضافة إلى تمتعها بطقس دافئ (حيث تتراوح درجة الحرارة بين 20 و24 درجة مئوية). كما يوجد بها أماكن إقامة مريحة، ووتيرة حياة لطيفة. ويستطيع السائح التمتع برحلته هذه سيراً على الأقدام، حيث يمكنه الذهاب من المرفأ إلى وسط المدينة سيراً. وفي طريقه، سيشاهد المكان الذي قضى فيه بونابرت ليلته الأولى، وهو دار «ويلنغتون هاوس» للضيافة، واسمه نسبة لاسم القائد الإنجليزي الذي دحره في معركة واترلو.

العملة والخدمات
يُستخدم جنيه سانت هيلانة المحلي (المرتبط بالجنيه الإسترليني) في أغلب عمليات الدفع في المنتجع. وتتبع إدارة الجزيرة مكتب الخارجية والكومنولث في العاصمة لندن بشكل مباشر. وقيادة السيارات، القليلة هناك، إلى ناحية اليسار. كما أن اللغة الرسمية هي الإنجليزية، وذلك رغم أن سكان الجزيرة، البالغ عددهم 4500 نسمة، يتحدثون بلكنة مختلفة فريدة. للإقامة، تقدم جزيرة سانت هيلانة اليوم خيارات متعددة، من استئجار بيوت ريفية صغيرة، ودور ضيافة، ولكن كثيراً منها لا يوجد على الإنترنت، ويمكن الاتصال بها فقط من خلال مكتب سياحي، إلى الإقامة في فندق «فارم لودج» الريفي، أو فندق «مانتيس سانت هيلانة» الفخم، في العاصمة جيمستاون، ويتكون من 40 غرفة نوم، وقد افتُتح العام الماضي. تمتعت الجزيرة التي يعتبرها البعض «المكان الأكثر عزلة في العالم» منذ قرون بروابط مع أوروبا. ومن جانبهم، استخدم البرتغاليون بعد اكتشافها في عام 1502 الأرض غير المأهولة، التي تبلغ مساحتها 121 كيلومتراً مربعاً، كمحطة تموين. فأدخلوا الماشية، وزرعوا أشجار الفاكهة، وخزنوا مياه الشرب.
وفي الوقت نفسه، طمعت قوى أوروبية أخرى في الحصول على الموقع الاستراتيجي، لدرجة وصلت إلى حد تقاتل الهولنديين والبريطانيين على الجزيرة. وفي عام 1657، منح التاج البريطاني حقوق إدارة سانت هيلانة إلى «شركة الهند الشرقية» البريطانية، التي بدأت بتحصينها واستعمارها بالمزارعين.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

نافورة تريفي في روما تستقبل زوارها بعد إعادة افتتاحها (صور)

رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)
رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)
TT

نافورة تريفي في روما تستقبل زوارها بعد إعادة افتتاحها (صور)

رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)
رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)

أُعيد افتتاح نافورة تريفي الشهيرة، رسمياً، بعد أعمال تنظيف استمرت أسابيع، وقررت البلدية الحد من عدد الزوار إلى 400 في آن واحد، وفق ما أعلن رئيس بلدية روما، روبرتو غوالتيري، أمس الأحد.

وقال غوالتيري، أمام هذا المَعلم الذي اشتُهر بفضل فيلم «لا دولتشه فيتا»: «يمكن أن يوجد هنا 400 شخص في وقت واحد (...) والهدف هو السماح للجميع بالاستفادة إلى أقصى حد من النافورة، دون حشود أو ارتباك»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)

وأشار إلى إمكان تعديل هذا العدد، في نهاية مرحلة الاختبار التي لم تحدَّد مدتها.

ولفت رئيس بلدية العاصمة الإيطالية إلى أن البلدية ستدرس، في الأشهر المقبلة، إمكان فرض «تذكرة دخول بسيطة» لتمويل أعمال مختلفة؛ بينها صيانة النافورة.

قررت البلدية الحد من عدد الزوار إلى 400 في آن واحد (رويترز)

وقال كلاوديو باريسي بريسيتشي، المسؤول عن الأصول الثقافية في دار البلدية، لـ«وكالة السحافة الفرنسية»، إن العمل على معالم روما، بما في ذلك نافورة تريفي، جرى بطريقة «تعيد إلى المدينة غالبية الآثار في الوقت المناسب لبدء يوبيل الكنيسة الكاثوليكية» الذي يبدأ في 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

سائح يلتقط صورة تذكارية بجانب النافورة (إ.ب.أ)

وأضاف: «استغرق العمل ثلاثة أشهر، بجهد إجمالي هائل سمح لنا بإغلاق المواقع، في وقت سابق (...) إنها عملية شاملة للتنظيف، وإزالة عناصر التدهور والأعشاب الضارة والترسبات الكلسية، وقد أثمرت نتائج استثنائية».

يزور النافورة سائحون يتراوح عددهم في الأوقات العادية بين عشرة آلاف واثني عشر ألف زائر يومياً (إ.ب.أ)

هذه التحفة الفنية الباروكية المبنية على واجهة أحد القصور تُعدّ من أكثر المواقع شعبية في روما، وقد اشتهرت من خلال فيلم «لا دولتشه فيتا» للمُخرج فيديريكو فيليني، والذي دعت فيه أنيتا إيكبيرغ شريكها في بطولة الفيلم مارتشيلو ماستروياني للانضمام إلى حوض النافورة.

وأُقيم الحفل، الأحد، تحت أمطار خفيفة، بحضور مئات السائحين، قلّد كثير منهم رئيس البلدية من خلال رمي عملات معدنية في النافورة.

تقليدياً، يعمد كثير من السياح الذين كان يتراوح عددهم في الأوقات العادية بين عشرة آلاف واثني عشر ألف زائر يومياً، إلى رمي العملات المعدنية في النافورة؛ لاعتقادهم أن ذلك يجلب لهم الحظ السعيد ويضمن عودتهم إلى روما.

التحفة الفنية الباروكية المبنية على واجهة أحد القصور من أكثر المواقع شعبية في روما (رويترز)

وفي العادة، تستردّ السلطات نحو 10 آلاف يورو أسبوعياً من هذه العملات المعدنية، تُدفع لمنظمة «كاريتاس» الخيرية لتمويل وجبات طعام للفقراء.