بداية 2019 المرحلة الأكثر تعقيداً للاقتصاد الروسي

خبراء يحذِّرون من تنامي ضغط العقوبات على موسكو

تشير وزارة التنمية الروسية إلى أن مطلع العام المقبل سيكون «المرحلة الأكثر تعقيداً» بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني (رويترز)
تشير وزارة التنمية الروسية إلى أن مطلع العام المقبل سيكون «المرحلة الأكثر تعقيداً» بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني (رويترز)
TT

بداية 2019 المرحلة الأكثر تعقيداً للاقتصاد الروسي

تشير وزارة التنمية الروسية إلى أن مطلع العام المقبل سيكون «المرحلة الأكثر تعقيداً» بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني (رويترز)
تشير وزارة التنمية الروسية إلى أن مطلع العام المقبل سيكون «المرحلة الأكثر تعقيداً» بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني (رويترز)

يبدو أن التدابير والإجراءات التي أقرّتها الحكومة الروسية، لتعزيز قوة الاقتصاد الوطني، لن تحمل نتائج إيجابية مباشرة في وقت قريب، وسيكون مطلع العام القادم «المرحلة الأكثر تعقيداً بالنسبة إلى الاقتصاد الروسي»، وفق وزارة التنمية الاقتصادية الروسية.
وأرجعت الوزارة ذلك إلى جملة عوامل سلبية داخلية، في مقدمتها زيادة ضريبة القيمة المضافة، وعوامل خارجية، منها ما يرتبط بتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية.
ووقّعت روسيا مؤخراً صفقات بمبالغ ضخمة مع أكثر من دولة، وتم الاتفاق على اعتماد العملات الوطنية، وتحديداً الروبل الروسي عوضاً عن الدولار، لتسديد قيمتها، وذلك في إطار خطة تحرير الاقتصاد الروسي من الاعتماد على الدولار الأميركي.
ولكن ذلك يأتي في ظل توقعات «سلبية» عبّر عنها خبراء من أكثر من مؤسسة روسية، بينهم خبراء المجلس الروسي للشؤون الدولية، والذين أعدوا تقريراً حذروا فيه من «تصعيد» العقوبات الأميركية، وزيادة تأثيرها على الاقتصاد الروسي عام 2019، وقالوا إن تأثيرها سيطال كذلك التعاون مع «الشركاء» مثل الهند والصين وتركيا، ما يجعل مساعي الدولة لخلق واقع جديد للاقتصاد الروسي يكون فيه أقل عرضة للتأثر بالعقوبات والدولار، مهمة غير سهلة.
مكسيم أوريشكين وزير التنمية الاقتصادية الروسي، يقول إن «المرحلة الأكثر تعقيداً التي سيواجهها الاقتصاد الروسي هي بداية عام 2019». مشيراً، في تصريحات له نقلتها وكالة «تاس»، إلى العوامل الداخلية التي سيكون لها تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي، بالقول: «لدينا زيادة ضريبة القيمة المضافة، التي ستلتهم بما في ذلك جزءاً من الطلب الاستهلاكي. كما أن سياسة البنك المركزي في مجال الحد من مخاطر التضخم سيكون لها تأثير على الدينامية الاقتصادية مطلع العام».
وعن عوامل التأثير الخارجية على الاقتصاد الروسي، قال: «الوضع الدولي المعقد، والتقلبات في سوق الخام، وتراجع الطلب على الصادرات الروسية، نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي ككل». وعبّر في الختام عن قناعته بأن الوضع سيتحسن بعد ذلك، و«كل شيء سيكون أكثر إيجابية» خلال النصف الثاني من العام.
وكشف دينيس مانتوروف، وزير الصناعة والتجارة الروسي، عن توقيع صفقات بمبالغ ضخمة بالروبل الروسي وعملات وطنية أخرى. وقال في تصريحات لصحيفة «آر بي كا»، إن «الحكومة الروسية تستخدم أكثر من صيغة في الصفقات (...) لكننا لا نعتمد مبدأ المقايضة»، موضحاً أن «الحديث يدور حول التسديد بالعملات الوطنية، والامتناع عن الدولار الأميركي في صفقات بيع منظومة (إس 400) الصاروخية الروسية للدفاع الجوي لكلٍّ من الهند بقيمة 5 مليارات دولار، والصين بقيمة 3 مليارات دولار، وأخيراً تركيا بقيمة 2.5 مليار دولار».
وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت شركة «ألروسا» الروسية، أكبر منتج للألماس عالمياً، عن إنجازها أول صفقة خارجية بالروبل الروسي، وهي صفقة بيع أحجار ألماس بأحجام كبيرة تزيد على 10 قراريط لشركة صينية. وتم تسديد قيمة الصفقة بالروبل الروسي عبر فرع مصرف «في تي بي بنك» في الصين. وعبّرت كلٌّ من تركيا والهند وكذلك سوريا والسودان عن استعدادها للتخلي عن الدولار واعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري مع روسيا.
إلا أن التدابير التي تبنتها الحكومة الروسية للحد من تأثير العقوبات والارتباط بالدولار لم تأتِ بنتائج واضحة، على الأقل خلال عام 2018، إذ كانت المخاوف من العقوبات السبب الرئيسي لهروب رؤوس الأموال الدولية من السوق الروسية. وقالت صحيفة «كوميرسانت» الروسية في تقرير أعدته، بناءً على معطيات شركة خدمات التمويل العالمية «بنك أميركا ميريل لينش»، إن إجمالي الاستثمارات الدولية التي «هربت» من السوق الروسية، زادت عام 2018 على مليار دولار أميركي، وهذا أسوأ مؤشر منذ عام 2013، وبلغ حجم رؤوس الأموال «الهاربة» حينها 3.1 مليار دولار.
وأضافت الصحيفة أن الموقف السلبي تجاه الصناديق الروسية كان مهيمناً على مزاجية المستثمرين طيلة العام، باستثناء شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث سجلت الصناديق الروسية تدفق استثمارات دولية زادت على 0.5 مليار دولار. لكن بعد ذلك استأنفت رؤوس الأموال الهروب من الصناديق الروسية، وبلغ حجم رؤوس الأموال الهاربة في موسم الربيع نحو 700 مليون دولار.
ومنذ مطلع الخريف بدأت موجة الهروب الثانية، التي ما زالت مستمرة حتى الآن. وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بلغ حجم رؤوس الأموال الدولية «الهاربة» من الصناديق الروسية 330 مليون دولار أميركي. إلا أن هذا الوضع لم يؤثر سلباً على مؤشرات السوق الروسية، وبفضل نمو الطلب من جانب المستثمرين المحليين، كانت مؤشرات الأسهم الروسية من بين الأفضل، حسب «كوميرسانت».
وحذّر المجلس الروسي للشؤون الدولية من تزايد ضغط العقوبات على السوق الروسية العام القادم. من خلال فريق خبراء من المجلس أعد تقريراً بهذا الصدد، ونتيجة تحليل دقيق للوضع عام 2018، والمشهد الجيوسياسي، خلص الخبراء فيه إلى توقعات بأن العام القادم سيشهد «تصعيداً» في مجال العقوبات، وسيتزايد ضغطها على الاقتصاد الروسي.



انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

واصل القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكماشه خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل في ثمانية أشهر وسط ضغوط التكلفة الزائدة، نتيجة تراجع الجنيه.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيس لشركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، في مصر إلى 48.1 نقطة في ديسمبر من 49.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مسجلاً بذلك انكماشاً للشهر الرابع على التوالي. وتشير القراءة الأقل من 50 نقطة إلى تراجع النشاط.

ويرجع هذا الانخفاض إلى ضعف الطلب من جانب العملاء وزيادة الضغوط التضخمية، التي تفاقمت بسبب ضعف الجنيه المصري مقابل الدولار.

وقال ديفيد أوين كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»: «أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات في مصر أن التعافي المتوقع للقطاع الخاص غير النفطي من غير المرجح أن يخلو من العثرات في عام 2025».

وأضاف أن الشركات واجهت ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب، مما أدى إلى أسرع تراجع في ظروف التشغيل منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وانخفضت مستويات التوظيف للشهر الثاني على التوالي، وإن كان الانخفاض طفيفاً. وأسهم ارتفاع تكاليف الرواتب، المرتبط بتحديات تكلفة المعيشة، في انخفاض أعداد الوظائف.

وتسارعت وتيرة التضخم في تكاليف المدخلات، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد وارتفاع قيمة الدولار. ورغم هذا، كانت الشركات أقل ميلاً إلى رفع أسعارها، فعمدت إلى تقليص هوامش الربح للحفاظ على الطلبيات.

وكانت الشركات غير النفطية أكثر تفاؤلاً بشأن النشاط المستقبلي، على أمل تحسن الظروف المحلية والجيوسياسية في عام 2025.

وارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي الفرعي إلى 53.8 من 50.5 في نوفمبر. ومع ذلك، فقد تخفف المخاوف بشأن تقلبات أسعار الصرف، وعدم استقرار الأسعار الطلب في الأمد القريب.

على صعيد مواز، قال وزير المالية المصري أحمد كوجك، إن مصر ستحصل على شريحة تبلغ 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي هذا الشهر ضمن برنامج قرض قيمته ثمانية مليارات دولار من المؤسسة المالية الدولية.

وأعلن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف الشريحة البالغة 1.2 مليار دولار.

وأضاف في مقابلة مع قناة «أون تي في» الفضائية المصرية مساء الأحد: «إن شاء الله مجلس الإدارة (مجلس إدارة صندوق النقد الدولي) يجتمع في يناير (كانون الثاني)، وإن شاء الله سنتحصل على هذا المبلغ»، مضيفاً أن مصر لم تطلب زيادة القرض الذي تبلغ قيمته ثمانية مليارات دولار.

ووافقت مصر، التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم، ونقص العملة الأجنبية، في مارس (آذار) على برنامج صندوق النقد الدولي الموسع. وتسبب الانخفاض الحاد في عائدات قناة السويس بسبب التوتر الإقليمي على مدار العام الماضي في تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وقال كوجك أيضاً إن مصر تستهدف جمع نحو ثلاثة مليارات دولار خلال الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية التي تستمر حتى نهاية يونيو (حزيران) من خلال «إصدارات متنوعة» للمستثمرين، لكنه لم يقدم مزيداً من التفاصيل. وكان هذا رداً على سؤال حول ما إذا كانت مصر تخطط للعودة لسوق السندات الدولية هذا العام.