بعد طول عناء... ولادة متعثرة للميزانية الإيطالية

البرلمان أقرها باتفاق مع بروكسل... واعتراضات داخلية في روما

رئيس الحكومة الإيطالية جوسيبي كونتي يتوسط وزراءه في جلسة بالبرلمان مساء السبت (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإيطالية جوسيبي كونتي يتوسط وزراءه في جلسة بالبرلمان مساء السبت (أ.ف.ب)
TT

بعد طول عناء... ولادة متعثرة للميزانية الإيطالية

رئيس الحكومة الإيطالية جوسيبي كونتي يتوسط وزراءه في جلسة بالبرلمان مساء السبت (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإيطالية جوسيبي كونتي يتوسط وزراءه في جلسة بالبرلمان مساء السبت (أ.ف.ب)

بعد طول عناء، وشد وجذب على مدار عدة أشهر، أقرّ مجلس النوّاب الإيطالي في وقت متأخر مساء السبت، وسط أجواء متوتّرة، ميزانية العام 2019 بتصويت على منح الثقة للحكومة الشعبوية التي لجأت لآليّة التصويت هذه كي يتمّ إقرار الموازنة بسرعة وكما هي، من دون أن يتمكّن النواب من إدخال أي تعديل عليها.
ومشروع الموازنة الذي أقرّته الحكومة بعد طول أخذ وردّ مع المفوضيّة الأوروبية، التي سبق لها أن رفضت مشروعاً أوّل تقدّمت به الحكومة الإيطالية، في سابقة من نوعها في تاريخ الاتحاد الأوروبي، سبق له وأن حصل في الأسبوع الماضي على أصوات مجلس الشيوخ الذي أقرّه بالطريقة نفسها؛ أي بالتصويت على الثقة.
وبعدما توالت على الكلام في مجلس النواب طوال ساعتين الكتل النيابية المختلفة في نقاش تخلله تبادل اتهامات بين الأكثرية والمعارضة، حصلت الحكومة على الثقة بأكثرية 327 صوتاً مقابل 228 صوتاً وامتناع نائب واحد عن التصويت.
وفي إيطاليا، تلجأ الحكومة لإقرار مشروعات القوانين من خلال آلية التصويت على الثقة إذا ما أرادت أن يتم إقرار المشروع بسرعة وكما هو، إذ لا يعود بإمكان البرلمان إدخال أي تعديل عليه.
وأعدّت الموازنة الحكومة المشكّلة من حركة «خمس نجوم» المناهضة للمؤسسات التقليدية وحزب «الرابطة» المعادي للهجرة، بعدما خفّفت إجراءات أساسية كانت واردة في الميزانية الأولى التي رفضتها المفوضية.
وتتضمّن الموازنة التي أقرّت إنفاقاً كبيراً، في وقت تحاول فيه الحكومة تجنّب تعرّضها لعقوبات من قبل المفوضية الأوروبية والأسواق. ولو لم تتوصل إلى تسوية مع التكتل، لكانت إيطاليا ستواجه عقوبات مالية تشكّل 0.2 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي.
وتركّزت محادثات روما مع بروكسل على ما يطلق عليه «العجز الهيكلي» الذي يشمل الإنفاق العام بأكمله، باستثناء خدمة الدين العام. وكانت النسخة الأولى من الموازنة ستنسف التزامات الحكومات السابقة وتراكم المزيد من الديون على روما.
وبموجب اتفاق الأسبوع الماضي، سيكون من الممكن السيطرة على الديون، حيث تمّ خفض العجز إلى 2.04 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي. ويُعدّ الدين العام في إيطاليا مشكلة كبيرة، حيث تبلغ ديونها حالياً 2.3 تريليون يورو، أي ما يعادل 131 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي، وهو رقم أعلى من السقف الذي حدّده الاتحاد الأوروبي والبالغ 60 في المائة.
وتعيّن تمرير قانون الموازنة قبل 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإلاّ لكانت ستستمر بالعمل وفق القاعدة الاثني عشرية، أي بحسب ما كان عليه الإنفاق الشهري في ميزانية 2018. وعدم اعتماد القانون قبل هذا التاريخ كان من شأنه أن يؤخّر تطبيق الأحزاب الحاكمة للإصلاحات التي وعدت بها عند انتخابها في ربيع 2018.
وقبل إقرار الموازنة، تظاهر في البرلمان السبت عدد من نوّاب ومؤيّدي الحزب الديمقراطي (يسار وسط) احتجاجاً على تهميش البرلمان. وكان الحزب طعن بآلية التصويت على مشروع قانون الموازنة الذي أقرّه مجلس الشيوخ، ويتعيّن على المجلس الدستوري أن يعلن بحلول 9 يناير (كانون الثاني) المقبل ما إذا كان سيقبل النظر في هذا الطعن أم لا.
وقال رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، في مؤتمر صحافي عقده الجمعة، «لا توجد رغبة متعمّدة من الحكومة لتجنّب النقاش وتقليص مدة دراسة مشروع القانون في البرلمان».
يُذكر أنّ كونتي هو محام غير منضو في أي من الحزبين الحاكمين، وعمل للتوصّل إلى حلول توفيقية بين الأحزاب من جهة وبين بروكسل من جهة أخرى منذ تشكّلت الحكومة في يونيو (حزيران) الماضي.
وفي سابقة تاريخية، رفضت المفوضية الأوروبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي موازنة إيطاليا التي تضمّنت نفقات كبيرة، وكان من المفترض أن تحدّد دخلاً أساسياً عاماً وتلغي إصلاحات في نظام المعاشات التقاعدية.
لكنّ إيطاليا وافقت الأسبوع الماضي على خفض تكاليف هذين البرنامجين التاريخيين، وألزمت نفسها بعدم مراكمة مزيد من الديون العام المقبل فوق ديونها الهائلة البالغة 2 تريليون يورو.
ووصف رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الميزانية، بأنها «أولى خطوات خطة إصلاح واسعة وطموحة» ستغير إيطاليا تماماً، وتعزز أخيراً نموها الاقتصادي الراكد بشكل مزمن.
وتشمل السياسات الرئيسية للميزانية الجديدة برنامجاً جديداً لدعم الدخل وخفض سن المعاش. ومن بين الإجراءات الأخرى التي تشملها الميزانية خفض الضرائب على أصحاب المهن الحرة، وزيادة الضرائب على البنوك وشركات التأمين وشركات القمار، وإعفاء جزئي يسمح لأصحاب الدخول المنخفضة بتسوية النزاعات الضريبية مع السلطات من خلال دفع مبلغ محدود.



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.