عون يدعو إلى الصلاة لتذليل صعوبات تشكيل الحكومة

استبعاد حدوث أي خرق قبل بداية العام

فرقة من أرمينيا لدى وصولها إلى مطار بيروت للاحتفال بالأعياد (إ.ب.أ)
فرقة من أرمينيا لدى وصولها إلى مطار بيروت للاحتفال بالأعياد (إ.ب.أ)
TT

عون يدعو إلى الصلاة لتذليل صعوبات تشكيل الحكومة

فرقة من أرمينيا لدى وصولها إلى مطار بيروت للاحتفال بالأعياد (إ.ب.أ)
فرقة من أرمينيا لدى وصولها إلى مطار بيروت للاحتفال بالأعياد (إ.ب.أ)

لم يخرق جمود المشاورات الحكومية في فترة الأعياد سوى ما حذّر منه رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، حيال محاولة البعض خلق تقاليد جديدة، داعياً إلى الصلاة من أجل تأليف الحكومة، فيما استبعدت مصادر مطلعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يحدث أي خرق قبل بداية العام المقبل في ظل توقّف المبادرات والاتصالات بين الأطراف المعنية بشكل شبه كامل.
يأتي ذلك فيما اتخذت قيادتا «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» قراراً بوقف الحملات الإعلامية بين الطرفين بعد وصول الاتهامات والاتهامات المضادة بالمسؤولية عن تعطيل تأليف الحكومة إلى درجة غير مسبوقة، وهو ما انسحب على المناصرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما لفتت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط».
وقال الرئيس عون من بكركي بعد الخلوة التي جمعته بالبطريرك الماروني بشارة الراعي قبل قداس عيد الميلاد: «نعيش أزمة تأليف الحكومة، صلوا لكي تحل الصعوبات»، ورأى أن «البعض يخلق تقاليد جديدة في تأليف الحكومة لم نألفها سابقاً ونحتاج لبعض الوقت لإيجاد الحلول لها».
وفي رد على تساؤل الراعي لعون بقوله إن «اللبنانيين كانوا ينتظرون أن تكون العيدية حكومة»، أجاب الأخير: «عدم التشكيل سببه معركة سياسية، ويبدو أن هناك تغييراً في التقاليد والأعراف».
ونقلت إذاعة «صوت لبنان» عن مصادر مطلعة على خلوة عون - الراعي، أن الرئيس وضع البطريرك في أجواء الصعوبات التي تواجه التأليف لا سيما بعد قضية توزير أحد النواب السنة، وذلك بعد تعثّر المبادرة الأخيرة لتذليل ما باتت تعرف بالعقدة السنية لتمثيل «سنة 8 آذار» في الحكومة.
وفي عظة الميلاد، لفت الراعي إلى أن الشعب اللبناني كان ينتظر هديّة العيد حكومة جديدة بعد انتظار 7 أشهر كاملة، تخرجه من قلق المعيشة والأزمة، معتبراً أنّ أصحاب القلوب الفارغة من الحبّ والمشاعر الإنسانيّة، والولاء للوطن والإخلاص للشّعب، خنقوا فرحة العيد.
وتوجّه البطريرك إلى الرئيس عون قائلاً: «نسأل الله أن يبارك خُطاكم ويزيدكم حكمةً في قيادة الوطن الحبيب وسط ما يحيط به من صعوبات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، وما يلحق به من نتائج الحروب والنّزاعات الدّائرة في المنطقة». وفي ختام القداس، قدّم الراعي لعون وسام مار مارون، وهو الوسام الأرفع في الكنيسة المارونية، تقديراً لعطاءاته.
ولم تكن أجواء «اللقاء التشاوري» الذي يجمع النواب السنة، حيال سلبية المشاورات الحكومية، مختلفة عن المواقف الأخرى، وهو ما أكده أحد نوابه قاسم هاشم، مشيراً في حديث إذاعي، إلى أن «اتصالات تأليف الحكومة توقّفت، وتعقّدت إلى حد ما مسألة التأليف، ثم دخلنا عطلة الأعياد». وأضاف أنه «قد يكون من يُحاول استشراف الواقع للخروج من الأزمة بحلول معينة في وقت لاحق بعد العطلة». وفي رد منه على ما قاله الرئيس عون حول الخروج عن الأعراف، قال إن «رئيس الجمهورية له رأيه في موضوع تأليف الحكومة وهو حامي الدستور، حتى إن الجميع يقول إن هناك خروجاً عن الأعراف والتقاليد في موضوع تأليف الحكومة».
ولفت إلى أن «السؤال هو: لماذا لم تُكتب لمبادرة الرئيس ميشال عون الحياة، والأجوبة ليست لدينا، فنحن قدمنا التسهيلات حتى بموضوع الاسم، ولكننا لا نُريد من يمثلنا في الشكل فقط من دون مضمون»، مؤكداً: «إننا نُريد ممثلاً حقيقياً يبقى على تواصل دائم مع اللقاء التشاوري».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم