مبيعات الذهب بالسعودية تفشل في مواكبة تراجع الأسعار عالميا

(«الشرق الأوسط») ترصد هدوءا في الأسواق.. والباعة يعولون على بقية العام

أحد المستهلكين يجول في منافذ البيع للتعرف على الأسعار بينما الهدوء يسود
أحد المستهلكين يجول في منافذ البيع للتعرف على الأسعار بينما الهدوء يسود
TT

مبيعات الذهب بالسعودية تفشل في مواكبة تراجع الأسعار عالميا

أحد المستهلكين يجول في منافذ البيع للتعرف على الأسعار بينما الهدوء يسود
أحد المستهلكين يجول في منافذ البيع للتعرف على الأسعار بينما الهدوء يسود

فشلت مبيعات الذهب بالسعودية في مواكبة تراجع الأسعار عالميا، إذ أوضح رصد لـ«الشرق الأوسط» على بعض الأسواق المحلية، ضعف الطلب، وسط تأكيدات الباعة أنه منذ بدء انخفاض سعر المعدن النفيس أخيرا في الأسواق العالمية، لم يستطع استقطاب المشترين ورفع المبيعات داخل السعودية.
وبحسب جولة لـ«الشرق الأوسط» في بعض المراكز والأسواق، بينها مركز تجارة وبيع الذهب في جدة (غرب السعودية)، اتضح عدم سرعة استفادة المستهلكين من تراجع تداول الذهب في الأسواق العالمية وانخفاض قيمته، حيث سجل منتصف الأسبوع الماضي انخفاضا بنحو 25 دولارا، ليصل سعر الأونصة إلى 1291 دولارا، وفقا لآخر البيانات المسجلة.
ووفقا لباعة في السوق، فقد فشل تراجع أسعار الذهب في استقطاب المستهلكين ورفع عمليات البيع، بل شهدت تراجعا ملحوظا خلال الفترة الماضية رغم أن فترة نهاية شهر رمضان والعيد من كل عام تعد من أهم المواسم التي يعتمد عليها التجار في ترويج الذهب بكميات كبيرة وبيع المشغولات المصنفة محليا وخارجيا على المستهلك المحلي الذي يقبل على اقتناء الذهب وتقديمه في إطار هدايا، إضافة إلى شراء كثير من الجنسيات العربية والآسيوية أثناء مغادرتهم البلاد بعد أداء مناسك العمرة كميات كبيرة من الذهب.
ويبدو أن المستهلك المحلي لا يكترث كثيرا لتذبذب سعر الذهب في الأسواق العالمية؛ إذ كشفت جولة لـ«الشرق الأوسط» في حي الكندرة الذي يحتضن إحدى أكبر أسواق المنطقة المتخصصة في بيع الذهب بواقع 100 متجر متخصص، عن هدوء في حركة المبيعات وقلة أعداد المشترين.
ويقدر حجم سوق الذهب في السعودية بنحو تسعة مليارات دولار، فيما يبلغ عدد محال البيع قرابة ستة آلاف محل منتشرة في جميع المدن السعودية، إلى جانب 250 مصنعا مختصا بمشغولات الذهب.
من ناحيته، قال علي بن أحمد، صاحب أحد محال الذهب في سوق اليمامة، إن الأسعار متقلبة منذ شهرين، وهو ما يُعرف بين التجار بـ«الفترة التصحيحية» التي يكون فيها الفارق بين الهبوط والصعود قرابة 20 دولارا (400 دولار للكيلوغرام)، مبينا أن التذبذب السعري تسبب في عدم تدفق المستهلكين كما هو معتاد كل عام في هذه الفترة التي تشهد رواجا في البيع.
وأضاف بن أحمد أن غالبية التجار يعولون على طول فترة الإجازة لتقليص حجم الخسائر المتوقعة التي تمتد إلى نهاية شوال الجاري، والتي ستشهد الكثير من الأفراح في منطقة مكة المكرمة وباقي المدن السعودية.
ولفت إلى أن السوق السعودية في أسوأ حالاتها تعد من أكثر الأسواق النشطة في عمليات البيع على مستوى المنطقة، مقارنة بما يتداول في كثير من دول الجوار.
وذكر باعة لـ«الشرق الأوسط» أن المستهلك المحلي يقبل على الذهب السنغافوري الذي يتميّز بخفة وزنه ووجود فصوص الزركون، وتكون أسعار الأونصة فيه مقبولة لذوي الدخل المحدود، وهناك الخليجي، وهو عيار «21 و22 و18»، وتأتي تشكيلته على شكل بناجر وأطقم كاملة، ويُقبل على هذا الصنف السعوديون بنسبة كبيرة.
ورغم تراجع البيع بحسب الباعة في السوق، فإن اقتصاديين يعدون ذلك منطقيا في عالم التجارة، وهو أن تكون هناك فترة ركود، إلا أن الوضع العام مبشر، وهو ما ذهب إليه لؤي الطيار، الخبير في الشأن الاقتصادي، الذي أكد أن سوق الذهب في السعودية من أهم الأسواق لثلاثة عوامل، هي: القوة الشرائية رغم ما سجلته الأسواق هذا الموسم من تراجع، إضافة إلى خفض نسبة التعريفة الجمركية إلى خمسة في المائة على المشغولات الذهبية والمعادن الثمينة، وكذلك توافد الحجاج والمعتمرين كل عام بأعداد تصل إلى أكثر من سبعة ملايين شخص، مبينا أن تلك العوامل تكسب أي سوق قيمة اقتصادية رغم حدوث انخفاض في المبيعات.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.