«ذاكرة العرب»... مكتبة الإسكندرية تستعيد أمجاد الماضي بمجلة جديدة

تصدر ورقياً وإلكترونياً وتهتم بالمهمَل وغير المتداول من التراث

بعض موضوعات العدد الأول
بعض موضوعات العدد الأول
TT

«ذاكرة العرب»... مكتبة الإسكندرية تستعيد أمجاد الماضي بمجلة جديدة

بعض موضوعات العدد الأول
بعض موضوعات العدد الأول

صفحات ووثائق نادرة مرئية وصوتية عن تراث العرب المجهول والمنسي أصبحت متاحة لملايين العرب حول العالم ولعشاق الحضارة العربية مع إطلاق مكتبة الإسكندرية للعدد الأول من مجلة «ذاكرة العرب» التي يصدر في يناير (كانون الثاني) 2019، نتاجاً للمشروع التوثيقي الجديد الذي تعكف عليه المكتبة ليكون ذاكرة حية للوطن العربي.
يقول رئيس تحرير مجلة «ذاكرة العرب» الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «المجلة تصدر ورقياً كما سيتم إطلاقها إلكترونياً لتتاح مجاناً للعرب كافة، في الوقت الذي فقدنا فيه كعرب الكثير من تراثنا وآثارنا ما بين صحف ومتاحف ومواقع أثرية دمرت في العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال». ويضيف: «مشروع ذاكرة الوطن العربي سوف يصدر المزيد من المطبوعات وسلاسل الكتب والأوراق البحثية لرفد الباحثين بمواد أكاديمية، أحد أهم المصادر العلمية للباحثين في تاريخ وتراث الوطن العربي بكل أشكاله ومفرداته وأنواعه، في حين تأخذ مجلة (ذاكرة العرب) طابعاً تثقيفياً وتوعوياً جماهيرياً عبر استكتاب نخبة من المؤرخين والباحثين والمستعربين المتخصصين في الحضارة العربية وتاريخها من كل أنحاء العالم العربي».
ويؤكد عزب: «المجلة تسعى لإحداث زخم حول كل ما هو مهمل أو غير متداول من تراثنا، مثل تراث السقاية في الجزائر، وتراث الخيل العربي الذي كان جزءاً من ثقافة المواطن العربي والآن بات محصوراً بين النخبة فقط، أيضاً الطوابع البريدية الصومالية، وتراث الأزياء العربية، وبدايات الصور الفوتوغرافية في الشام، والتراث الشفاهي العربي، وبخاصة الحكاية الفلسطينية في ظل تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وغيرها من الموضوعات التي نسعى للتعريف بها وتكوين رأي عام عربي حولها». ويلفت عزب إلى أن «(ذاكرة العرب) تستهدف تسليط الضوء على المشترك العربي، ومحاربة تجذير الخلافات العربية التي سعت منابر فضائية عدة لترسيخها».
جاء العدد الأول غنياً في محتواه بمواد تعيد للمواطن العربي أمجاده ورونق عروبته الذي فقد بريقه على مدار القرن العشرين تدريجياً. فاستهل العدد بموضوع عن النخيل في العراق الذي يشير فيه الدكتور عبد الإله عبد القادر إلى أن زراعة النخيل ظهرت في العراق عام 4000 قبل الميلاد، وأن البصرة كانت أشهر المدن العربية بنخيلها وكان بها أكثر من 700 نوع من التمور، لكن الحروب المتعاقبة على العراق أثرت بشكل كارثي على النخيل العراقي، وأدت إلى إهدار ملايين الأشجار. وجاء مقال: «النقود العربية في العصر العباسي» ليأخذنا إلى ذلك العصر راصداً أسس الدول الحديثة في التاريخ العربي الثري، بينما تتناول مقالة أخرى تاريخ مدينة تطوان المغربية عبر التاريخ، بداية من الحقبة البربرية وصولاً إلى الحقبة المعاصرة، مقدماً حصراً للتعداد السكاني والتقسيم الديموغرافي لسكان المدينة، بينما تناولت مقالة أخرى تاريخ البريد في لبنان في العصر العثماني، ولم يغفل العدد التراث الحكي الشفاهي، حيث اشتمل على مقالتين عن الحكاية الفلسطينية والأغنية الشعبية في صنعاء، مصطحباً القارئ بمواد غنية في معلوماتها وثرية بصورها النادرة في رحلة عبر الأزمنة والعصور. ومن بين الموضوعات المميزة التي يحفل بها العدد الأول من «ذاكرة العرب» مقال بقلم محمد المر من دولة الإمارات عن زيارة كوكب الشرق أم كلثوم لأبوظبي، وغنائها في حفل عيد تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة أمام الشيخ زايد، مؤسس الدولة، في عيد الجلوس الخامس، وهو المقال الذي يسلط الضوء على نشأة دولة الإمارات وجهود الشيخ زايد في توحيد الدولة ورسم مستقبلها. كذلك، هناك موضوع مميز عن الطوابع البريدية اللبنانية وتاريخها، وغيرها من الموضوعات الشيّقة التي تكشف جوانب خفية من تراث العرب.
واحتوى العدد على ملف خاص بالخيل العربي، تتنوع موضوعاته ما بين مضمار السباق في مدينة سامراء في العصر العباسي، وأدب الفروسية في العصر المملوكي، وزينة الخيول الآشورية، وركوب الخيل، وإسطبلات أمراء المماليك. والأفراس المؤسسة للمرابط المصرية، والعقيلات ووجودهم في مضامير الفروسية في مصر، ليقدم الملف كل ما يتعلق بثقافة الفروسية والخيول العربية بطريقة جذابة وشيقة.
وقد أعلنت مكتبة الإسكندرية، أن المجلة سوف تصدر ربع سنوية في شهور يناير وأبريل (نيسان) ويوليو (تموز) وأكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، بينما تتاح عبر موقع مشروع «ذاكرة الوطن العربي» على الإنترنت.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».