رئيس الحكومة التونسية يطالب الولاة بالمبادرة لحل الأزمات الاجتماعية

146 قيادياً في حزب «العمل» يقاطعون مؤتمره

TT

رئيس الحكومة التونسية يطالب الولاة بالمبادرة لحل الأزمات الاجتماعية

كشف يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية، عن خطة جديدة للتعامل مع المشكلات على مستوى الجهات الداخلية، وتقضي الخطة بتنظيم اجتماع لطرح قضايا المناطق الداخلية كل شهرين، بعدما كان كل ستة أشهر، وذلك لتخطي البطء على مستوى حل المشكلات بين الجهات والسلطة المركزية. كما تعتمد الخطة على ضرورة الالتصاق بمشاغل التونسيين، والمبادرة بتقديم الحلول للأزمات الاجتماعية، بدل انتظار حلول من السلطة المركزية.
وخلال افتتاحه أمس أعمال ندوة الولاة (كبار المسؤولين على المستوى الجهوي) في الثكنة العسكرية بالعوينة، دعا المسؤولين الحكوميين إلى الخروج من مكاتبهم لإعادة ثقة المواطنين في الدولة، وحثهم على التوجه نحو الأسواق اليومية والأسبوعية والضرب على أيدي المحتكرين الذين أشعلوا أسعار المواد الاستهلاكية من خلال المضاربات والاحتكار، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في الأسعار.
وحمّل الشاهد مسؤولية الأزمات الاجتماعية إلى الولاة بقوله إن «الدولة لن تقبل مستقبلاً تعطيل العمل، ومن الضروري استباق الأزمات وتقديم الحلول قبل ركوب أطراف أخرى على الأحداث واستغلالها لصالحها». وكان الشاهد قد أكد، خلال حوار تلفزيوني بثته «قناة التاسعة» الخاصة ليلة الجمعة، على احترام الدولة لحق الإضراب، في إشارة إلى الإضرابات العمالية المتتالية التي ينفذها «اتحاد الشغل» بمختلف هياكله، لكنه أشار إلى ضرورة استرجاع ثقافة العمل، وأن من يطالب بحقه عليه أولاً أن يعمل، وثانياً ألا يسعى إلى تعطيل موارد الدولة.
في شأن الاستحقاقات الانتخابية، قال الشاهد إن انتخابات 2019 ليست أولوية بالنسبة له، وأنه يطمح إلى تشكيل «جبهة دستورية حداثية تقدمية». ونفى نفياً قاطعاً أن تكون حكومته هي «حكومة النهضة»، مثلما تصفها أحزاب المعارضة. وأكد أن حركة «النهضة» جاءت بها الانتخابات، و«من يريد خروجها من الحكم عليه بصناديق الاقتراع». وكان اجتماع عقد مساء الجمعة بين رئيس الحكومة وراشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» قد أكد تمسك «النهضة» بخيار الدفاع عن الاستقرار الحكومي والتوافق مع شركائها السياسيين لإنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس. في غضون ذلك، أكد العجمي الوريمي، القيادي في حركة «النهضة»، أن الحزب سينظر خلال اجتماع مجلس الشورى في تثبيت التوافق السياسي الجديد بين يوسف الشاهد رئيس الحكومة وحزبي «المبادرة» بزعامة كمال مرجان و«مشروع تونس» بزعامة محسن مرزوق، وذلك لإضفاء «المزيد من النجاعة على مستوى العمل البرلماني والأداء الحكومي».
على صعيد آخر، طفت خلافات عميقة بين قيادات حزب «العمال»، الذي يتزعمه حمة الهمامي ويمثل أهم مكوّن لتحالف «الجبهة الشعبية» اليساري. وأدت هذه الخلافات إلى مقاطعة نحو 146 قيادياً من مختلف الجهات أعمال المؤتمر الخامس الذي تنتهي جلساته اليوم، بعد خمسة أيام من الفعاليات. وضمت قائمة المقاطعين عبد الجبار المدوري، رئيس تحرير صحيفة «صوت الشعب» الناطقة باسم حزب «العمال»، وعبد المؤمن بالعانس النائب الحالي في البرلمان عن «الجبهة الشعبية».
وانتقد هؤلاء ما سموه «البيروقراطية الثقيلة العاجزة عن التطور وعن بلورة خطاب سياسي يمكنها من البقاء»، وذلك في إشارة إلى الهزائم الانتخابية المتتالية التي منيت بها التيارات اليسارية، على الرغم من تأكّيدها في أكثر من مناسبة أنها «جاهزة لتسلم الحكم» في تونس.
وأفرز هذا المؤتمر خلافات عميقة بين قيادات حزب «العمال» التي اتهمت القيادة الحالية بانعدام الديمقراطية في التعامل مع المشهد السياسي. كما تخفي هذه الخلافات صراعاً من نوع آخر بين حزب «العمال» وحزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحّد»، الذي تزعمه شكري بلعيد، حول مرشح «الجبهة الشعبية» اليسارية للمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث تسعى أطراف يسارية إلى إزاحة حمة الهمامي رئيس حزب «العمال» من التنافس على كرسي الرئاسة.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.