انقسام في اليمين المتطرف يجتذب اليائسين من الحكومة

انشقاقات في موسم الانتخابات الإسرائيلية المبكرة

TT

انقسام في اليمين المتطرف يجتذب اليائسين من الحكومة

صادقت لجنة النظام في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس (الأحد)، على طلب للوزيرين نفتالي بينيت وأييليت شاكيد، بالانشقاق عن كتلة «البيت اليهودي» الاستيطانية، وتأسيس حزب جديد باسم «تسالاش - اليمين الجديد». وقد تبين أن بينيت وشاكيد تمكنا من ضم عضو الكنيست عن «البيت اليهودي» شولي معلم رفائيلي، التي وافقت على الشراكة في إقامة الحزب الجديد.
وأعلن بينيت أن هذه الخطوة جاءت نتيجة سياسة بنيامين نتنياهو، الذي فاز بأصوات كثيرة من الصهيونيين المتدينين والمستوطنين، واستغل التأييد المخلص من هذا التيار للحكومة ولمعسكر اليمين، ووجّه لهم الضربة تلو الأخرى.
كما انتقد رفاقه في «البيت اليهودي» الذين كبلوا خطواته ومنعوه من الاستقالة من الحكومة في الشهر الماضي. وقال إن الهدف من هذه الخطوة «توحيد صفوف قوى اليمين المسؤول، الذي يحافظ على أرض إسرائيل كاملة ويمنع قيام دولة فلسطينية، أكان ذلك من المتدينين أم العلمانيين».
وقالت شاكيد إن هذه الخطوة تستهدف نفض وخضخضة أحزاب اليمين وإبقاء زبدتها فيها ومنع قوى أخرى تمثل دور اليمين من أن تحصل على أصوات اليمين وتنضم لليسار. وقالت عضو الكنيست رفائيلي: «لقد قدمنا الطلب من منطلق التفكير في مستقبل المعسكر الوطني، المشترك بيننا جميعاً، والرغبة في توسيع معسكر اليمين والهوية اليهودية والالتزام بأرض إسرائيل وشعب إسرائيل».
لكن أوساطاً سياسية أكدت أن خطوة بينيت هذه تستهدف مجابهة الآثار المتوقعة لوجود حزب الجنرالات الجديد، الذي أقامه رئيس أركان الجيش الأسبق بيني غانتس، ويمكن أن يضم الجنرالات موشيه يعلون ويوم طوف ساميا وغال هيرش، وربما أيضاً جابي إشكنازي وإيهود باراك. فهذا الحزب سيجرف أصواتاً كثيرة من اليسار والوسط، وكذلك من اليمين. وبينيت يريد منع ذلك وجذب هذه الأصوات.
وقد أثارت هذه الخطوة ضجة كبرى في صفوف اليمين الإسرائيلي، كونها جاءت بشكل مفاجئ. واعتبرها حزب الليكود دليلاً على أن نفتالي بينيت وشاكيد هما متآمران يخونان المستوطنين الذين فتحوا لهما أذرعهم وفرشوا لهما البساط الأحمر عندما انضما إليهم ومنحوهما أهم منصبين (رئاسة الحزب ووزارة التعليم لبينيت، ووزارة القضاء لشاكيد)، وعندما استقويا، أدارا ظهريهما لهذا الحزب وجمهوره. كما هاجمهما بعض قادة المستوطنات.
ويبدو أن بينيت وشاكيد لم يتوقعا هذا الرد القاسي، فسرّبا إلى الإعلام أن هناك إمكانية واقعية جداً لأن يعود حزب «اليمين الجديد» إلى الاتحاد مع «البيت اليهودي» بعد انتخابات الكنيست مباشرة.
واتضح أن بينيت اشترى اسم حزب قديم مسجل، لكي يوفر الجهود التي يحتاج إلى صرفها لتشكيل حزب جديد. والحزب القديم يدعى حزب «الصهيونية والليبرالية والمساواة» (تسالاش) الذي أسسه الوزير السابق يوسف باريتسكي، في عام 2006، بعد انسحابه من حزب «شينوي»، على أن تسمى كتلة الحزب في الكنيست «اليمين الجديد». وهذه الخطوة أيضاً تنطوي على خطة خبيثة تضمن له الحصول على تمويل من الدولة في الانتخابات، بمبلغ يصل إلى 4 ملايين شيكل (2.3 مليون دولار)، وفي الوقت نفسه تحرره من المسؤولية عن الديون الضخمة على حزب «البيت اليهودي»، التي تقدر بـ22 مليون شيكل (5.8 مليون دولار).



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».