سلطات الأمن المغربية تعلن خططها لسنة 2019

إحداث 23 مصلحة أمن جديدة خلال 2018

TT

سلطات الأمن المغربية تعلن خططها لسنة 2019

قالت المديرية العامة للأمن الوطني (الأمن العام) بالمغرب إنها تتطلع خلال سنة 2019 إلى صدور النظام الأساسي الجديد لموظفي الأمن الوطني. وأشارت في تقرير أصدرته أمس حول حصيلة نشاطها خلال 2018، وخططها لسنة 2019، إلى أن النصوص المتعلقة بهذا النظام أصبحت جاهزة «بعدما تم الانتهاء من تحيينها ومراجعتها وتثمينها على النحو الذي يضمن تحقيق مكاسب وظيفية وتحفيزات مالية مهمة لأسرة الأمن الوطني، فضلاً عن تطوير هيكلتها التنظيمية، وملاءمتها مع التحديات الأمنية، ومع انتظارات المواطنين، وهو ما سيكون له انعكاس إيجابي على العرض الأمني؛ جودة وأداء».
وأشار التقرير إلى أن مصالح الأمن الوطني تعتزم ضمن أولوياتها لسنة 2019 «تقوية حظيرة السيارات الموضوعة رهن إشارة شرطة النجدة في جميع القيادات الأمنية، ومواصلة تجديد المركبات المخصصة لنقل الخيول والكلاب المدربة للشرطة، علاوة على توزيع سيارات جديدة على مصالح الشرطة القضائية تتلاءم مع خصوصية المهام الموكولة لها، وأيضا تجهيز جميع المناطق الأمنية والفرق والمجموعات النظامية المستحدثة أخيرا بوسائل للنقل، والعتاد اللازم، لإشباع حاجات المواطن في مجال الأمن».
وعلى مستوى البنية التحتية العقارية، يقول التقرير إن «أشغال بناء المقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني ستتواصل، فضلا عن تدشين المقر الجديد لولاية أمن مكناس في مطلع سنة 2019، وبناء مقرات أمنية جديدة تتوافر فيها معايير الأمن المطلوبة في البنايات الحساسة، فضلا عن اقتناء تجهيزات متنقلة للإيواء بطاقة استيعابية تصل إلى 3000 عنصر من قوات حفظ النظام، وذلك لضمان الجاهزية والفعالية في عمليات المحافظة على الأمن والنظام العامين».
كما تضمن برنامج المديرية العامة للأمن الوطني لسنة 2019 افتتاح مراكز جديدة لتكوين الشرطة بمدينتي العيون وفاس، وإحداث وحدة لتكوين شرطة الحدود بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، مع تقوية نسبة الشرطيات المكلفات المراقبة والتفتيش بالمراكز الحدودية للمملكة، وخلق فرق جهوية لتقنيي تفكيك المتفجرات على مستوى جميع القيادات الأمنية، وتعميم فرق مكافحة الشغب على جميع المجموعات المتنقلة للمحافظة على النظام، وأخيرا تدعيم المقاربة التواصلية من خلال تنظيم النسخة الثالثة من «الأبواب المفتوحة» للأمن الوطني بمدينة طنجة، وتعزيز مهام الإخبار والإعلام الأمني في كل ما يتصل بالعمل الشرطي.
وبخصوص إنجازات 2018، أشار التقرير إلى إحداث 23 مصلحة أمنية جديدة، وذلك في إطار مواصلة تقريب الخدمات الأمنية من المواطنين، ومواكبة الامتداد الترابي للتجمعات السكنية والأقطاب الحضرية الجديدة. كما واكبت مصالح الأمن الوطني التطور العمراني والنمو الديموغرافي في بعض المدن الكبرى، حيث تم الارتقاء بمنطقة أمن سلا إلى مصاف «أمن إقليمي»، مع خلق 4 مناطق أمنية جديدة، كما تم الارتقاء بمفوضية ميناء أكادير إلى «مفوضية خاصة»، فضلا عن إعادة هيكلة مجموعات التدخل السريع بكل من القنيطرة وكلميم وطانطان والسمارة والداخلة وسيدي افني، وتحويلها إلى مجموعات متنقلة للمحافظة على النظام، مع ما يستتبع ذلك من تعزيز مواردها البشرية، ودعم تجهيزاتها المادية، والرفع من جاهزيتها في مجال حفظ الأمن والنظام العامين.
وفي السياق نفسه، يضيف التقرير، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني استكمال «مسار تعميم قاعات القيادة والتنسيق المرتبطة بالوحدات المتنقلة لشرطة النجدة، وقد شهدت سنة 2018 تثبيت هذا النظام في كل من الرباط وسلا وتمارة ومراكش، بينما لا تزال فاس وطنجة في مرحلة التجربة. وقد مكنت هذه العملية من الرفع من عدد طلبات النجدة المتوصل بها إلى 127.770 مكالمة، أسفرت عن القيام بما مجموعه 67.542 تدخلا أمنيا في الشارع العام، أو في الأماكن غير المفتوحة (منازل ومستودعات...)، بينما بلغت المكالمات الواردة على باقي القيادات الأمنية التي ما زالت تعمل بنظام قاعات المواصلات 1.683.380 مكالمة هاتفية، ترتب عليها 678.283 تدخلا أمنيا».
وفي مجال زجر الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني مسلسل دعم الوحدات الميدانية لمكافحة الجريمة، حيث أحدثت فرقتين لمكافحة العصابات بكل من الرباط وسلا، وتفعيل 19 وحدة للاستعلام الجنائي على مستوى القيادات الأمنية، وإحداث مكتب وطني لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، ومصلحة لليقظة الاقتصادية على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
كما أشار التقرير كذلك إلى مواصلة تقوية البنيات العلمية والتقنية الداعمة للتحقيقات الجنائية، حيث تم استحداث تخصص جديد على مستوى الكلاب المدربة للشرطة، يقوم على رصد العملات المهربة عبر المنافذ الحدودية، وخلق «معهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني» بوصفه هيئة جامعة لمختلف فروع الشرطة التقنية والعلمية.
وعلى مستوى عمليات الشرطة الرامية لمكافحة الجريمة، أبرز التقرير أنها ارتفعت بنسبة 6 في المائة مقارنة مع السنة الماضية؛ إذ بلغ عدد الأشخاص الموقوفين في حالة تلبس، أو بناء على مذكرات بحث، 554.202 شخص، بينما بلغ عدد القضايا الزجرية المسجلة بمختلف أشكالها 584.516 قضية. أما بخصوص الجرائم الخطيرة والمقرونة بالعنف، فقد بلغ عددها 56.878 قضية، بنسبة مئوية تصل إلى 9.73 في المائة من المظهر العام للجريمة، في حين عرفت جرائم القتل تراجعا بناقص 7 في المائة وجرائم الاغتصاب بناقص 5 في المائة.
وفي مجال التعاون الأمني الدولي، باشرت مصالح الأمن الوطني إجراءات تنفيذ 80 إنابة قضائية دولية صادرة عن السلطات القضائية الأجنبية، كما عمم المكتب المركزي الوطني (إنتربول الرباط) 55 أمرا دوليا بإلقاء القبض صادرة عن السلطات القضائية المغربية في حق أشخاص مبحوث عنهم من جنسيات مختلفة، تكلل بتوقيف 49 شخصا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.