الإكوادور ترفض مجدداً تعديل شروط لجوء مؤسس «ويكيليكس»

مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانغ
مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانغ
TT

الإكوادور ترفض مجدداً تعديل شروط لجوء مؤسس «ويكيليكس»

مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانغ
مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانغ

رفضت محكمة في الإكوادور خلال جلسة استئناف، طلباً لمؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانغ، لتعديل شروط لجوئه إلى سفارة كيتو في لندن، التي لجأ إليها منذ 2012، ليفلت من ملاحقات محتملة من قبل الولايات المتحدة.
وقال كارلوس بوفيدا، محامي مؤسس «ويكيليكس»، إن المحكمة رأت في القرار الذي سلم أول من أمس إلى هيئة الدفاع عن أسانغ، أنه «لم يحدث أي مساس بحقوق» أسانغ، لذلك قررت محكمة بيشينشا الإقليمية رد الطلب. وأضاف المحامي: «خسرنا... ونتيجة لذلك استنفدنا كل الطعون» المتاحة.
ويطالب الأسترالي أسانغ بإعادة كل إمكانات الاتصال، التي كان يتمتع بها والتي قطعت منذ مارس (آذار) الماضي، ثم أعادت كيتو جزءاً منها، كما يعترض على المعايير الجديدة لإقامته داخل السفارة، التي يمكن أن تؤدي مخالفتها إلى «إنهاء اللجوء» الممنوح من الإكوادور.
وفي كلمته الأخيرة أمام القضاء عبر الفيديو، أكد أسانغ أنه يخشى تسليمه للولايات المتحدة بعد نشر موقعه «ويكيليكس» في 2010 كثيراً من الوثائق السرية الدبلوماسية والعسكرية الأميركية. وقال أسانغ إنه وضع «سيؤدي حتماً إلى مشكلات صحية، وإلى إدخالي المستشفى وموتي، أو إلى ذريعة سياسية لتسليمي بطريقة غير قانونية إلى السلطات البريطانية، ثم إلى الولايات المتحدة، حيث يمكن أن يحكم علي بالسجن مدى الحياة».
وقد أسقطت الدعوى المرفوعة عليه بتهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي في السويد في مايو (أيار) 2017. لكن القضاء البريطاني يرفض رفع مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، بحجة أنه لم يحترم في 2012 شروط إطلاق سراحه بكفالة.
وكانت سلطات الإكوادور قد ذكرت أن كيتو نجحت في الحصول على «ضمانات» من لندن بعدم تسليم أسانغ إلى أي بلد ثالث، إذا غادر مقر البعثة الدبلوماسية. لكن موقع «ويكيليكس» ذكر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن مدعين أميركيين كشفوا في زلة لسان وجود اتهام ضده، كان يفترض أن يبقى سرياً.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.