بعد سلسلة من القرارات والمواقف السياسية عكس التيّار السائد في المشهد الأوروبي حول أزمة الهجرة، أعلن رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز عن مفاجأة أخرى بقراره ترشيح المفكّر السياسي الفرنسي المتحدّر من أصل جزائري سامي نعير في المواقع الأولى على لائحة انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو (أيار) المقبل. وأفاد مصدر مسؤول في رئاسة الحكومة الإسبانية أن نعير قبل العرض الشخصي الذي قدّمه له سانشيز، ليكون في عداد الأسماء الأولى على اللائحة التي يرجَّح أن يرأسها وزير الخارجية جوزيب بورّيل الذي سبق له أن رأس البرلمان الأوروبي.
وتجدر الإشارة إلى أن نعير كان قد تعاون، كخبير في شؤون الهجرة، مع سانشيز عندما كان هذا الأخير أميناً عاماً للحزب الاشتراكي. ويأتي قرار سانشيز في خضمّ المفاوضات الجارية في بروكسل بين الحكومات الأوروبية للتوافق حول سياسة مشتركة للهجرة، وبالتزامن مع صعود الحركات اليمينية المتطرفة ووصول بعضها إلى مواقع الحكم في عدد من الدول الأوروبية.
وكان لافتاً أن هذا القرار فاجأ حتى أقرب الوزراء من سانشيز، سيّما وأنه يأتي بعد دخول اليمين المتطرف إلى البرلمان الأندلسي للمرة الأولى منذ ٣٦ عاماً بعد الانتخابات الإقليمية التي جرت منذ أسبوعين، وفي مرحلة تتعرّض خلالها إسبانيا لضغط كبير من المهاجرين بعد أن أصبحت الوجهة الأولى لمن يعبرون المتوسط من القارة الأفريقية نحو أوروبا. وكانت حكومة مدريد قد سمحت أمس لسفينة «الأذرع المفتوحة» التي تحمل على متنها ٣٠٠ مهاجر بالتوجّه إلى أحد المرافئ الإسبانية، بعد إصرار إيطاليا على إغلاق موانئها ورفض مالطا وفرنسا واليونان استقبالها.
ويعتبر نعير من الوجوه التقدميّة البارزة في المشهد الأوروبي، وهو صاحب نظرية «النمو المشترك» كأساس لمعالجة أزمة الهجرة على الأمد الطويل في أوروبا. ومن المنتظر أن يكون ترتيبه الثالث أو الخامس على لائحة الحزب الاشتراكي في حال ترأسها وزير الخارجية بورّيل، أو في المرتبة الثانية إذا تقرر أن ترأسها امرأة.
وُلِد سامي نعير في مدينة تلمسان بالجزائر عام ١٩٤٦، وهو حائز على دكتوراه في الفلسفة السياسية ودكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون الباريسية، ويدرّس العلوم السياسية في جامعة باريس السابعة منذ العام ١٩٧٠. وكان مستشاراً مقرّباً من رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ليونيل جوسبان، ونائباً في البرلمان الأوروبي عن الحركة الجمهورية الفرنسية من ١٩٩٩ إلى ٢٠٠٤. وقد وضع نعير عدداً من المؤلفات المرجعية حول موضوع الهجرة ودراسات قيّمة حول الأمن والتعاون في منطقة المتوسط، وينشر مقالات دوريّة في عدد من الصحف الأوروبية أبرزها «لوموند» الفرنسية و«إل باييس» الإسبانية. وفي ثمانينات القرن الماضي، أشرف على إدارة مجلة «الأزمنة الحديثة» المرموقة إلى جانب الكاتبة والمفكّرة المعروفة سيمون دي بوفوار.
وفي ٤ يونيو (حزيران) ٢٠٠٢، وقّع نعير مقالة شهيرة في صحيفة لوموند تحت عنوان «إسرائيل - فلسطين: السرطان»، انتقد فيها بشدّة سياسة الحكومة الإسرائيلية، مما دفع بعض المنظمات الفرنسية المتعاطفة مع إسرائيل إلى الادّعاء عليه بتهمة معاداة الساميّة. وبعد أن أدانه القضاء في المحاكمة الأولى وتعرّض لانتقادات شديدة، عادت محكمة النقض وبرّأته من التهم التي كانت موجّهة إليه لاعتبارها أن المحكمة الأولى انتهكت أحكام القانون الفرنسي لحرية الرأي والصحافة.
ومن بين المناصب العديدة التي تولّاها نعير إدارة المركز المتوسطي الأندلسي في جامعة إشبيلية حيث كان يحذّر دائماً من مخاطر صعود الحركات اليمينية المتطرفة التي كان يعتبر أنها تفتعلها وتساعد على تغذيتها تمهيداً لاستغلالها في الانتخابات لاحقاً. والجدير بالذكر أن نعير، الذي يتكلّم الإسبانية، لا يحمل الجنسية الإسبانية، بعكس رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس الذي يترشّح لمنصب رئيس بلدية مسقط رأسه برشلونة.
سانشيز يرشح فرنسياً من أصل جزائري على لائحة الانتخابات الأوروبية
سانشيز يرشح فرنسياً من أصل جزائري على لائحة الانتخابات الأوروبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة