وسط الحروب.. العالم يتذكر «العظمى»

دعوات في احتفالات خاصة إلى «استخلاص العبر»

الرئيس هولاند (يمين) يتحدث إلى الأمير ويليام بينما تجلس بينهما دوقة كمبردج كاثرين خلال مراسم إحياء ذكرى الحرب العالمية في مدينة لييج البلجيكية أمس (أ.ف.ب)
الرئيس هولاند (يمين) يتحدث إلى الأمير ويليام بينما تجلس بينهما دوقة كمبردج كاثرين خلال مراسم إحياء ذكرى الحرب العالمية في مدينة لييج البلجيكية أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط الحروب.. العالم يتذكر «العظمى»

الرئيس هولاند (يمين) يتحدث إلى الأمير ويليام بينما تجلس بينهما دوقة كمبردج كاثرين خلال مراسم إحياء ذكرى الحرب العالمية في مدينة لييج البلجيكية أمس (أ.ف.ب)
الرئيس هولاند (يمين) يتحدث إلى الأمير ويليام بينما تجلس بينهما دوقة كمبردج كاثرين خلال مراسم إحياء ذكرى الحرب العالمية في مدينة لييج البلجيكية أمس (أ.ف.ب)


اجتمع القادة الأوروبيون في مدينة لييج بشرق بلجيكا أمس لإحياء الذكرى المئوية لاجتياح بلجيكا من قبل القوات الألمانية ومن ثم انطلاق الحرب العالمية الأولى (المسماة أيضا الحرب العظمى)، ودعوا بالمناسبة إلى «استخلاص العبر» من الماضي وسط تصاعد الأزمات من أوكرانيا إلى غزة. وقال ملك بلجيكا فيليب في خطابه بأن «أوروبا التي يسودها السلام، أوروبا الموحدة، أوروبا الديمقراطية. جدودنا حلموا بها وأنجزناها اليوم، فلنعتز بها ونواصل تحسينها». أما رئيس الوزراء البلجيكي إيليو دي روبيو فرأى أنه «من دون احترام الآخر والتسامح، لن يكون هناك سلام ممكن»، وذلك بعد تكريم آلاف الضحايا المدنيين البلجيكيين الذين «قتلوا في هذا الشهر المشؤوم في أغسطس (آب) 1914. بيد المحتل».
بدوره، شدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على أنه «لا يمكننا أن نكون مجرد حراس للسلام نستعيد ذكريات الماضي. نحن أيضا أمام مسؤولياتنا»، قبل أن يتطرق مطولا إلى الأزمة في أوكرانيا حيث أسقطت طائرة مدنية ماليزية وإلى «المجازر بحق المدنيين» في سوريا والعراق ومأساة قطاع غزة. ولجأ هولاند إلى أسلوب التكرار لدعوة أوروبا والأمم المتحدة إلى التحرك بفعالية أكبر لصالح السلام، وقال: «لقد أشرت إلى موقف بلجيكا الحيادي الذي انتهك مرتين لكن الحيادية اليوم لم تعد تنفع»، مذكرا بغزو القوات الألمانية لبلجيكا مرتين خلال الحربين العالميتين في انتهاك لحيادها. وأضاف: «كيف يمكننا البقاء على الحياد عندما يكون شعب في بلد قريب من أوروبا يقاتل من أجل حقوقه ووحدة أراضيه؟ كيف نبقى على الحياد عندما يتم إسقاط طائرة مدنية في أوكرانيا؟ كيف نبقى على الحياد أمام المجازر التي يتعرض لها مدنيون في العراق وفي سوريا حيث تتعرض الأقليات للاضطهاد؟ كيف نبقى على الحياد عندما تهدد وحدة أراضي بلد صديق مثل لبنان؟ كيف نبقى على الحياد عندما يدور نزاع دام في غزة منذ أكثر من شهر؟». وتابع: «الخطر الكبير المحدق هو عودة أنانية البلدان والنزعة الانفصالية وكره الأجانب» حاملا «رسالة سلام». وأوضح «هناك واجب يلزمنا التحرك وعلى أوروبا تحمل المسؤولية مع الأمم المتحدة أنها الرسالة التي علينا أن نتذكرها من هذا اليوم».
الرئيس الألماني يواخيم غاوك لم يطلب في كلمته العفو، لكنه دعا إلى «استخلاص العبر المريرة والرهيبة» من الماضي. وقال: «اليوم في أوروبا حلت قوة القانون محل قانون الغاب». وقال غاوك: «لا يمكننا البقاء غير مبالين إذا جرى انتهاك حقوق الإنسان أو التهديد بالعنف أو ممارسته بالفعل»، لكنه لم يتطرق إلى الصراعات الحالية في منطقة الشرق الأوسط أو أوكرانيا. وأشار غاوك في خضم حديثه إلى الجرائم الألمانية في الحرب العالمية الأولى، قائلا إن «النزعة القومية أوشكت على تغييب قلوبنا وعقولنا».
بدوره، قال الأمير ويليام ممثل بريطانيا وبلدان الكومنولث التي شاركت في تلك الحرب الدامية، إن «أحداث أوكرانيا تذكرنا بأن انعدام الاستقرار ما زال ينتشر في قارتنا». وتمثلت النمسا وأرمينيا وآيرلندا وصربيا ومونتينيغرو ورومانيا وبلغاريا وألبانيا هي الأخرى برؤسائها في الاجتماع. وفي المجموع دعا ملك بلجيكا 83 دولة شاركت في الحرب العالمية الأولى إلى إحياء تلك الذكرى.
وبالمناسبة انتشرت تعزيزات أمنية كبيرة شملت 650 شرطيا في المدينة لضمان أمن نحو 15 من الملوك ورؤساء الدول بمن فيهم الملك فيليبي السادس ملك إسبانيا والرئيسان الفرنسي والألماني والأمير ويليام ممثل بريطانيا ترافقه زوجته كيت. وبالتالي اضطرت غالبية السكان إلى الاكتفاء بشاشات عملاقة لمتابعة الاحتفالات، أما سكان الجوار فقد أمروا بملازمة منازلهم وإغلاق نوافذهم.
وكانت المراسم بدأت من حي سان لوران العسكري حيث استقبل الملك فيليب وزوجته الوفود الأجنبية ثم انتقل معهم قبيل الظهر إلى نصب كوينت التذكاري الذي يرمز إلى تكريم الحلفاء في المدينة لمقاومتهم الغزاة الألمان. وفي نهاية الحفل، أطلقت اثنتا عشرة طلقة مدفعية للتذكير بالمقاومة البطولية لأبراج لييج المحصنة الاثني عشر أمام الاجتياح الألماني. وبعدها توجهت الوفود إلى قصر المقاطعة لتناول الغداء.
وعلى هامش المراسم، توجه الأمير ويليام وزوجته إلى مقبرة سانت سمفوريان العسكرية الصغيرة في مونس، للمشاركة في مراسم تكريم الجنود القتلى مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون والأمير هاري. وفي هذه المقبرة يرقد أول جندي بريطاني قتل خلال الحرب العالمية الأولى وآخرهم الذي قتل في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1918 يوم وقف إطلاق النار الذي وضع حدا للأعمال العسكرية.
وبعد اختلاط بالحشود برفقة الزوجين الملكيين البلجيكيين شارك هولاند من جهته في حفل فرنسي بلجيكي في مبنى بلدية لييج. وصرح هولاند «قبل 100 عام نشأ بين فرنسا وبلجيكا رابط دم لا يمكن لشيء حله، وفي الوقت نفسه، إرادة مشتركة في السلام».
وبحكم التحالفات، أثار اجتياح بلجيكا في الرابع من أغسطس 1914 الأعمال العدائية في الحرب العالمية الأولى، بعد انتهاك ألمانيا حياد المملكة الصغيرة للإطباق على القوات الفرنسية.
وصمدت الحاميات والأبراج الاثنا عشر المحيطة بلييج عدة أيام أمام قصف المدفعية الألمانية التي لم تتغلب عليها إلا باللجوء لأول مرة إلى مدافع من عيار 420 ملم المعروفة باسم «برتا الضخمة». ورغم سقوط المدينة في 16 أغسطس، سمحت مقاومتها غير المتوقعة بتأخير زحف قسم من القوات الألمانية، فوفرت مهلة قصيرة ثمينة للحليفين الفرنسي والبريطاني. وأشادت الصحافة الأنغلو-سكسونية «ببلجيكا الصغيرة الشجاعة». وانتقمت القوات الألمانية من تلك المقاومة بارتكاب فظائع أودت بـ6500 مدني وأثارت استنكار العالم الغربي.
وفي بريطانيا أيضا جرى أمس الاحتفال بالذكرى المئوية لإعلان الحرب على ألمانيا بسهرة شموع في دير وستمينستر في لندن، وتسيير موكب مؤلف من سيارات تعود إلى تلك الفترة ومراسم دينية. وعلى مسافة آلاف الكيلومترات، في أستراليا ونيوزيلندا، جرى تكريم عشرات الجنود المتحدرين من هذين البلدين الذين سقطوا في المعارك خلال الحرب العالمية الأولى.



برلين تحذر أنصار الأسد من أنهم سيلاحَقون إذا دخلوا ألمانيا

وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
TT

برلين تحذر أنصار الأسد من أنهم سيلاحَقون إذا دخلوا ألمانيا

وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

حذرت وزيرتان في الحكومة الألمانية، الأحد، من أنه ستجري إحالة أنصار الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى القضاء إذا فروا إلى ألمانيا.

وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» الأسبوعية: «سنحاسب جميع رجال النظام على جرائمهم المروعة بكل ما يسمح به القانون من شدة».

من جهتها، قالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر للصحيفة نفسها: «إن حاول رجال نظام الأسد المروع الفرار إلى ألمانيا، فعليهم أن يعلموا أنه ليس هناك عملياً أي دولة تلاحق جرائمهم بالشدة التي تلاحقها بها ألمانيا». وأضافت: «كل من كان ضالعاً في فظاعات ليس بمأمن من الملاحقات هنا».

ودعت بيربوك إلى أن «تعمل السلطات الأمنية الدولية وأجهزة الاستخبارات معاً بشكل وثيق إلى أقصى حد ممكن»، وسبق أن أدانت ألمانيا قضائياً عدداً من مسؤولي حكومة الأسد عملاً بمبدأ الاختصاص الدولي الذي يسمح بإجراء محاكمةٍ أياً كان مكان ارتكاب الجرائم.

وحكم القضاء الألماني في يناير (كانون الثاني) 2022 بالسجن مدى الحياة على الضابط السابق في المخابرات السورية أنور رسلان لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ إذ عُدَّ مسؤولاً عن مقتل 27 معتقلاً، وتعذيب 4 آلاف آخرين على الأقل في معتقل سرّي للنظام في دمشق بين 2011 و2012.

وبعد عام في فبراير (شباط) 2023 في برلين، حُكم بالسجن مدى الحياة على عنصر في ميليشيا موالية للنظام السوري أُوقِفَ في ألمانيا في 2021، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

كما يحاكَم حالياً في فرنكفورت الطبيب العسكري السوري علاء موسى لاتهامه بالتعذيب والقتل، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية في مستشفيات عسكرية سورية.

كما لاحقت السلطات الألمانية أفراداً لم يكونوا أعضاءً في حكومة الأسد لارتكابهم جرائم في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 وجَّه مدَّعون عامّون ألمان التهمة رسمياً إلى سورييْن يُشتبه بانتمائهما إلى تنظيم «داعش»، بارتكاب جرائم حرب في محيط دمشق.

وتؤوي ألمانيا أكبر جالية سورية في أوروبا بعد استقبالها نحو مليون نازح ولاجئ فارين من هذا البلد جراء الحرب.