القضاء العراقي يلغي المرتبات التقاعدية لأعضاء البرلمان

قراره يشمل من هم دون الخمسين وتقل خدمتهم عن 15 عاماً

TT

القضاء العراقي يلغي المرتبات التقاعدية لأعضاء البرلمان

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا العراقية، أمس، حكماً بعدم دستورية 5 مواد من أصل 25 مادة في قانون مجلس النواب. ومن بين أهم المواد التي قضت المحكمة بعدم دستوريتها المادة 13 من القانون؛ المتعلقة بالمرتبات التقاعدية لأعضاء المجلس التي أثارت في حينها موجة انتقادات واسعة خلال التصويت عليها بمجلس النواب في يوليو (تموز) 2018، وعُدَّتْ مخالفة صريحة لقانون التقاعد العام وتمييزاً بين المواطنين، لأنها تمنح حقوقاً تقاعدية لمن يقل عمره عن خمسين سنة من النواب، وتعتبر فترة الأربع سنوات التي يقضيها النائب في الدورة الانتخابية 15 سنة لأغراض التقاعد، شرط أن يقوم بتسديد ما يسمى بـ«التوقيفات التقاعدية الشهرية».
وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الاتحادية، إياس الساموك، إن «المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها اليوم (أمس)، برئاسة القاضي مدحت المحمود وحضور القضاة الأعضاء كافة، ونظرت طعوناً على مواد في قانون مجلس النواب». وأضاف أن «المحكمة قضت بعدم دستورية المادة (6 - ثانياً) التي منحت النواب حق التقاضي عن الغير، والمادة (11 - رابعاً) التي اعتبرت عضو مجلس النواب متخلفاً عن الحضور، وإن لم يصبح نائباً».
وبيّن الساموك أن «المحكمة قضت أيضاً بعدم دستورية المادة 13 التي خصت رئيس المجلس ونوابه، وأعضاء المجلس، برواتب تقاعدية تختلف عن الرواتب التي يشملها قانون التقاعد الموحد».
ومن بين المواد الأخرى التي ألغتها المحكمة الاتحادية من قانون مجلس النواب «المادة 17 التي خولت المجلس إصدار قرارات تشريعية، عدا ما نص الدستور عليها، والمادة 68 المتعلقة بصلاحية المجلس في وضع الأسبقيات كونها من صلاحية وزارة الخارجية».
وتعد المادة 13 المتعلقة بتقاعد النواب من أهم المواد التي تثير حفيظة المواطنين العراقيين، وقد تسببت بأزمة خلال الأشهر الأخيرة من عمر دورة رئيس الجمهورية السابق فؤاد معصوم، بعد أن قام بإحالة أعضاء البرلمان إلى التقاعد، بناءً على المادة 13، بحيث اضطر معها لإصدار بيان حول الموضوع في يوليو 2018، ذكر فيه أن القانون فيه «الكثير من المخالفات الدستورية والقانونية التي أدرجت في نصوصه، إضافة إلى تقاطعه مع المبادئ العامة، ومنها مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ المساواة ما بين الحقوق والواجبات».
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قال مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي إنه قدم تنازلاً أمام المحكمة الاتحادية فيما يتعلق بالفقرة الخاصة بالحقوق التقاعدية في قانون مجلس النواب، معتبراً أن «النائب مثل أي موظف آخر عند إحالته إلى التقاعد ويخضع لقانون التقاعد العام».
لكن المحامي محمد الساعدي نفى أن يكون رئيس مجلس النواب قد تنازل أمام المحكمة الاتحادية عن تقاعد أعضاء البرلمان. وقال الساعدي، وهو رئيس تجمع «جيل العطاء الجديد» والفريق المؤلف من 4 محامين للطعن في المادة المتعلقة بتقاعد النواب لـ«الشرق الأوسط»: «لا يحق للحلبوسي التنازل، سواء بصفته الشخصية أو الاعتبارية، كونه رئيساً لمجلس النواب، وقد أبلغنا رئيس المحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود أثناء المرافعة اليوم أن الحلبوسي لم يتنازل خطياً إنما قولاً فقط».
ويضيف الساعدي: «حصلنا اليوم على قرار بإلغاء تقاعد أعضاء البرلمان غير القانوني، لأن قانون التقاعد العام يشترط أن يكون عمر المتقاعد 50 عاماً وخدمته 15 سنة على أقل تقدير، وهذا الأمر غير متحقق في أغلبية أعضاء البرلمان، أما إذا كان أحدهم مستوفياً للشروط فيمنح مرتباً استناداً إلى قانون التقاعد العام الموحد».
وكشف الساعدي أن فريقه «ترافع أمام المحكمة الاتحادية ضد المادة 13 المتعلقة بتقاعد النواب فقط، أما المواد الأربعة المتبقية التي حكمت المحكمة بها فهي مرفوعة من رئاسة الوزراء ضد مجلس النواب».
بدوره قال النائب عن تحالف «القرار» هيبت الحلبوسي، في تصريحات صحافية أمس، إن «رواتب تقاعد أعضاء مجلس النواب ستكون موازية لتقاعد أي موظف في الدولة عند إكمال الخدمة، بعد أن كانت درجات خاصة، ويستلم راتب عشرة أضعاف الراتب التقاعدي لموظف الدولة»، مؤكداً أن «أغلبية النواب شجعوا على مساواة الراتب، وإيصال رسالة بأن أعضاء مجلس النواب بخدمة الشعب العراقي، لكن البعض منهم كان ضد مساواة رواتب التقاعد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».