مخاوف من أزمة صحية عامة في إندونيسيا نتيجة كارثة التسونامي

بدأ ضحايا التسونامي في إندونيسيا يتلقون، أمس، المساعدات التي هم في أمس الحاجة إليها، لكن العاملين في المجال الإنساني يحذرون من خطر نفاد الأدوية والمياه النظيفة في ظل توافد الآلاف إلى ملاجئ الإغاثة المستحدثة والمكتظة.
وتزداد المخاوف من حدوث أزمة صحية عامة، مع ارتفاع حصيلة التسونامي الناجم عن ثوران بركاني ضرب المنطقة السبت وخلّف أكثر من 400 قتيل وآلاف المشردين جراء انهيار منازلهم. ويقول رضى اليمين، وهو طبيب يتعاون مع منظمة «أكسي سيبات تانغاب»، في مدرسة محلية حُوّلت مؤقتاً إلى ملجأ: «أطفال كثيرون مصابون بالحمى والصداع، وهم لم يشربوا ما يكفي من المياه». ويردف وفق وكالة الصحافة الفرنسية: «تنقصنا الأدوية. والمكان هنا ليس سليماً لمن تم إجلاؤه. وليس لدينا ما يكفي من المياه النظيفة. وهم في حاجة إلى الغذاء، والناس يفترشون الأرض».
واكتسح التسونامي المنطقة ليل الأحد دون سابق إنذار، جارفاً المنتجعات الشاطئية في جنوب سومطرة وغرب جاوة، ومجتاحاً الفنادق السياحية والمنازل على الساحل. وبلغت آخر حصيلة للضحايا 429 قتيلاً و1021 جريحاً و128 مفقوداً.
وحذر خبراء من خطر اجتياح موجات تسونامي أخرى المنطقة المنكوبة. ويخشى كثيرون ممن تم إجلاؤهم، ويتخطى عددهم 10 آلاف العودة إلى ديارهم، متخوفين من كارثة أخرى. وتقول نينغ سومارني (40 عاماً) التي تفترش أرض المدرسة مع أولادها الثلاثة وزوجها إلى جانب عشرات آخرين: «أنا هنا منذ ثلاثة أيام. أنا خائفة لأن منزلي قريب من الشاطئ».
من جهته، روى أبو سليم، الذي يعمل متطوعاً مع مجموعة «تاغانا»، الصعوبات التي تواجه عمال الإغاثة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «نركز اليوم... على إنشاء مطابخ عامة وتوزيع المستلزمات ونصب مزيد من الخيم في المواقع المناسبة». وأردف: «ما زالوا يحتاجون إلى المياه الجارية... وكثيرون توجهوا إلى مواقع أكثر ارتفاعاً، ولم نتمكن من الوصول إليهم بعد».
وتأتي المساعدات بأغلبيتها براً، في حين أوفدت الحكومة سفينتين في طريقهما إلى جزر قريبة من ساحل سومطرة لمساعدة سكانها الذين تقطعت بهم السبل. ويرجح مسؤولون، استناداً إلى المعلومات المتوفرة، أن يكون ثوران بركان آناك كراكاتوا في مضيق سوندا بين سومطرة وجاوة قد أدى إلى انهيار جزء من الفوهة الذي سقط في الماء وتسبب بالتسونامي.
وخلافاً لموجات التسونامي الناجمة عن هزات أرضية التي يمكن أن ترصدها أنظمة الإنذار، لا يتسنى للسلطات وقتاً كافياً لإنذار السكان من الخطر الوشيك في الحالات التي يعقب فيها التسونامي ثوراناً بركانياً. وكانت السلطات الإندونيسية قد اعتبرت في بادئ الأمر أن لا خطر من حدوث تسونامي، في حين وصلت الموجة الجارفة إلى الشاطئ. لكنها اضطرت لاحقاً إلى التراجع والاعتذار عن هذه التصريحات، متحججة بقصور أنظمة الإنذار المبكر.
وقال المتحدث باسم وكالة الكوارث الوطنية (سوتوبو بورو نوغروهو)، الاثنين: إن «عدد الضحايا الكبير مرده غياب نظام للإنذار المبكر من التسونامي. لم يكن لدى الناس الوقت للإخلاء». وتعكف فرق الإغاثة على البحث عن الجثث وسط الركام، في ظل تضاؤل فرص العثور على ناجين يوماً بعد يوم.
وهذه ثالث أكبر كارثة مدمرة تطال إندونيسيا خلال ستة أشهر، بعد سلسلة زلازل مدمرة ضربت جزيرة لومبوك بين يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وصولاً إلى سبتمبر (أيلول)، حيث خلف تسونامي تشكل في أعقاب زلزال، 2200 قتيل وآلاف المفقودين في بالو، على جزيرة سولاويسي.
وتأتي كارثة السبت أيضاً قبل أقل من أسبوع على الذكرى الرابعة عشرة للتسونامي العنيف الذي وقع عام 2004، وهو أكثر الكوارث فتكاً في التاريخ؛ فقد قتل نحو 220 ألف شخص في دول عدة محاذية للمحيط الهندي، بينهم 168 ألف إندونيسي.