«داعش» يهز حكومة عبد المهدي ويضعه أمام أصعب الخيارات

وزيرة عرضت استقالتها بسبب ظهور شقيقها في فيديو دعائي للتنظيم

طاقم طبي يفحص أبناء روس يشتبه بقتالهم مع {داعش} في العراق قبل استقلالهم طائرة أرسلتها موسكو في مطار بغداد أمس (إ.ب.أ)
طاقم طبي يفحص أبناء روس يشتبه بقتالهم مع {داعش} في العراق قبل استقلالهم طائرة أرسلتها موسكو في مطار بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

«داعش» يهز حكومة عبد المهدي ويضعه أمام أصعب الخيارات

طاقم طبي يفحص أبناء روس يشتبه بقتالهم مع {داعش} في العراق قبل استقلالهم طائرة أرسلتها موسكو في مطار بغداد أمس (إ.ب.أ)
طاقم طبي يفحص أبناء روس يشتبه بقتالهم مع {داعش} في العراق قبل استقلالهم طائرة أرسلتها موسكو في مطار بغداد أمس (إ.ب.أ)

بعد نحو أقل من أسبوع على تصويت البرلمان على وزيرة التربية الدكتورة شيماء الحيالي، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لتنظيم داعش ظهر فيما بعد أنه لشقيق الوزيرة التي لم تؤدِ اليمين الدستورية بعد أمام البرلمان، بسبب عطلة الفصل التشريعي، وهي مرشحة زعيم «المشروع العربي» خميس الخنجر الذي هو جزء من المحور الوطني (السني) المنضوي في كتلة «البناء» التي يتزعمها هادي العامري.
تداول الفيديو دفع الوزيرة إلى وضع استقالتها بيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وقالت في بيان أمس: «أنا امرأة عراقية قبل كل شيء، مستقلة ولم أعمل يوماً مع أي حزب أو تكتل سياسي، وترشحت لوزارة التربية العراقية باعتباري أكاديمية من جامعة الموصل معروفة لدى كوادرها ودوائرها الأمنية، ومستمرة بالعمل فيها حتى اليوم»، مبينة: «عانينا ونعاني من ويلات الإرهاب الذي دمر مدننا وقتل فلذات أكبادنا». وأضافت: «في الوقت نفسه ابتلانا الله بخطف الإرهابيين لأهل نينوى الكرام وأجباهم على العمل في وظائف مدنية ومنهم أخي الذي أجبرته (داعش) تحت التهديد على العمل في دائرته التي يعمل فيها قبل وبعد التحرير»، مشيرة إلى أن «التنظيم أجبره كما أجبر الكثيرين على التصريح بما ينسجم وقوتهم الغاشمة، لكن دون أي مشاركة له في حمل السلاح أو مساعدتهم في قتل أي عراقي»، لافتة إلى أن «حالة أخي مثلها مثل عشرات الآلاف من الحالات التي اضطرت للبقاء في وظائفها تحت سلطة قوة احتلال، كما يعرفها القانون الدولي، ولا يمكن لمن خضع لهذه السلطة دون إرادة منه أن يعاقب لمجرد اضطراره للبقاء». وأكدت: «أعلن للجميع أنني أضع استقالتي بين يدي رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي للبت فيها فور تأكده من أي علاقة تربطني بالإرهاب أو الإرهابيين لا سمح الله»، مؤكدة: «أتبرأ أمام الله وأمام الشعب من أي إرهابي أو مجرم تلطخت يده بدماء العراقيين».
إلى ذلك أكد قيادي في «المشروع العربي»، الذي يتزعمه خميس الخنجر، لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الخنجر خاطب نواب الموصل وأبلغهم بأن وزارة التربية أصبحت من حصتكم، وأريد أن ترشحوا أنتم أحداً ترونه مناسباً لشغل هذه الحقيبة»، مبيناً أن «صبا الطائي التي لم تمض في التصويت الأول هي التي رشحت شيماء الحيالي، وبدوره أرسل الخنجر سيرتها الذاتية إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مباشرة انطلاقاً من مبدأ الثقة كون المرشحة أكاديمية معروفة». واتهم القيادي المذكور خصومهم في كتلة «القرار» التي يتزعمها أسامة النجيفي بـ«ترتيب ذلك لإحراج كتلتنا وتغيير البوصلة باتجاههم، لأن هناك نزاعاً على منصب وزارة التربية بين الكتلتين».
وبتذكيره بأن الفيديو صحيح، وبالتالي ما هو وجه الاتهام لكتلة النجيفي، أجاب القيادي: «الهدف من إخراج الفيديو هو ليس التحذير من (داعش) أو خوفاً على العملية السياسية، بل الهدف هو ضرب (المشروع العربي) بما في ذلك سمعة ووضع السيدة المذكورة التي لا علاقة لها بأخيها بصرف النظر إن كان مجبراً أم لا».
في السياق نفسه أكد أثيل النجيفي، القيادي في كتلة «القرار» وشقيق زعيمها أسامة النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كتلة (القرار) كانت قد رشحت من جانبها لهذا المنصب شخصيات من نينوى، لكن الذي حصل أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تجاوز مرشحاتنا، وأرسل إلى البرلمان مرشحة السيد خميس الخنجر». ورداً على سؤال بشأن زوج الوزيرة الذي كان ضمن حماية أسامة النجيفي حين كان رئيساً للبرلمان، يقول النجيفي إن «زوج الوزيرة كان موظفاً في البرلمان مع أسامة النجيفي، لكن حين أصبح النجيفي نائباً لرئيس الجمهورية عام 2014 لم يحتفظ به ضمن مجموعته بسبب عودته إلى الموصل وإعلان توبته وتسليم سلاحه إلى (داعش)».
يذكر أن قضية وزير الاتصالات في حكومة عبد المهدي نعيم ثجيل الربيعي، التي أظهرت وثيقة شموله بإجراءات المساءلة والعدالة لم تنته بعد، في وقت لا يزال الكثير من النواب يهددون بجمع توقيعات لسحب الثقة عنه بعد اكتمال الحكومة.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.