تل أبيب تصعّد ضد منظمات المقاطعة الاقتصادية

TT

تل أبيب تصعّد ضد منظمات المقاطعة الاقتصادية

طالبت إسرائيل، الاتحاد الأوروبي، بوقف تمويل المنظمات التي تدعو إلى مقاطعتها، باعتبار أن الدعم الأوروبي لهذه المنظمات يستغل للتحريض على قتل المدنيين الإسرائيليين وأعمال العنف.
وأرسل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي غلعاد إردان، المكلّف بمكافحة «مقاطعة إسرائيل»، رسالة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، طالبه فيها بتنفيذ توصيات المحكمة الأوروبية، ووقف التمويل عن المنظمات التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل.
وكانت المحكمة الأوروبية أصدرت الأربعاء الماضي، تقريراً شاملاً حول تمويل الاتحاد الأوروبي للمنظمات غير الحكومية، مشيرة إلى أن الطريقة الحالية لتعريف هذه المنظمات، غير موثوقة، محذرة من أن المجلس الأوروبي لا يمتلك معلومات كافية ومفصّلة حول الطريقة التي تستغل بها هذه المنظمات الأموال الممنوحة.
ولسنوات طويلة، أعربت إسرائيل عن غضبها من الدعم واسع النطاق الذي يقدّمه الاتحاد الأوروبي للمنظمات غير الحكومية التي تعمل ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية.
وتعتقد إسرائيل أن هذا التقرير الجديد يعزز من موقفها في هذا الشأن. لكن بعثة الاتحاد الأوروبي في إسرائيل ردت بقولها إن «تقرير المحكمة لم يشِر بشكل محدد إلى المنظمات الإسرائيلية أو الفلسطينية»، مؤكدة أن «المفوضية الأوروبية هي واحدة من أكثر الهيئات شفافية في العالم». وجاء التحرك الإسرائيلي الجديد في وقت شكلت فيه وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية «شبكة محامين دولية» ورصدت ميزانية خاصة لتمويل منظمات قانونية في أنحاء العالم، بهدف محاربة حركة مقاطعة إسرائيل «بي دي إس» وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها، وتنفيذ نشاطات ضدها بغية شلها وجعلها تدافع عن نفسها في عدة ساحات قضائية وجماهيرية.
وجند وزير الشؤون الاستراتيجية، غلعاد إردان، الذي بادر إلى هذه الحملة، إلى جانبه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، ولذلك سيحصل على ميزانية خاصة لتمويلها.
وقد رصد من موازنة وزارته الحالية مليون دولار لإطلاق الحملة.
وجاء في بيان الوزارة، يوم الجمعة، أن «الحاجة إلى إنشاء شبكة محامين دولية نشأت في أعقاب محاولات كثيرة تسعى إلى مقاطعة إسرائيل، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة».
وقالت الوزارة إنها ستتوجه إلى «الهيئة القانونية الدولية» التي تقيم علاقات مع نحو ألف محامٍ في أنحاء العالم. وبحسب البيان، فإن «الهيئة القانونية الدولية» ستشكل طاقماً مهنياً يعمل مع شبكة المحامين بهدف توسيعه وتعزيزه وإيجاد شركاء محتملين في دول مختلفة. واعتبر إردان أن «هذه خطوة مهمة بادرت إليها من خلال الانتقال من الدفاع إلى الهجوم على منظمات المقاطعة المعادية للسامية».
وقال إردان إن «الحرب القضائية هي حلبة صراع مهمة ضد (بي دي إس)، من أجل كشف المخالفات التي ترتكبها منظمات المقاطعة لقوانين في أنحاء العالم، بما في ذلك نشاط عنصري. ونحن نشكل شبكة محامين عالمية ستحارب في أنحاء العالم من أجل إحباط قرارات بالمقاطعة التي هي بالأساس آيديولوجيا عنصرية ومعادية للسامية».
ودعت القوى الوطنية الإسلامية لمحافظة رام الله والبيرة، أمس، لمواجهة قرارات الاحتلال المتعلقة بمحاربة حركة مقاطعة إسرائيل، و«تخصيص ملايين الدولارات ضمن حملتها المسعورة لمواجهة حملات المقاطعة».
وطالبت القوى بالتصدي لإسرائيل وبرامجها عبر دعم وتعزيز حركة المقاطعة.
وحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها هي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار - الاستيطاني و«الأبارتهايد» الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين، وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.
ونجحت الحركة حتى الآن في فرض مقاطعة أكاديمية وثقافية وسياسية، على إسرائيل وإلى درجة ما اقتصادياً كذلك.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.