شيخ العراقيب يدخل السجن في مظاهرة شعبية واسعة

شيخ العراقيب صياح الطوري
شيخ العراقيب صياح الطوري
TT

شيخ العراقيب يدخل السجن في مظاهرة شعبية واسعة

شيخ العراقيب صياح الطوري
شيخ العراقيب صياح الطوري

في مظاهرة جماهيرية حاشدة، دخل الشيخ صياح الطوري (68 عاماً)، إلى سجن الرملة أمس الثلاثاء، ليبدأ فترة حبسه لمدة 10 شهور، بعد أن أدانته المحكمة بتهمة التصدي لقوات الشرطة وجرافاتها، التي قامت بهدم قريته العراقيب في النقب 136 مرة.
وقال الشيخ أمام بوابة السجن، وهو يودع مئات المرافقين له، إن «الظلم سيزول، وسأعود إلى أرض العراقيب بعد إتمام فترة حبسي لمواصلة الكفاح ضد إزالتها». وأضاف أنه لا شيء يثنيه عن البقاء فوق ثرى أرضه وأرض آبائه وأجداده: «فإما أظل فوقها عزيزا كريما، وإما تحتها عزيزا كريما. ففي القضية الوطنية والكرامة الوطنية لا توجد مساومة».
ورافق المئات من المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48) الشيخ الطوري إلى السجن يتقدمهم النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة» الذي كان هو نفسه قد اعتقل قبل انتخابه لعضوية الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عدة مرات مع الشيخ صياح الطوري. وقال النائب عودة إن «الشيخ صياح الطوري هو رمز فلسطيني كبير، بصموده يصنع مأثرة فلسطينية، وبدخوله السجن يكون مفخرة لشعبه ووطنه». وأعرب عودة عن أمله في أن يرى «خروج الشيخ الطوري من سجنه، في اليوم نفسه الذي يدخل فيه الفاسد بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي)، مباشرة إلى السجن، بسبب قضايا الفساد الموجهة إليه».
وكانت محكمة بئر السبع قد أدانت شيخ العراقيب بـ«الدخول إلى أرض الجمهور والتعدي على أراضي الدولة». واستأنف على القرار، لكن المحكمة المركزية في بئر السبع رفضت الاستئناف، ووافقت فقط على تأجيل الحبس لمدة عام لأسباب صحية.
وكان قد شارك في وداع الشيخ الطوري، نائب آخر من «القائمة المشتركة»، هو ابن النقب والممثل عن حزب التجمع الوطني، جمعة الزبارقة، الذي قال: «الشيخ الطوري (أبو عزيز) هو رمز الصمود والثبات والتشبث بأرض الآباء والأجداد هنا في النقب. ويدخل السجن اليوم متوجا بشرف الدفاع عن الأرض وحماية الوجود، وهذا شرف كبير. يدخل بكرامة مرفوع الهامة وبشموخ وطني نقباوي أصيل، وسيخرج كذلك بإذن الله. أبو عزيز حر رغم المعتقل».
يذكر أن قرية العراقيب تقع في قضاء بئر السبع ويعيش فيها أهلها منذ عشرات السنين. ولكن السلطات الإسرائيلية ترى فيها تهديدا لأنها تشكل امتدادا عربيا نحو مدينة بئر السبع. ولكونها تريدها مدينة يهودية صرفة وتخشى من زيادة العرب فيها، قررت هدمها وإقامة حديقة عامة ضخمة مكانها. ولذلك فقد هدمت قرية العراقيب 136 مرة خلال 8 سنوات، سبقتها بعدة عمليات ضغط وتنكيل ومطاردة. وخلال كل هذه الفترة، كان الشيخ صياح وأهل بلده يتصدون لجرافات الدمار والترحيل والتهجير، ويعيدون بناء بيوت قريتهم كل مرة من جديد عقب كل عملية هدم، ويعيشون بأبسط مقومات الحياة رغم كل التحديات، وذلك حفاظا على الأرض والوجود، وهم محرومون من الكهرباء والماء والمجاري وأي مرافق إنسانية ضرورية».
من جهة ثانية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس الثلاثاء، بمواصلة حملات الاعتقال اليومية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، تحت اسم «منع عمليات إرعاب ضد الجنود والمستوطنين» فاعتقلت 8 مواطنين من مدينة القدس، كما داهمت عددا من المناطق في الضفة الغربية، واعتقلت نحو 30 شخصا آخرين، خصوصا في مناطق جنين ورام الله وقلقيلية.
وفي الوقت الذي كان فيه سكان قرية زبدة المسيحية، في قضاء جنين، يبدأون نهار عيد الميلاد المجيد، داهمت قوات الاحتلال القرية واقتحمت عدة منازل وفتشتها بطريقة عشوائية وعبثت بمحتوياتها، وعرف من أصحابها ماجد إبراهيم بدارنة، ومنازل لعائلتي عمارنة وعطاطرة، كما شنت حملة تفتيش واسعة بين كروم الزيتون.
وفي منطقة القدس، اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في منطقة رأس العامود، أطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين. وفي سلوان جنوب المسجد الأقصى، ألقى شبان فلسطينيون عددا من الزجاجات الحارقة على بؤرة استيطانية في البلدة. واقتحمت قوات الاحتلال بلدة سلواد شرق رام الله، وبلدة دير نظام شمال غربي رام الله، وشنت عمليات دهم وتفتيش لمنازل المواطنين.
وفي منطقة قلقيلية اقتحمت قوات الاحتلال، أمس الثلاثاء، بلدة كفر قدوم. وداهمت عدة منازل وفتشتها وعبثت بمحتوياتها. وسيّرت دورياتها المحمولة والراجلة في شوارع وأزقّة البلدة، واعتدت على كل من وجد في الشارع. واستولت على مركبتين خاصتين تعودان للمواطنين صقر عبيد، ونافز شتيوي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.