تركزت أنظار مانشستر يونايتد وريـال مدريد على مدرب فريق توتنهام هوتسبير، ماوريسيو بوكيتينو، لفترة من الوقت من قبل، وعاد هذا الموقف ليتشكل اليوم من جديد، في وقت يبدو فيه أن ماوريسيو أصبح بارعاً في مغازلة الأندية الكبرى.
من ناحية، يحرص مدرب توتنهام هوتسبير على الحديث عن الاحترام الذي يكنه تجاه ناديه الحالي، والسعادة التي يشعر بها داخل شمال لندن، وكيف أن تركيزه منصب على وظيفته الحالية، وعلى تعزيز مستوى مهنيته. وعلى الجانب الآخر، يترك بوكيتينو الباب مفتوحاً بخصوص المستقبل، وما قد يحمله معه، فمن يدري ماذا يخبئ المستقبل؟ ويعد هذا من أساليب جذب الانتباه المعروفة بمجال كرة القدم.
من ناحية أخرى، وفي يوم الثلاثاء، خلال ما كان يفترض أنه عرض تمهيدي لخطة الفريق لخوض مواجهة أمام آرسنال، مساء الأربعاء، في الدور ربع النهائي ببطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، انقلبت الأمور رأساً على عقب، بإعلان مانشستر يونايتد طرد جوزيه مورينيو في الصباح. وطرح بوكيتينو خبراً بخصوص الفريق - أمر غير مسبوق من جهته - عندما كشف أن هاري كين لن يشارك في التدريب بسبب إصابته بالبرد، وأنه مشكوك في اختياره في التشكيل الأساسي للفريق. بدت تلك معلومة تفصيلية صغيرة، لكنها حملت كثيراً من الدلالات المهمة.
جدير بالذكر أن اسم بوكيتينو ارتبط بمانشستر يونايتد للمرة الأولى قرب نهاية عام 2015 - 2016، عندما كانت كل المؤشرات تميل لصالح لويس فان غال، حيث أثار بوكيتينو الجدال بمشاركته في مأدبة غداء مع سير أليكس فيرغسون. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، كان ريـال مدريد هو الذي يظهر اهتمامه ببوكيتينو. وكان توتنهام، الفريق الذي يتولى بوكيتينو تدريبه، قد فاز على النادي الإسباني بنتيجة 3 / 1 في بطولة دوري أبطال أوروبا. وظهرت أقاويل تشير إلى قرب طرد مدرب ريـال مدريد آنذاك، زين الدين زيدان. أما بوكيتينو، فلم يؤكد من جانبه شيئاً، ولم ينفِ شيئاً، في الوقت الذي وصف فيه توتنهام هوتسبير بأنه «النادي الأهم على مستوى العالم».
واستمر اهتمام ريـال مدريد ببوكيتينو هذا الموسم، وذلك خلال الفترة الكارثية التي تولى خلالها جولين لوبيتيغي تدريب النادي الإسباني، ولا يزال هناك شعور بأن سانتياغو سولاري يحافظ على المكان فحسب حتى الصيف من أجل بوكيتينو، أو بالأحرى من أجل بوكيتينو، أو حتى ربما مورينيو. اليوم، عاد القرار الآن إلى مانشستر يونايتد.
من جهته، اختار النادي الاعتماد على مدرب بصفة مؤقتة خلال الفترة المتبقية، الأمر الذي يضع بوكيتينو في صورة المدرب الدائم المحتمل الصيف المقبل. ومنذ المرة الأولى التي ربطت أقاويل متداولة بينه وبين مانشستر يونايتد، لم يفعل بوكيتينو شيئاً سوى تدعيم سمعته. وقال بوكيتينو: «في كرة القدم، لا أحد يضمن أين ستكون في اليوم التالي. في كرة القدم، قد يكون اليوم أبيض وغداً أسود، فلا أحد يدري حقاً ماذا سيحدث لاحقاً. ماذا سيحدث في الصيف، أو غداً؟ لا أحد يعلم. والذي سيحدث خارج أيدينا، فالقرار في يد نادٍ آخر، ونحن لا نعلم عنه شيئاً. هذا ليس من شأني، ولن أهدر وقتي ولا طاقتي بشأنه، لأن تركيزي وطاقتي متركزة على توتنهام».
وقد سئل بوكيتينو سؤالاً مباشراً حول ما إذا كان مهتماً بتدريب مانشستر يونايتد، وبالطبع لم يقدم إجابة مباشرة. وقال بوكيتينو: «بعد نحو 5 أعوام، ثمة كثير من الشائعات حول منصبي كمدرب مع توتنهام. لا أستطيع الإجابة عن هذا النوع من الأسئلة لأن الشائعات تحدث»، وأضاف: «أريد أن أبذل قصارى جهدي مع فريقي الحالي».
وعلى الرغم من أن بوكيتينو لم يحرز لقباً مع توتنهام، فإنه نجح في تشكيل مجموعة ناجحة من اللاعبين الشبان، وأبرم تعاقدات ذكية، رغم محدودية نشاط إدارة فريقه في سوق الانتقالات، لا سيما في صيف 2018. ويعد التزامه اللعب بخطط هجومية، وبناء علاقة صداقة مع لاعبيه، تناقضاً صارخاً مع شخصية مورينيو الذي يعتمد بدوره أساليب تكتيكية دفاعية. ورفض بوكيتينو التعليق على أسباب إقالة مورينيو، مقراً بأنه يشعر بالأسف لرؤية صديقه يبعد بعد موسمين ونصف الموسم في منصبه، وقال: «بداية، أود أن أعرب عن أطيب تمنياتي له. أشعر بالأسف الشديد تجاهه. لديّ علاقة جيدة جداً مع جوزيه، هو صديق جيد، وهذه أنباء مؤسفة. ليس من شأني ما حدث في نادٍ آخر».
تجدر الإشارة إلى أن هناك اختلافاً كبيراً بين الموقف الراهن لبوكيتينو وما كان عليه وضعه في الماضي القريب، من حيث التوقيت ومستوى السيطرة. لقد فكر مانشستر يونايتد بجدية فيه كخليفة للويس فان غال، ودعمه أليكس فيرغسون، وقال عنه المدرب المخضرم إنه أفضل مدرب في إنجلترا، لكن في النهاية ظل النادي في حالة انتظار طويلة، حتى قرر نهاية الأمر أن مورينيو - الذي سبق له حصد بطولات عدة، ويتميز بسمعة عالمية بارزة ومكانة كبيرة - يمثل رهاناً أفضل. أما بوكيتينو، فوقع عقداً جديداً مع توتنهام هوتسبير.
أما ريـال مدريد، فظلت أنظاره على بوكيتينو الموسم الماضي، لكن زيدان نجح في البقاء مع النادي، من خلال تقدمه عبر دوري أبطال أوروبا، ثم الفوز بالبطولة من جديد. ووقع بوكيتينو عقداً جديداً في مايو (أيار) مع ناديه الحالي. وبعد 7 أيام، أعلن زيدان عن استقالته التي جاءت بمثابة صدمة. وبذلك من جديد، لم يحالف الحظ بوكيتينو في الفوز بعرض واضح من جانب نادٍ عريق.
ويخشى مسؤولو توتنهام هوتسبير من أن يظهر هذا العرض اليوم، بمعنى أن يضطر بوكيتينو لاتخاذ قرار وحسم اختياره. وحتى قبل طرد مورينيو، كان هناك إدراك عام داخل توتنهام هوتسبير بأنهم سيخوضون معركة شرسة للاحتفاظ بالمدرب الصيف المقبل. وبرحيل مورينيو، واختيار مانشستر يونايتد الاعتماد على قائم بأعمال المدرب لفترة مؤقتة، فإن النادي أعلن بذلك فعلياً عن وظيفة مدرب شاغرة لديه مسبقاً قبل قدوم الصيف. هل يمكن أن يمثل هذا القرار بداية رقصة جديدة لبوكيتينو؟
لماذا يمكن أن يرغب بوكيتينو في الرحيل عن توتنهام هوتسبير؟ لقد نجح في بناء فريق مثير للاهتمام، بالاعتماد على ميزانية صغيرة نسبياً، وينافس الفريق اليوم في دوري أبطال أوروبا للموسم الثالث على التوالي. ومثل المرة الأخيرة، تقدم الفريق إلى دور الـ16، حيث سيواجه بوروسيا دورتموند. ومن الواضح أن توتنهام هوتسبير يقدم أداء أفضل عن مانشستر يونايتد في الدوري الممتاز، بجانب مشاعر الإثارة داخل النادي تجاه الانتقال الوشيك إلى استاد جديد.
ومع ذلك، أظهر بوكيتينو شعوره بالإحباط تجاه ضعف الميزانية، وهو أمر ارتبط بالاستاد الجديد، الذي تكلف مليار جنيه إسترليني، وكان من اللافت تلميحه، الثلاثاء، إلى أن إنجاز النادي الموسم في واحد من المراكز الأربعة الأولى على نحو متكرر ربما يراه البعض غير كافٍ. وقال: «بعد 4 سنوات ونصف السنة، يبدو أننا نسينا كل ما حدث في الماضي، وأصبح الحكم بالنجاح يعتمد فقط على الفوز ببطولات. لا ينبغي أن نغفل أن أندية أخرى تستثمر أموالاً طائلة».
ويأتي مانشستر يونايتد على رأس تلك الأندية، في وقت يعلم بوكيتينو أن الميزانية ستبقى محدودة داخل توتنهام هوتسبير لبعض الوقت. وغالباً ما تأتي لحظة على أي مدرب يسعى للفوز ببطولات يجد فيها هذا الوضع مثيراً للإحباط بدرجة يصعب احتمالها. والسؤال: إذا كان مانشستر يونايتد يرغب في الاستعانة ببوكيتينو، لماذا لم يتجه إليه فوراً؟ لأنه سيكون من المستحيل اقتناصه من يد رئيس نادي توتنهام هوتسبير، دانييل ليفي، في منتصف الموسم. ومع سريان عقده حتى عام 2023، سيكون من الصعب أيضاً انتقاله في الصيف، مع احتمالات أن يلعب المال دوراً حاسماً في الأمر.
وفي وقت سابق، حال توتنهام هوتسبير دون توجيه الصحافيين أسئلة إلى مدربه بوكيتينو حول احتمال انتقاله إلى الغريم المحلي مانشستر يونايتد في نهاية الموسم، لكي يخلف البرتغالي مورينيو. وخلال مؤتمر صحافي للمدرب الخميس، منع المسؤول الإعلامي في النادي الصحافيين من توجيه أسئلة بهذا الشأن، معتبراً أن الأرجنتيني رد على الاستفسارات حول الموضوع سابقاً.
وأشارت مصادر إعلامية إنجليزية إلى أن جدلاً حصل بين صحافي والمسؤول الإعلامي لتوتنهام الخميس، خلال المؤتمر الصحافي المخصص لمباراة الفريق اللندني وإيفرتون، في الدوري الممتاز لكرة القدم، بسبب إصرار الأول على طرح السؤال بشأن بوكيتينو ويونايتد. ودفع هذا الأمر بالمسؤول الإعلامي إلى طلب وقف الكاميرات التلفزيونية، واستمر الجدل بشأن هذه المسألة قرابة دقيقتين.
وتصدر بوكيتينو ترشيحات مكاتب المراهنات لخلافة مورينيو في «أولد ترافورد»، بعد إعلان يونايتد إقالة البرتغالي (55 عاماً)، على خلفية النتائج السيئة، وتحقيق الفريق أسوأ انطلاقة محلية منذ عام 1990. وبتعيين مدرب مؤقت للإشراف على الفريق حتى نهاية الموسم، سيكون أمام يونايتد متسعاً من الوقت لإغراء بوكيتينو (46 عاماً)، وإقناعه بمغادرة توتنهام، الفريق الذي يدربه منذ 2014، واكتسب معه صيتاً، كواحد من ألمع المدربين الشبان في أوروبا. لكن المدرب الأرجنتيني فشل حتى الآن في إحراز أي لقب مع توتنهام هوتسبير، الباحث عن تتويجه الأول منذ 2008، حين نال لقب كأس الرابطة.
وسيحاول بوكيتينو، المرتبط بعقد مع توتنهام حتى 2023، التخلص من عقدة السقوط في الأمتار الأخيرة، وستكون كأس الرابطة الفرصة الأولى هذا الموسم لإحراز لقب مع توتنهام هوتسبير، بعد الوصول إلى نصف النهائي، بالفوز الأربعاء على الجار آرسنال، في معقل الأخير، 2 / صفر.
وسيكون الجار الآخر (تشيلسي) العقبة التالية في مشوار توتنهام نحو اللقب الذي يبدو ممكناً، في ظل الأداء القوي الذي يقدمه الفريق، بصرف النظر عن هزيمته الأخيرة أمام ليستر سيتي. لكن الأرجنتيني رفض المبالغة في التفاؤل، ورد على سؤال بشأن اقتراب فريقه من رفع كأس الرابطة، قائلاً «أصبحنا أقرب؟ أعتقد أن الطريق ما زال طويلاً»، وأوضح: «نحن نلعب ضد تشيلسي مباراتي ذهاب وإياب، وستكون بالطبع المرة الرابعة أو الخامسة التي نخوض فيها الدور نصف النهائي خلال 4 أعوام ونصف العام. لكن ما زلنا بعيدين جداً (عن التتويج)»، وأضاف: «هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به».
«لعبة التودد» تبدأ مجدداً بين بوكيتينو ومانشستر يونايتد
مدرب توتنهام يحرص على الحديث عن احترامه لناديه ويترك الباب مفتوحاً بخصوص المستقبل
«لعبة التودد» تبدأ مجدداً بين بوكيتينو ومانشستر يونايتد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة