أحداث 2013 .. أكراد سوريا واجهوا المقاتلين المتشددين قبل أن يعلنوا «إدارة انتقالية»

اتفقوا على المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» بـ«رؤية موحدة»

أحداث 2013 .. أكراد سوريا واجهوا المقاتلين المتشددين قبل أن يعلنوا «إدارة انتقالية»
TT

أحداث 2013 .. أكراد سوريا واجهوا المقاتلين المتشددين قبل أن يعلنوا «إدارة انتقالية»

أحداث 2013 .. أكراد سوريا واجهوا المقاتلين المتشددين قبل أن يعلنوا «إدارة انتقالية»

تمكن أكراد سوريا مع نهاية عام 2013 من تجاوز خلافاتهم فيما يتعلق بالمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» المقرر عقده في الثاني والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) 2014، إذ اتفق «المجلس الوطني الكردي» وهو أحد مكونات «الائتلاف الوطني المعارض» وحزب «الاتحاد الديمقراطي» وهو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني على الذهاب بوفد واحد إلى مؤتمر السلام الدولي لإنهاء الصراع في سوريا. وخاضت القوى الكردية في سوريا خلال عام 2013 معارك ضارية ضد التنظيمات الإسلامية المتشددة كالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) و«جبهة النصرة»، وتمكنت من تحقيق تقدم ميداني وفر لها السيطرة على مناطق شاسعة ذات غالبية كردية وأتاح لها الإعلان عن مشروع تشكيل إدارة مرحلية انتقالية في المناطق في شمال سوريا وشمالها الشرقي.
وتولى حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي برئاسة صالح المسلم، مهمة الإعلان عن تشكيل إدارة انتقالية تقسم بموجبها المنطقة الكردية في سوريا إلى ثلاث مناطق يكون لكل منها مجلسها المحلي الخاص وممثلون في المجلس الإقليمي العام. كما تعمل هذه الإدارة على إعداد قوانين الانتخابات المحلية والتحضير للانتخابات العامة وإقرار القوانين إضافة إلى البت بالقضايا السياسية العسكرية الأمنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة وسوريا. وجاء هذا الإعلان بعد التقدم الميداني الذي أحرزته وحدات «حماية الشعب» الكردية التي يقودها حزب «الاتحاد الديمقراطي» خلال المعارك. وسيطر المقاتلون الأكراد على أكثر من 24 قرية ونقطة عسكرية، وكان آخر هذه القرى تل حلف وأصفر نجار في ريف رأس العين في محافظة الحسكة السورية.
وكان رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، صالح المسلم أعلن «قرب انتهاء تحرير كافة المناطق الكردية»، مشيرا إلى أن «الوحدات الكردية تسيطر بصورة كاملة على أكثر من 30 ألف كيلومتر مربع من المناطق الكردية بسوريا».
وتمتد هذه المساحة من أقصى الشمال الشرقي لمنطقة الحدود السورية - العراقية باتجاه اليعربية والقحطانية والجوادية، مرورا بريف القامشلي الشمالي وصولا إلى عامودا والدرباسية وتل تمر، إضافة إلى سيطرتهم على غرب مدينة «تل أبيض» ومنطقتي «عين العرب» و«عفرين».
وتشير تقارير إعلامية متقاطعة إلى أن القوات النظامية لم تعترض تقدم المقاتلين الأكراد.
وعلى الرغم من أن المجلس الوطني الكردي الذي انضوى أخيرا في صفوف «الائتلاف الوطني المعارض» لم يوافق على خطوة إعلان إدارة كردية انتقالية، معتبرا إياها «متسرعة وأحادية الجانب»، فإن ذلك لم يمنعه من عقد اتفاق مع بقية الأطراف الكردية، بعد أسبوع من المفاوضات في أربيل برعاية رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. ونص الاتفاق على ثلاث نقاط منها تقديم «رؤية موحدة إلى مؤتمر جنيف 2» وانتخاب رئيس «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي» عبد الحميد درويش ورئيس «الاتحاد السياسي» عبد الحكيم بشار لتمثيل الأكراد في «الوفد الموحد» للمعارضة. في حين بقي الخلاف حول الموقف من تشكيل قوة عسكرية موحدة وقيام إدارة ذاتية كردية في شمال البلاد وشمالها الشرقي وفق ما اقترحه «الاتحاد الديمقراطي الكردي».
يشار إلى أن الأكراد يمثلون نحو 15 في المائة من مجموع سكان سوريا، وتدار مناطقهم في شمال سوريا من قبل مجالس كردية محلية منذ انسحبت منها قوات النظام السوري في منتصف عام 2012.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».