الجزائر: فوز عريض لحزب بوتفليقة في انتخابات التجديد النصفي لـ«مجلس الأمة»

TT

الجزائر: فوز عريض لحزب بوتفليقة في انتخابات التجديد النصفي لـ«مجلس الأمة»

أظهرت انتخاب التجديد النصفي لـ«مجلس الأمة» في الجزائر (الغرفة البرلمانية الثانية) التي جرت أمس مؤشرات على فوز عريض لحزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (جبهة التحرير الوطني)، مقابل علامات تدل على هزيمة حزب رئيس الوزراء (التجمع الوطني الديمقراطي).
وعرفت العملية، حسب بعض المراقبين، توجيهات حكومية واضحة لدفع الآلاف من «كبار الناخبين» للتصويت لصالح مرشحي «جبهة التحرير». والمثير في هذه الانتخابات، بحسب متتبعين للشأن المحلي، أن منتخبي أحزاب معارضة أعطوا أصواتهم لمرشحي حزب الرئيس، مثل إسلاميي «حركة مجتمع السلم» و«جبهة المستقبل». وفعل الشيء نفسه منتخبو بقية أحزاب «الموالاة»، وأبرزها «تجمع أمل الجزائر» و«الحركة الشعبية الجزائرية». ويشار إلى أن المصوتين منتخبون في 48 مجلساً ولائياً، و1541 مجلساً بلدياً.
ويتشكل «مجلس الأمة» من 144 عضواً، يتم انتخاب ثلثي أعضائه عن طريق الاقتراع العام غير المباشر والسري، من بين، ومن طرف، أعضاء المجالس المحلية، بعدد عضوين عن كل ولاية، أي بمجموع 96 عضواً. ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث الآخر، أي 48 عضواً، من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية في المجالات العلمية والثقافية والمهنية والاقتصادية والاجتماعية، ويسمون أعضاء «الثلث الرئاسي». ويتكون هؤلاء في معظمهم من وزراء سابقين اشتغلوا مع الرئيس مدة طويلة، ووجودهم في المجموعة التي تمثل الرئيس يعد بمثابة مكافأة لهم.
وأنشئ «مجلس الأمة» بموجب التعديل الدستوري الذي جرى عام 1996 في عهد الرئيس اليمين زروال، وتم إطلاقة خصيصاً بعد تجربة وصول الإسلاميين إلى البرلمان، الذي كان غرفة واحدة، هي «المجلس الشعبي الوطني»، وهو حالياً الغرفة الأولى. لكن ألغى الجيش نتائج تلك الانتخابات التي جرت أواخر 1991، وتم إطلاق «الثلث الرئاسي» بغرض تعطيل أي مشروع قانون يصوت عليه «المجلس الشعبي»، إذا كان لا يخدم سياسة الرئيس، لهذا يسمى «الثلث المعطل للقوانين». والغرفة الأولى هي المسؤولة الوحيدة عن التشريع.
وصرح وزير العدل الطيب لوح للصحافة بأن «23 حزباً تقدمت للمشاركة في الانتخابات، من بينها حزب واحد تمكن من تغطية جميع الولايات، وهو جبهة التحرير (لوح قيادي بها)، متبوعاً بـ(التجمع الوطني الديمقراطي)، بتغطيته لـ46 ولاية، في حين تراوحت تغطية الأحزاب الأخرى بين 17 ولاية وولاية واحدة. وبلغ عدد المترشحين المستقلين 41»، مشيراً إلى أن العملية «تجري لأول مرة تحت إشراف القضاء، وقد تم تسخير 736 قاضياً سيشرفون على مكاتب التصويت، البالغ عددها 72 على المستوى الوطني، وذلك بمعدل 8 قضاة لكل مكتب، 4 منهم أصليون و4 مستخلفون».
وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن أوامر من أعلى سلطات البلاد نزلت إلى الولاة ورؤساء الدوائر (ممثلو الحكومة على المستوى المحلي) لدفع «الناخبين الكبار» للتصويت على مرشحي «جبهة التحرير» الذين يمثلون الأغلبية في الغرفتين البرلمانيتين. وفي ولاية وهران (غرب)، تم إجبار عدد كبير من المصوتين على القسم على المصحف الشريف، لمنح أصواتهم لمرشح حزب الرئيس. ونشبت بسبب ذلك مشادات حادة بين أنصار «جبهة التحرير» وأنصار «التجمع الديمقراطي».
وبحسب المصادر نفسها يوجد جناح داخل النظام وفي جبهة التحرير «يحرص على إضعاف رئيس الوزراء أحمد أويحيى»، بذريعة أنه لو أصبح رئيساً للجمهورية، سيتخلص من عدد كبير من المسؤولين ومن المؤسسات. ويطرح اسم أويحيى حالياً كورقة سيلجأ إليها النظام، في حال عزوف بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، في الرئاسية المتوقعة شهر أبريل (نيسان) المقبل.
ويعتبر مقعد «مجلس الأمة»، بالنسبة لقطاع من الجزائريين، طريقا للثراء والامتيازات المادية، كالأجر العالي والسفريات للخارج، والسيارات الفارهة مع السائق: واحدة توضع تحت تصرف البرلماني، وثانية لعائلته.
ولهذا السبب يتدافع المنتخبون المحليون للوصول إلى هذه الهيئة، التي يسميها عامة الجزائريين على سبيل التنكيت «دار العجزة»!



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».