مصر: حوار مجتمعي حول تعديلات مقترحة لقانون «الجمعيات الأهلية»

نقاشات تتعلق بالتمويلات الأجنبية

TT

مصر: حوار مجتمعي حول تعديلات مقترحة لقانون «الجمعيات الأهلية»

أوصى المشاركون في فعاليات الحوار المجتمعي للجمعيات والمؤسسات الأهلية حول التعديلات المقترحة لقانون تنظيم العمل الأهلي في مصر تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي، بالسماح بتأسيس الجمعيات بالإخطار دون تعليق الإخطار على شرط، وإعادة النظر في قيمة رسوم تأسيس الجمعية والمؤسسة بحيث لا تكون عائقا عند ممارسة الحق في التأسيس، وصياغة مواد مستقلة فيما يخص تأسيس الجمعيات التي ضمن مؤسسيها أشخاص أجانب، فضلاً عن عدم حصر مجالات عمل الجمعيات الأهلية في نطاق خطط الدولة على أن تكون الجمعيات أحد داعمي تلك الخطط ولها الحق في رصد الاحتياجات المجتمعية والتعامل معها. وفيما يخص التمويلات الأجنبية تكون الموافقة بحد أقصى 30 يوماً، وفي حالة عدم الرد، تعتبر موافقة على أن تكون الرقابة لاحقة على التمويل من وزارة التضامن... أما في حالة الرفض فيكون هناك قرار مسبب بالمبررات ويسمح لصاحب المصلحة الطعن على القرار.
واجتمع أمس ممثلو 190 جمعية ومؤسسة أهلية من محافظات (القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والفيوم، والمنوفية) فضلاً عن ممثلي الاتحاد العام والاتحادات الإقليمية والنوعية... وقد اتفق المشاركون في الفعاليات على ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والجمعيات الأهلية على أساس من الشراكة الحقيقية والثقة المتبادلة بين الطرفين، لدعم خطط التنمية المستقبلية بما يضمن تحقيق التوازن اللازم بين حرية العمل الأهلي المسؤول ومقتضيات الأمن القومي، بما يؤدي إلى تعزيز الهوية المصرية والحفاظ على الاستقرار والأمن الاجتماعي والمشاركة المجتمعية واحترام حقوق الإنسان.
وتقوم الحكومة المصرية بإجراءات تنفيذية ملموسة بشأن إجراء تعديلات على قانون «الجمعيات الأهلية» الذي دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تعديله مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأبدى السيسي أثناء فعاليات «منتدى شباب العالم» بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر الماضي، موافقته على ضرورة إجراء حوار مجتمعي جديد بشأن القانون، على أن تعيد الحكومة تقديم التعديلات اللازمة مرة أخرى إلى مجلس النواب (البرلمان)... وأثار قانون الجمعيات الأهلية، لدى اعتماده من قبل السيسي، بعد موافقة البرلمان، حالة من الجدل.
وضمت الفعاليات أمس، نقاشات حول موقف قانون الجمعيات الحالي من الدستور المصري والاتفاقيات الدولية الملزمة، وموقف القانون الحالي من التمويل الأجنبي وجمع التبرعات وآليات زيادة الموارد المالية الذاتية للجمعيات الأهلية.
وقالت الدكتورة إقبال السمالوطي، عضو مجلس أمناء مؤسسة «مصر الخير»، رئيس المؤتمر، إن «قرار الرئيس السيسي بتعديل قانون الجمعيات يعكس مدى اهتمام القيادة السياسية، بأن المجتمع المدني شريك في تحقيق التنمية المستدامة». مضيفة أنه يجب على المجتمع المدني المشاركة في اتخاذ القرار، لافتة إلى أن المرحلة الحالية تتطلب من المجتمع المدني أن يعمل على التواصل مع المواطنين، وكذلك العمل على التواصل بين المواطنين والدولة ورفع أصوات من لا صوت لهم.
من جانبه، قال حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن هناك مشكلات موجودة وكثيرة داخل الجمعيات وخاصة في شؤونها الداخلية، وتحتاج إلى إعادة النظر في شؤونها الداخلية، قبل إعادة النظر في علاقاتها مع الدولة، والمسألة ليست مجرد وضع قانون؛ وإنما هي كيف تحقق رؤية للمجتمع من خلال الجمعية الأهلية، مؤكداً أنه إذا استطعنا أن نتخلص من مشكلاتنا الداخلية في الجمعيات، بالتالي فسنستطيع أن نتحدث في رؤية واحدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.