جمعية سعودية تطلق مسابقة دولية في «فن الفيديو»

خلال ملتقى عرض التجارب الفنية من 18 دولة

جانب من معرض وملتقى «الفيديو آرت» الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون - فرع الدمام (الشرق الأوسط)
جانب من معرض وملتقى «الفيديو آرت» الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون - فرع الدمام (الشرق الأوسط)
TT

جمعية سعودية تطلق مسابقة دولية في «فن الفيديو»

جانب من معرض وملتقى «الفيديو آرت» الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون - فرع الدمام (الشرق الأوسط)
جانب من معرض وملتقى «الفيديو آرت» الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون - فرع الدمام (الشرق الأوسط)

أعلنت جمعية الثقافة والفنون في السعودية عن مسابقة دولية في فن الفيديو (فيديو آرت)، لإنتاج مشروعات فنية في السعودية، وإصدار كتب متخصصة في هذا المجال.
وجاء الإعلان عن المسابقة ضمن فعاليات الملتقى الأول لـ«الفيديو آرت» الذي نظمته الجمعية عبر فرعها في الدمام، واختتم أعماله مساء أول من أمس.
واستعرض الملتقى على مدى 5 أيام، كثيراً من التجارب الفنية، وضمّ 35 عملاً فنياً من 18 دولة، بحضور فنانين ومهتمين بالمجالات الفنية والثّقافية.
وأوضح يوسف الحربي، مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام، أن جوائز المسابقة ستخصّص للإخراج والفكرة والمفهوم والصورة والتفاعل الفني الجمالي، وفق المقاييس المعاصرة لفكرة «الفيديو آرت»، لافتاً إلى أنّ الاشتراك في المسابقة متاح للفنانين في كل أنحاء العالم. وأكد أهمية إثراء الحركة الفنية التشكيلية، خصوصاً المتعلقة بأحد أهم فروع فنون ما بعد الحداثة، وهو «الفيديو آرت» أو «فن الفيديو» الذي يندر وجوده في صالات عرض الفنون التشكيلية بالسعودية، على حد قوله.
إلى ذلك، ذكر الفنان أحمد محسن منصور، المشرف على الملتقى، أنّ أهمية الملتقى تكمن في ترسيخ هذا النوع من الفنون، النابع من التطور التكنولوجي الهائل في تقنيات الصورة البصرية الحديثة، عن طريق تحقيق رؤى فنية إبداعية جديدة مغايرة تماماً للمفاهيم التقليدية، ما قد ينتج حلولاً واقتراحات بديلة تعمل على إثراء طرق التواصل الفنية.
وأضاف الحربي أنّ كثيراً من الفنانين المعاصرين يعتمدون على «فن الفيديو» لتوافر التقنيات التكنولوجية ذات الاستخدامات المتعددة، التي تتيح للفنان تحقيق أعمال فنية جديدة ورائدة في هذا المجال، وتصل بالفكرة إلى مدى بعيد ومبتكر جداً؛ لما قد تحمله من عدد لا نهائي من المشاعر والانطباعات التي تنقل المتلقي إلى أفق جديد؛ حيث يجد نفسه جزءاً من عملية إبداعية نتيجة حوار متبادل ونقل للمعرفة.
واستعرض الملتقى تجربة الفنان علي ميرزا، وتجارب بحرينية أخرى في «فن الفيديو».
من جانبه، أشار الفنان البحريني علي حسن ميرزا إلى وجود تجارب خليجية خجولة على الساحة الفنية في مجال «الفيديو آرت». كما تحدث الفنان المصري أحمد منصور، عن تجربته وبدايته في «الفيديو آرت» التي بدأت عام 2007. من خلال مشاركته والده في الحياة الفنية، لافتاً إلى أنّ هذا النّوع من الفن لا يتقيد بنمط معين، فليس من الضروري أن يكون للأفلام مغزى معين يجب إدراكه، بل قد تكون «تغذية بصرية»، وحيناً آخر «عرضاً لونياً» وتوسيعاً للمدارك وتنمية للبحث عن تكوين معين، برؤية المتلقي، تناسب رؤية صانع الفيلم.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».