صعود للثقافة البديلة واتساع حركة الترجمة

المشهد الثقافي المصري في عام 2018

جاء قرار نقل «معرض القاهرة للكتاب» إلى منطقة التجمع الخامس بمثابة لطمة للكتّاب والمثقفين
جاء قرار نقل «معرض القاهرة للكتاب» إلى منطقة التجمع الخامس بمثابة لطمة للكتّاب والمثقفين
TT

صعود للثقافة البديلة واتساع حركة الترجمة

جاء قرار نقل «معرض القاهرة للكتاب» إلى منطقة التجمع الخامس بمثابة لطمة للكتّاب والمثقفين
جاء قرار نقل «معرض القاهرة للكتاب» إلى منطقة التجمع الخامس بمثابة لطمة للكتّاب والمثقفين

«الثقافة البديلة هي الحل» شعار بلوره بشكل تلقائي كثير من الأنشطة والفعاليات الثقافية الجادة التي يقوم بها شعراء وكتّاب مبدعون بجهود فردية، وشكلت ملمحاً قوياً للمشهد الثقافي المصري خلال هذا العام المنصرم 2018. انضم إليه عدد من دور النشر الخاصة، واضعة ضمن استراتيجيتها البعد النقدي للترويج لمطبوعاتها المتنوعة في الأدب والشعر وقضايا الفكر والفن، وذلك بإقامة ندوات خاصة، يلقي فيها نقاد وباحثون الضوء على ما تتضمنه هذه المطبوعات من أفكار ورؤى وقضايا تشتبك مع الواقع الراهن بأبعاده المأزومة، وتضعه على عتبة الاستنارة والتغيير.
تحت هذا الشعار، نفض غالبية المثقفين والكتّاب أياديهم من غبار المؤسسة الثقافية الرسمية، وأصبحوا لا يعولون عليها كثيراً، سواء في نشر كتبهم، أم الحصول على جائزة من جوائز الدولة، التي غالباً ما تذهب إلى غير مستحقيها. ناهيك عن الترهل والإهمال والفوضى التي أصبحت من الأمراض المزمنة لهذه المؤسسة.
جسّد «مؤتمر قصيدة النثر المصرية» في دورته الخامسة، وعلى مدار 3 أيام، في الفترة من 19 إلى 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، بأتيليه القاهرة، العنوان الأبرز لهذه الثقافة البديلة. بما شهده من حضور لافت وكثيف، وحلت ليبيا ضيفاً على هذه الدورة، ممثلة في كوكبة من الشعراء والشاعرات والنقاد الليبيين.
استنّ المؤتمر تحت رعاية منسقه العامّ الشاعر عادل جلال محورين جديدين في هذه الدورة، الأول بعنوان «مسار»، تحدث فيه عدد من شعراء السبعينات عن تجاربهم الشعرية وأهم المسارات والمحطات التي شكلت نقاط تحول فيها، كما احتفى بالشاعرين المصريين الراحلين؛ محمد صالح، وشريف رزق، في محور خاص. وشهد المؤتمر مشاركات نقدية مهمة، من أبرزها مشاركة الدكتور محمد بدوي، بعنوان «هل يمكن أن نعتبر قصيدة النثر نوعاً شعرياً جديداً؟»، ومشاركة الدكتور يسري عبد الله في دراسته «قصيدة النثر... تقنيات النص المفتوح وجمالياته»، كما قدّم الشاعر الليبي رامز النويصري دراسة بعنوان «قصيدة النثر في ليبيا». وأصدر المؤتمر كتاباً تضمن الأبحاث والدراسات النقدية لهذه الدورة.
ترافقت في هذا السياق، مجموعة من الأنشطة الأدبية اللافتة تقوم بها دور النشر الخاصة، من بينها «دار العين»، و«المصرية اللبنانية»، و«الكتب خان»، وتقف «دار بتانة» في صدارة هذه الأنشطة خاصة بموقعها الإلكتروني الذي أصبح نافذة مهمة لإبداعات وكتابات المبدعين، وطرح همومهم حول ما يخص الشأن الثقافي العام، بحرية وموضوعية بناءة.
وبعيداً عن العاصمة القاهرة، تمثل «الورشة الإبداعية» بمدينة كفر الزيات، تحت رعاية الشاعر ماهر نصر، شرياناً نقدياً حيوياً وحميماً يعتدّ بالحوار بين المبدع وما يطرح حول تجربته من دراسات وشهادات نقدية، يقدمها أعضاء الورشة. كما تمثل ندوة «منتدى المستقبل للفكر والإبداع» الأسبوعية رافداً مهماً ومتنوعاً في هذا السياق.
وجاء قرار نقل «معرض القاهرة للكتاب» من مكانه بأرض المعارض في مدينة نصر إلى منطقة التجمع الخامس النائية على أطراف العاصمة، بمثابة لطمة للكتّاب والمثقفين، معتبرين أن القرار خاطئ، وأنه سيُفقد المعرض ميزة التواصل المهمة مع الجمهور العام لحساب فئة بعينها، وأنه كان من الأجدى أن تقوم إدارة المعرض بالإنفاق على أرض المعارض وتطويرها وتحسين صورتها، بدلاً من التفكير في الحل الأسهل بنقل المعرض إلى مكان آخر، إضافة إلى أن أرض المعارض تتمتع بمحطة مترو أنفاق خاصة بالمعرض، ما يسهل على الجمهور زيارته، كما أبدى كثير من الناشرين تخوفهم من انحسار عملية البيع.
ومن جانبهم، دافع مسؤولو المعرض، الذي سينطلق في 23 يناير (كانون الثاني) المقبل محتفلاً بيوبيله الذهبي (50 عاماً)، عن عملية النقل، وأنه سيكون أكثر تنظيماً وإحكاماً وقرباً من الأقاليم. ففي تصريحات صحافية، أكد الدكتور هيثم الحاج علي، رئيس هيئة الكتاب المنظمة للمعرض، أن الغرض من القرار هو إقامة المعرض وفق «فورمات» عالمية تليق بسمعة المعرض العريقة وبالمناسبة الاستثنائية، وهي الاحتفال باليوبيل الذهبي له.
على ساحة الإبداع، تواصل القصة القصيرة وجودها بقوة للعام التالي على ساحة النشر، جنباً إلى جنب مع الرواية، ومن أبرز إصداراتها هذا العام «مدينة الحوائط اللانهائية» لطارق إمام، عن الدار المصرية اللبنانية، و«حروب فاتنة» لحسن عبد الموجود، و«وجه آخر للصلصال» لعبير الحلوجي، عن دار بدائل، و«كأنه هو» لعصام حسين، عن دار يسطرون. ومن الروايات المهمة التي شهدها هذا العام؛ «مزاج حرّ» لمحمد الفخراني، عن المصرية اللبنانية، و«فراشات أورنينا» لرشيد غمري، عن دار بتانة، و«محاولة للإيقاع بشبح» لهاني عبد المريد، عن المصرية اللبنانية، و«باب الخيمة» لمحمود الورداني، عن دار العين، و«الحب» لصبحي شحاتة، عن دار بدائل. وكان لافتاً أيضاً إعادة طبع روايتين تُعدان من المحطات الأساسية في السرد الروائي، وهما روايـتا «مرافئ الروح» ليحيى مختار، و«العرس» لفتحي إمبابي.
وحظي الشعر بنصيب لا بأس به ضمن حركة النشر. ومن أبرز إصدارته دواوين «عفواً هذا الرقم خارج الخدمة» لفريد أبو سعدة، عن هيئة الكتاب، و«ربّ على شكل طائر» لمحمد عيد إبراهيم، عن منشورات «أنا الآخر»، و«الهائم في البرية» لعبد المنعم رمضان، عن دار العين، و«غلطة لاعب سيرك» لعزمي عبد الوهاب، عن هيئة قصور الثقافة، و«خرائط الجنة» لعبد الغفار العوضي، عن هيئة الكتاب.
وفي مجال الدراسات الأدبية، حظي كتاب «النهار الآتي» عن تجربة الشاعر رفعت سلام بمتابعات نقدية وأدبية ضافية. الكتاب قام بجمعه وتحريره الكاتب أحمد سراج، ويضم 28 مادة، ما بين دراسات وشهادات نقدية لنقاد مصريين وعرب، تضيء تجربة سلام من عدة زوايا فنية مهمة. كما شكّل كتاب «أولاد حارتنا... سيرة الرواية الـمُحرّمة» للكاتب الصحافي محمد شعير، عاصفة من الحوارات المهمة، حول وقائع منع نشر الرواية في مصر، وكشف الكتاب كثيراً من الأقنعة المستترة التي رافقت هذا المنع على المستوى السياسي والثقافي والديني.
وسط هذا المناخ، كان لافتاً تنوع واتساع حركة الترجمة، من عدة لغات أجنبية إلى العربية، شملت كتباً مهمة في عالم الأدب والفلسفة والنقد والعلم والتراث، وبرز المترجم المثقف سيد إمام بجهد وافر ومتنوع في هذا السياق، مقدماً إلى المكتبة العربية مجموعة من الترجمات التي تعد أصولاً ومراجع في مادتها، منها موسوعة «ألف ليلة وليلة» أو «الليالي العربية»، التي ترجمها عن الإنجليزية لاورليش مارزوف وريتشارد فان ليفن، وصدرت في جزأين عن المركز القومي للترجمة، لافتاً في مقدمته الضافية لها، إلى أنها تجيب عن أسئلة مهمة للقارئ، حول أصولها وتواريخ ظهورها وجامعيها، وحكاياتها الأصلية أو المنتحلة وما جرى عليها من تعديلات أو تحويرات، والأثر الذي خلفته في جمهور المستمعين والقراء في كل مكان وزمان وفي المبدعين من شعراء وروائيّين ورسامين وموسيقيّين وكتّاب مسرح في الشرق والغرب، على حد سواء. وحديثاً، أضاف سيد إمام لجهده الوافر كتاباً مهماً، ترجمه بعنوان «النقد النظير» للمفكر المعروف إيهاب حسن، صدر عن دار نشر شهريار ببغداد، يتضمن رؤية فكرية، تدور في إطار 7 تأملات عن الفكر النقدي المعاصر. ويعد هذا الكتاب الثاني عن إيهاب حسن لإمام، فقد صدرت له مطلع هذا العام نفسه ترجمة أخرى للعربية لكتاب إيهاب حسن «الخروج من مصر.. مشاهد ومجادلات لسيرة ذاتية» عن دار العين للنشر.
واتسعت حركة الترجمة للأدب الروسي بمعرفة وفهم راقيين، على يد نخبة من النقاد والباحثين درسوا في روسيا وقضوا سنوات هناك في رحاب جامعاتها، ويعمل أغلبهم أساتذة للأدب الروسي بالجامعات المصرية، من بينهم دكتور إيمان يحيى، ودكتور نبيل رشوان، ودكتور محمد نصر الدين الجبالي.
وعلى مستوى الفن، أضاف «بينالي شرم الشيخ الدولي للفنون» ملمحاً جمالياً مهماً لصعود تيار الثقافة البديلة، فعلى مدار أسبوع أقام البينالي فعاليات دورته الثالثة، بمشاركة 52 فناناً من العالم، مقدماً درساً مهماً في العمل الجماعي، بالتعاون مع قوميسوره العام، الفنان جمال مليكة، ومحافظة جنوب سيناء، وبعض رجال الأعمال الإيطاليين.
على الجانب الآخر الرسمي، غاب منذ سنوات من أجندة البيناليهات الدولية؛ بينالي القاهرة وبينالي الإسكندرية. والأخير يعد ثالث أقدم بينالي في العالم. يصب في هذا المسعى بقوة «ملتقى البرلس الدولي للرسم على الحوائط والمراكب»، الذي عقد دورته الخامسة، أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمشاركة 42 فناناً من 18 دولة، ويقام هذا الملتقى برعاية «مؤسسة الفنان عبد الوهاب عبد المحسن للفنون».
ويبقى معرض «حلاوة زمان» للفنانة الشابة سماء يحيى، بمعرض متحف محمود مختار، من أبرز وأهم المعارض وأكثرها فنية ومغامرة، التي شهدتها ساحة الفن التشكيلي هذا العام. اعتمد المعرض على رؤية تركيبية، تمزج الرسم بالنحت بالخزف، بحثاً عن جماليات المهمل، المتناثر في كراكيب ومفردات الحياة، والتفتيش في مسامها الصلدة الصدئة عن علاقات جمالية جديدة ومباغتة تكسر الشائع والمألوف في إطار اللوحة التقليدية، ففي كل قطعة بالمعرض ثمة حالة من التنفس بحرية، مفتوحة بحيوية على أصوات الماضي والحاضر والمستقبل معاً.
ولم يشأ هذه العام أن يغادر دون ترك «لطشة» حزن، خلّفها رحيل بعض الكتّاب والمبدعين، من أبرزهم الفنان المخضرم محمد صبري، رائد فن الباستيل في مصر، الذي رحل عن عمر ناهز 100 عام، وله مقتنيات من أعماله في المتاحف المصرية وعدد من الدول الأوروبية... كما غيّب الموت أيضا الدكتور سيد البحراوي أستاذ النقد والأدب العربي بجامعة القاهرة، عن عمر ناهز 65 عاماً بعد صراع مع مرض السرطان... مثّل البحراوي صوتاً مهماً في الثقافة الوطنية، وعمل أستاذاً بجامعة ليون الثانية بفرنسا، وتولى الإشراف على عشرات الرسائل العلمية في مصر والجزائر وفرنسا، وشارك في كثير من المؤتمرات الدولية والعربية، وكتبت عنه مجموعة من الباحثين كتاباً صدر عن دار العين سنة 2010 بعنوان «النقد والإبداع والواقع... نموذج سيد البحراوي» بتقديم للدكتور محمد مشبال أحد تلامذته. وللراحل عدد من الأعمال الأدبية في القصة القصيرة والرواية.


مقالات ذات صلة

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

ثقافة وفنون «شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)
يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.