الفضائيات ووسائل التواصل تواجه تهمة تهميش اللغة العربية

«العربيزي» والمصطلحات الغربية واللهجات الدارجة من ظواهر تراجع {الفصحى}

إيرينا بوكوفا والدكتور زياد الدريس سفير السعودية لدى المنظمة خلال احتفالية اليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونيسكو بباريس (اليونيسكو)
إيرينا بوكوفا والدكتور زياد الدريس سفير السعودية لدى المنظمة خلال احتفالية اليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونيسكو بباريس (اليونيسكو)
TT

الفضائيات ووسائل التواصل تواجه تهمة تهميش اللغة العربية

إيرينا بوكوفا والدكتور زياد الدريس سفير السعودية لدى المنظمة خلال احتفالية اليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونيسكو بباريس (اليونيسكو)
إيرينا بوكوفا والدكتور زياد الدريس سفير السعودية لدى المنظمة خلال احتفالية اليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونيسكو بباريس (اليونيسكو)

الجدل حول تأثير وسائل الإعلام العربية والفضائيات بشكل خاص على الثقافة هو جدل دائم يتغير محوره من التأثير على القيم المجتمعية إلى التأثير على الأطفال والمراهقين وعلى الذائقة العامة إلى الجدل حول تأثير هذا الإعلام على اللغة العربية، وهو الموضوع الذي طرحته عدة جلسات نقاشية أقيمت بمقر اليونيسكو في باريس بمناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية، 18 ديسمبر (كانون الأول).
«لا أحد يعشق لغته كما يفعل العرب».. بهذه الكلمات أطلق سفير السعودية لدى المنظمة الدكتور زياد الدريس جلسات اليوم الحافل. وأضاف الدكتور الدريس وهو رئيس خطة «أرابيا» لتنمية الثقافة العربية في اليونيسكو: «كيف نعبر عن حب اللغة العربية؟ الأمر بسيط جدا.. يكفي أن نمارسها. من غير المفيد الثناء على لغة ما، فالأهم من ذلك هو أن نتحدث بتلك اللغة».
شارك في جلسات النقاش أو الندوات عدد كبير من الإعلاميين والمهتمين، وطرح من خلالها عدد ضخم من الأسئلة بعضها وجد الإجابة والكثير منها ما زال مطروحا ينتظر.
الندوة الأولى حملت عنوان «هل ساهمت الفضائيات العربية في نشر اللغة خارج الحدود؟»، وشارك فيها إعلاميون من قناة «العربية» وصحيفة «الحياة» ومحطة «إم بي سي» و«تلفزيون دبي» والتلفزة الموريتانية. حسين فياض قنيبر من قناة «العربية» رأى الجانب الإيجابي لعنوان الندوة، وقال إن الفضائيات ساهمت في تعريف أبناء المهاجرين خارج العالم العربي بلغتهم الأم، وأضاف أن «هناك جيلا من أبناء المهاجرين يعرف اللغة عبر الفضائيات عن طريق برامجها المتنوعة». غير أنه أيضا لمح إلى الجانب السلبي لتلك البرامج، مشيرا إلى أن بعض البرامج المخصصة للأطفال قد تضررت من ضعف المستوى اللغوي للمذيعين رغم أنها تحمل رسالة تعليمية هادفة استفادت منها الجماهير.
من جانبه، اتجه عثمان نجاري من قناة «ميدي1» المغربية إلى تحديد مفهوم «اللغة العربية»، مبينا أن هناك أنماطا من اللغة العربية تستخدم في القنوات العربية وتختلف من منطقة لأخرى، وتساءل: «أي لغة عربية نريد أن تنشرها القنوات؟». واختلف نجاري مع قنيبر حول تأثير تلك القنوات في نشر العربية خارج الحدود، مشيرا إلى أن «ظهور القنوات ساهم في نشر روح وثقافة اللغة بالتأكيد، وإن كان دورها في نشرها كلغة خارج حدود العالم العربي ليس واضحا». وتبنى عبده وازن من صحيفة «الحياة» النقطة الأخيرة، قائلا إنه يتحفظ على عنوان الندوة، مضيفا: «السؤال يجب أن يكون: هل ساهمت القنوات في نشر العربية داخل الحدود؟»، مشيرا إلى استبيان أجرته جريدة «الحياة» أثبت تراجع استخدام اللغة العربية لدى الجيل الرابع من المغتربين. وذهب وزان إلى أبعد من العرب في الخارج، متسائلا عن حال اللغة العربية داخل البلدان الناطقة بها، قائلا إنها في تراجع، ملقيا باللوم على «العولمة» والإنترنت.
أما عن تأثير المسلسلات الأجنبية التي «تدبلج» باللغة العربية، فأشار وازن إلى أن ذلك تراجع بعد أن حلت اللهجات العربية الدارجة، مثل اللهجة السورية، محل اللغة الفصحى.
الندوة طرحت آراء مختلفة واحتدم النقاش حول أثر الفضائيات في تعزيز العربية لدى المهاجرين بين من قال إنها لم تلعب دورا كبيرا في ذلك وإنها فقط أصبحت رابطا بين المهاجر ووطنه، وفي المقابل هناك من أكد على دور تلك الفضائيات في تعريف أبناء المهاجرين بلغتهم الأم.
استخدام اللهجات المحلية واللغة الدارجة وأيضا الكلمات الأجنبية كله بات مألوفا في القنوات العربية، وهو ما أدار دفة الحديث إلى دور المذيعين، حيث أشار البعض إلى ضعف مستوى اللغة لدى الكثير منهم. وكان لمصطفى الآغا من قناة «إم بي سي» مداخلة طرحت سؤالا جديدا وأدخلت طرفا جديدا في المعادلة، حيث قال: «من أين تأتي الفضائيات بمذيعيها؟ هم نتاج مجتمعاتهم. ولهذا يجب أن تقوم وزارات التربية والتعليم أولا بدورها في تعليم اللغة العربية»، وأضاف: «ليس مطلوبا من الإعلامي أن يكون متخصصا في اللغة، يكفي أن يؤدي عمله بشكل يحترم قواعد اللغة فقط». واختار الآغا أن يشيد بالدور الإيجابي الذي لعبته الفضائيات في إنتاج أعمال درامية ضخمة بالعربية الفصحى مثل مسلسل «عمر».

* دور الإعلام الجديد والإنترنت في إعادة الشباب للغته
* من الصعب تناول تأثير الإعلام في الحفاظ على اللغة العربية من دون أن تتجه دفة الحديث إلى الإنترنت ووسائل الإعلام الجديدة التي نالت نصيبها من الاتهامات بتهميش العربية لصالح الإنجليزية وأيضا تأثيرها في خلق لغة جديدة أطلق الخبراء عليها اسم «العربيزي»، وهي اللغة التي يستخدمها الشباب في الأغلب للتواصل في ما بينهم عبر استخدام الحروف والأرقام الأجنبية لكتابة الكلمات العربية.
الندوة الثانية في احتفالية يوم اللغة العربية باليونيسكو أخذت على عاتقها استكشاف تأثير وسائل الإعلام الجديدة والإنترنت على اللغة العربية. وكان لا بد من التسليم بوجود تلك اللغة الهجينة «العربيزي» وانتشارها وأيضا انتشار استخدام المصطلحات الأجنبية بدلا من العربية بشكل واسع. عمار بكار الباحث الإعلامي أشار إلى قصور الوعي الاجتماعي بخطر عدم استخدام العربية، ولكنه في الوقت نفسه أكد عدم وجود مجمع لغوي ناشط في العالم العربي يتولى الوصول إلى مرادفات عربية لكل مصطلحات الإعلام الجديدة.
من جانب آخر، فضل فائق عويس من شركة «غوغل Google»، وكافا غريب من «تويتر Twitter»، تناول جهود التعريب التي تقوم بها الشركتان ونسبة المحتوى العربي لديهما.. فأشار عويس إلى أن اللغة العربية تحتل المركز السابع في قائمة أكثر اللغات استخداما على الإنترنت، والمركز السادس من حيث الاستخدام في «تويتر». ولكنه أيضا أشار إلى أن المحتوى العربي على الإنترنت لا يتجاوز 3 في المائة من الموجود. أما كافا غريب، فأشار إلى أن مستخدمي «تويتر» يطلقون 27 مليون تغريدة بالعربية يوميا.
ومن الناحية التقنية، تحدث مجد عبار من معهد قطر لبحوث الحوسبة عن أسباب نقص المحتوى العربي على الإنترنت، قائلا إن أحدها هو تقنية التعرف على الحروف، وأيضا إلى عدم مراعاة قانون الملكية الفكرية في المنطقة العربية، حيث تنسخ المواد من دون مراعاة لذلك، وهو ما أدى إلى تقلص المحتوى العربي.
محمد النغيمش الكاتب بصحيفة «الشرق الأوسط» أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تغيير شكل اللغة، حيث اتجهت بها إلى الاختصار والاقتصاد في الكلمات بدلا من الإسهاب. كما أشار إلى انتشار المدونات العربية واستخدام وسائل التواصل كوسائل لنشر الأخبار.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».