تونس: تكثيف الوجود الأمني في المناطق السياحية خشية هجمات إرهابية

تراقب أيضاً مداخل المناطق الحدودية مع الجزائر وليبيا

TT

تونس: تكثيف الوجود الأمني في المناطق السياحية خشية هجمات إرهابية

كثفت وزارة الداخلية التونسية من الوجود الأمني في المناطق السياحية الكبرى، وعززت من الدوريات الأمنية في معظم مفترقات الطرق المؤدية إلى أكبر المدن التونسية وعلى الحدود الغربية مع الجزائر، والشرقية التي تربطها مع ليبيا، وذلك تحسباً لهجمات إرهابية كشفت عنها التحقيقات الأمنية التي أجريت خلال الشهرين الماضيين مع أعضاء خلايا إرهابية في تونس، وذلك على أثر الهجوم الانتحاري الذي نفذته الإرهابية التونسية منى قبلة وسط العاصمة التونسية بتاريخ 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ولتفادي هذه التهديدات الإرهابية، أكد هشام الفراتي وزير الداخلية التونسية، على تكثيف الوجود الأمني في المناطق السياحية لتأمين احتفالات رأس السنة، مؤكداً على أنه من تقاليد المؤسسة الأمنية في مثل هذه المناسبات تكثيف الوجود الأمني، خصوصاً في محيط المناطق السياحية.
وفي السياق ذاته، أشار الفراتي إلى أن عمل الوحدات الأمنية متواصل على مدار السنة نتيجة وجود مخاطر إرهابية تؤكدها عمليات الكشف المتكرر عن خلايا إرهابية تسعى إلى تنفيذ هجمات إرهابية ضد عدة أهداف حيوية، واستدرك المصدر ذاته ليفيد بتكثيف التدابير الأمنية بمناسبة نهاية السنة الإدارية، واتخاذ إجراءات أكثر قوة خلال هذه الفترة. وخلال احتفالات رأس السنة الإدارية نهاية السنة الماضية سخرت وزارة الداخلية التونسية نحو 54 ألف عون أمن لتأمين تلك الاحتفالات، ومن المتوقع أن تدفع بهذا العدد نفسه خلال نهاية السنة الحالية، علاوة على مشاركة المؤسسة العسكرية في عمليات المراقبة الأمنية للتحركات المشبوهة، خصوصاً في المنطقة العسكرية المغلقة وسط وشمال غربي تونس (القصرين وسيدي بوزيد والكاف وجندوبة)، وفي المنطقة العسكرية العازلة الواقعة على الحدود التونسية الليبية.
وكان هشام الفراتي وزير الداخلية، قد تفقد جاهزية مختلف الأسلاك الأمنية في ولاية (محافظة) الكاف (شمال غربي تونس)، وهي المنطقة التي شهدت القضاء يوم 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي على الإرهابي التونسي أيمن الجندوبي القيادي في خلية «عقبة ابن نافع» الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب». وأعلن الفراتي خلال انعقاد مجلس استثنائي للأمن بمقر ولاية الكاف إثر النجاح الأمني الذي حققته عناصر الحرس الوطني الصف الأول في مكافحة الإرهاب في المناطق الجبلية، أن سنة 2019 ستشهد اقتناء تجهيزات أمنية خصوصية، من بينها مدرعات لتأمين الشريط الحدودي الغربي والشرقي، بالإضافة إلى تكوين أكثر من 7 آلاف أمني على محاربة التنظيمات الإرهابية.
وكانت الوحدات الأمنية التونسية المختصة في مكافحة الإرهاب، قد ألقت القبض على عناصر خلية إرهابية بمنطقة سيدي بوزيد (وسط) المحاذية لمنطقة القصرين التي تعرف أنشطة إرهابية مكثفة، وأكدت أن المجموعة المكتشفة مهيكلة وموزعة الأدوار وتحمل اسم «كتيبة الجهاد والتوحيد»، وقد بايعت تنظيم داعش الإرهابي.
وأشارت وزارة الداخلية التونسية إلى إيقاف أغلب عناصر المجموعة وإصدار بطاقات إيداع بالسجن ضد ثمانية منهم، وإحباط مخططاتهم الإرهابية، من بينها استهداف دوريات ومقرات أمنية بالجهة، والتخطيط للهجوم على مناطق سياحية. وأشارت خلال هذه العملية إلى حجز حزام ناسف ورمانة يدوية تقليدية الصنع ومواد أولية لصنع المتفجرات، وكمية من مادة «الأمونيتر» المستعمل لصنع قنابل وألغام تقليدية الصنع. وتشير تقارير أمنية محلية إلى وجود ما يتراوح بين 300 و400 خلية إرهابية نائمة في عدد من المدن والأحياء الشعبية المحيطة بالمدن التونسية الكبرى، وهي تمثل الخزان الذي يوفر العناصر الجديدة المنضمة للتنظيمات الإرهابية المتحصنة في الجبال الغربية للبلاد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.