حركة النهضة التونسية تبدي تخوفا من تداعيات تصنيف جماعة الإخوان المصرية «تنظيما إرهابيا»

خبير في الجماعات الإسلامية: تشكيل الحكومة الجديدة سيمنح تونس هامشا أكبر للتعاون مع السلطات في مصر

احد مباني حركة النهضة التونسية
احد مباني حركة النهضة التونسية
TT

حركة النهضة التونسية تبدي تخوفا من تداعيات تصنيف جماعة الإخوان المصرية «تنظيما إرهابيا»

احد مباني حركة النهضة التونسية
احد مباني حركة النهضة التونسية

تتخوف حركة النهضة التونسية من تداعيات تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في مصر «تنظيما إرهابيا» على الوضع السياسي العام في تونس، وذلك على خلفية العلاقة التنظيمية التي تربط حركة النهضة الإسلامية التونسية بتنظيم الإخوان. وتزداد المخاوف بفعل الاتفاقية المشتركة لمكافحة الإرهاب التي وقعت عليها معظم الدول العربية، بما في ذلك تونس، بعد إخطار السلطات المصرية جميع الدول العربية بقرارها، وما يتبع ذلك من ضرورة الالتزام بمضمونها.
وفي صورة صدور قائمة مصرية تتضمن أشخاصا ومنظمات وجمعيات وأحزابا ذات علاقة بتنظيم الإخوان المسلمين، فإن السلطات التونسية ستجد نفسها في وضع حرج، فهي من جانب ملزمة بعدم قبول من تشملهم تلك القائمة فوق أراضيها وربما محاكمتهم، ومن جانب ثان تبدي تعاطفا منطقيا مع تنظيم جماعة الإخوان ولا توافق على كامل مراحل السيناريو المصري الذي أطاح بحكومة مرسي.
ونددت حركة النهضة بقوة بما اعتبرته «انقلابا» على حكم «الإخوان»، ودعت في بيانها السياسي إلى عودة الشرعية ورسم أنصارها شعار «رابعة» على جدران مقراتها. وتحتفظ الحركة منذ تأسيسها نهاية عقد الستينات من القرن الماضي بعلاقات تنظيمية وهيكلية متينة مع الجماعة، وهذا سيجعلها في وضع مربك على تعبير كثير من المتابعين للوضع السياسي في دول الربيع العربي بعد صعود الإسلام السياسي.
وفي رد فعل أولي، انتقدت حركة النهضة قرار السلطات المصرية، وقالت إن الحكومة المصرية سارعت إلى اتهام الجماعة على الرغم من الإعلان عن الجهة التي نفذت العملية ضد مركز أمني بالدقهلية، وذكرت بثبوت براءة جماعة الإخوان المسلمين، على حد ما تضمنه بيان أصدرته الحركة يوم أمس.
وعبرت حركة النهضة عن اعتقادها أن قرار التصنيف في خانة التنظيم الإرهابي يمثل «هروبا إلى الأمام من جانب حكومة الانقلاب، وتحريضا إضافيا ضد طرف سياسي التزم الديمقراطية وانتهج الطرق السلمية في تعامله السياسي». ونبهت الحركة إلى خطورة هذا القرار، وقالت إن «الحروب الشاملة على جماعة الإخوان المسلمين تمثل مقدمة لاستئصال كل نفس ديمقراطي حر في مصر»، على حد تعبيرها.
ولم يخف رضا بلحاج، المتحدث باسم حزب التحرير (تأسس بعد الثورة وينادي بعودة الخلافة) تخوفه من تداعيات قرار تصنيف الإخوان «جماعة إرهابية». وقال إن تأثيرات القرار ستكون إقليمية وليست خاصة بمصر. ووصف بلحاج في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» القرار بأنه «خطير وذو انعكاسات سياسية»، وقد يعيد الديكتاتورية تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
وفي السياق ذاته، أشار علية العلاني، المتخصص في الجماعات الإسلامية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تصنيف الإخوان كـ«تيار إرهابي» ستكون له تبعات داخل مصر وخارجها، وسيجعل معظم دول الربيع العربي في «وضع قانوني وسياسي غير مريح»، وستوجد معظم تلك الدول في «وضع مربك» إذا طلبت مصر خلال الفترة المقبلة تسليم عناصر من الإخوان. وبالنسبة لتداعيات هذا القرار على تونس، قال العلاني في تصريحه إن الأمر سيكون مستعصيا في الوقت الحالي مع تواصل هيمنة حكومة الترويكا على السلطة، لكن تشكيل الحكومة الجديدة سيمكن تونس من هامش أكبر للتعاون مع السلطات المصرية، على حد اعتقاده.
وأضاف العلاني موضحا أن تصنيف الإخوان سيحرج حركة النهضة أكثر عندما تكون خارج دائرة الحكم، وقد يؤدي إلى منع العديد من قياداتها وأنصارها من دخول مصر، وذلك بالعودة إلى الموقف التونسي الذي تعتبره القاهرة «عدائيا». ويرى العلاني أن تصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا يمكن أن يستمر إلى حدود السنوات العشر المقبلة، وربما إلى أن تبرز قيادات معتدلة فعلا على حد قوله، يكون من صالحها التخلص من ارث الإخوان الذي أسهم على حد رأيه في إجهاض تجارب التحديث في العالم العربي.
من ناحية أخرى، تبدي السلطات التونسية خلال هذه الفترة مخاوف توصف بـ«الجدية» من إمكانية انتقال سيناريو السيارات المفخخة إلى تونس، بعد تكرر عمليات مداهمة المجموعات المسلحة والقبض على عناصرها. وعبر أكثر من محلل عسكري عن مخاطر انتقال سيناريو التفجيرات التي ضربت مؤخرا ليبيا ومصر ولبنان، وقالوا إن الجناح المسلح للإرهاب قد يلجأ إلى ردود فعل استعراضية خلال احتفالات بالسنة الإدارية الجديدة التي يعتبرها «أعياد كفر».
ولم ينف محمد الرويسي، أمين عام نقابة الأمن الجمهوري، وجود تهديدات إرهابية، وقال إن المؤسسة الأمنية التونسية تتعامل مع كل التهديدات بنفس الجدية. وأشار إلى مراقبة الجهاديين العائدين من سوريا بصورة لصيقة لإبعادهم عن التنظيمات المسلحة.
في السياق ذاته، كشف توفيق الرحموني، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، عن تركيز المؤسسة العسكرية بالاشتراك مع قوات الأمن شبكة من نقاط التفتيش والمراقبة لمنع كل الأنشطة المشبوهة ومن ثم جمع المعلومات لاستباق أي تهديد قد يحصل في تونس خاصة خلال هذه الفترة من السنة.
ومواصلة لتضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية المتحصنة منذ أشهر في المناطق الغربية المحاذية للحدود مع الجزائر، قال الرحموني إن عملية أمنية واسعة تنفذها حاليا قوات الجيش مع قوات الأمن في جبال الشعانبي وجبل سمامة (منطقة القصرين) حيث تتحصن مجموعات مسلحة تهدد بشن هجمات على المواقع السياحية الاستراتيجية. وأشار إلى اعتماد المؤسسة العسكرية على قوات برية وأخرى جوية، وقال إن الرمي سيتواصل على كل المواقع المشبوهة في محاولة لمنع تسلل الإرهابيين إلى جبال الشعانبي وقطع خطوط إمدادات الغذاء والأسلحة عنهم.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».