شهد عام 2013 المنصرم ولادة جديدة لشخصيات قادت المشهد السياسي والاجتماعي في مصر، وأخرى غادرت دائرة الضوء ربما بلا رجعة، وسط تقلبات سريعة تموج بها الأحداث في البلاد. فمنذ مطلع هذا العام بدأت البلاد تموج بتحركات مناوئة لسياسات حكم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس السابق محمد مرسي.
* تمرد.. تقود ثورة
* بظهورها في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، استطاعت حركة «تمرد»، المكونة من مجموعة شباب معارضين لجماعة الإخوان المسلمين، أن تغير مصير البلاد وأن تقلب أوضاعها رأسا على عقب.
بدأت الفكرة بأن أراد هؤلاء الشباب أن يثبتوا للرئيس السابق محمد مرسي أن شعبيته تتضاءل بشدة وأنهم قادرون على جمع 15 مليون توقيع من المواطنين لكي يسحبوا منه الثقة لكي يقتنع بضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في مدة تنتهي في 30 يونيو (حزيران) من نفس العام، بما يتعدى مجموع الأصوات التي حصل عليها مرسي في الانتخابات، التي أهلته لمنصب الرئيس.
وتمكن شباب الحركة، الذين جابوا ربوع مصر كلها، من جمع نحو 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي، بعد أن أيدتها جميع قوى وأحزاب المعارضة، كما لاقت إقبالا شعبيا كبيرا بعد الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي حلت بالبلاد، خلال العام الأول من حكم الإخوان المسلمين. وبالفعل قادت الحركة أكبر حشد شعبي في الشارع المصري يوم 30 يونيو الماضي، طالب بإسقاط النظام، وقدره البعض بـ33 مليون مواطن في جميع أنحاء محافظات مصر. وبعد عزل مرسي في 3 يوليو (تموز)، شارك ممثلون للحركة في صياغة خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية، والتي أتت بالمستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا للبلاد، ولجنة من خمسين عضوا لتعديل دستور 2012، الذي عطل. كما تعتزم الحركة خوض انتخابات مجلس النواب المقبلة.
* السيسي.. بطل شعبي
* أصبح قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي يحظى بإجماع شعبي بين المصريين على أنه الرجل الجدير بقيادة مصر وسط الاضطرابات التي تمر بها ليرسو بها على بر الأمان. والسيسي هو وزير الدفاع الرابع والأربعين للبلاد. وعينه مرسي في 12 أغسطس (آب) عام 2012، خلفًا للمشير حسين طنطاوي، بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول. وكان قبلها يشغل منصب رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع. ومنذ قيادته عملية عزل مرسي تنظر قطاعات واسعة من المجتمع المصري وسياسيون إليه الآن باعتباره الشخصية الأنسب لقيادة البلاد، لقدرته على الحسم واتخاذ القرارات. لكنه أبدى في عدة مقابلات إعلامية إشارات متباينة بخصوص احتمال ترشحه، قائلا إنه لا يسعى للسلطة. ومع ذلك أصبحت صور السيسي منتشرة في كل مكان في مصر. على شرفات المنازل والمحال والسيارات.
* منصور على رأس الدولة
* تولى المستشار عدلي منصور رئاسة مصر في ظروف دقيقة وملابسات طريفة. ومن المتعارف عليه دستوريا في مصر أنه في حال خلو موقع رئيس الدولة لسبب طارئ يحل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا في حال عدم وجود برلمان، وهو ما كان.
وأدى منصور اليمين كرئيس للمحكمة الدستورية العليا يوم 4 يوليو (تموز)، وعقب تأدية اليمين بدقائق، أدى يمينًا أخرى كرئيس لجمهورية مصر العربية في مقر المحكمة الدستورية العليا.
وفور توليه منصبه أصدر منصور إعلانا دستوريا يقضي بتشكيل لجنة لتعديل دستور 2012 (المعطل)، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. كما يعطيه صلاحيات السلطة التشريعية.
وبموجب خارطة الطريق سيبقى منصور رئيسا مؤقتا للبلاد حتى إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال 6 أشهر من الموافقة على التعديلات التي أدخلت على الدستور المعلق في استفتاء مقرر له يومي 14 و15 الشهر المقبل.
* اختفاء البرادعي
* ظل الدكتور محمد البرادعي، النائب السابق للرئيس المؤقت عدلي منصور، خلال النصف الأول من عام 2013 متصدرا للمشهد السياسي كأبرز المعارضين المصريين للرئيس السابق محمد مرسي. وقاد جبهة الإنقاذ الوطني، التحالف الأبرز للأحزاب المعارضة. وبعد نجاحه في عزل مرسي في 3 يوليو، رشحه شباب الثورة لتولي منصب رئيس الوزراء، لكن ترشيحه قوبل بمعارضة حزب النور السلفي، المشارك في وضع خارطة الطريق، فقرر الرئيس المؤقت عدلي منصور تعيينه في 9 يوليو 2013 نائبا له للعلاقات الخارجية. لكن البرادعي، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، قرر تقديم استقالته في 14 أغسطس (آب) 2013 من منصبه احتجاجا على فض اعتصامين لمؤيدي مرسي.
وقال البرادعي في خطاب استقالته: «كما تعلمون فقد كنت أرى أن هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني ولكن الأمور سارت إلى ما سارت إليه».
وتسببت استقالة البرادعي في إحباط شديد بين أنصاره من شباب الثورة الذين اتهموه بالتخلي عن البلاد في ظروف حرجة. كما يواجه بتهمة «خيانة الأمانة» بعد أن قدم معارضون له دعاوى قضائية ضده.