البرلمان العراقي يمرر 3 وزراء في حكومة عبد المهدي

استمرار الخلافات حول الداخلية والدفاع والعدل والتربية والهجرة

الرئيس العراقي برهم صالح مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بغداد امس (إ.ب.أ)
الرئيس العراقي برهم صالح مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بغداد امس (إ.ب.أ)
TT

البرلمان العراقي يمرر 3 وزراء في حكومة عبد المهدي

الرئيس العراقي برهم صالح مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بغداد امس (إ.ب.أ)
الرئيس العراقي برهم صالح مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بغداد امس (إ.ب.أ)

في حين صوّت البرلمان العراقي، أمس، على 3 من أصل 8 وزراء متبقين من كابينة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإن الأخير خرج عن صمته بشأن ما تبقى من حقائب وزارية في حكومته مطالباً البرلمان بـ«تمشيتها بالتقسيط».
وكان البرلمان العراقي صوت بالأغلبية على وزراء: التخطيط نوري الدليمي (الحزب الإسلامي العراقي)، والثقافة عبد الأمير الحمداني (العصائب)، والتعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل (دولة القانون)، فيما فشل في منح الثقة للمرشحتين لحقيبتي؛ التربية، صبا الطائي، والهجرة والمهجرين، هناء عمانوئيل.
وقدم عبد المهدي في رسالة بعث بها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي 4 حلول لاستكمال الكابينة الوزارية. وبحسب الرسالة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، فإن عبد المهدي اقترح فيها «تقديم أسماء المرشحين للوزارات المتبقية للتصويت ليتم قبولها أو رفضها، وفي الحالة الأخيرة ستقدم خلال 24 - 48 ساعة أسماء مرشحة بديلة». كما اقترح عبد المهدي «التصويت على (5 - 6) وزارات متفق عليها وتأجيل الباقي، ويحسم أمر الوزارات المؤجلة إما بالتوافق أو بإعطاء طرف حق الترشيح والآخر حق الرفض». أما المقترح الثالث فهو أن «تتفق الكتلتان الرئيسيتان (الإصلاح والبناء) على تقديم أسماء جديدة كليا أو جزئيا وعرضها على رئيس الوزراء للاتفاق عليها، فيما نص المقترح الرابع على اتفاق الطرفين الرئيسيين على ترك موضوع الأسماء لرئيس الوزراء ولمجلس النواب لـ(قبولها أو رفضها جزئياً أو كلياً)».
إلى ذلك، عقدت هيئة رئاسة البرلمان اجتماعا مع تحالفي «البناء» و«الإصلاح» لبحث استكمال الكابينة الوزارية. وكان عبد المهدي قد اجتمع مع عمار الحكيم رئيس «تحالف الإصلاح والإعمار» من أجل تسوية الأمور العالقة. وقال بيان لمكتب الحكيم إن الأخير «بحث مع عبد المهدي مستجدات الشأن السياسي العراقي وملفات إكمال الكابينة الحكومية وأولويات الحكومة في المرحلة الراهنة والقادمة». وأضاف أنه «تم التأكيد على ضرورة حسم ما تبقى من الكابينة الوزارية واختيار شخصيات كفؤة ونزيهة قادرة على تحقيق ما يصبو إليه أبناء شعبنا». ودعا الحكيم القوى السياسية إلى «تحمل مسؤولياتها الوطنية والتنازل للعراق بغية النهوض بواقعه الخدمي والتنموي»، مشدداً على «موضوعات الخدمات وفرص العمل والقضاء على الفساد، باعتبارها أولويات مهمة». كما أكد على «أهمية تبني الحكومة سياسة الانفتاح على المحيط العربي والإقليمي وبناء علاقات متوازنة قائمة على أساس المصالح المشتركة».
وفي هذا السياق، أكد عبد الله الزيدي، القيادي في «تيار الحكمة»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكتل السياسية توصلت إلى قناعة بأنه لا بد من الوصول إلى تقارب في وجهات النظر للخروج برؤية مشتركة حتى لا يحدث تعطيل للحكومة وأجهزة الدولة». وأضاف الزيدي أن «الذي حدث خلال الفترة الماضية هو اختلاف في وجهات النظر حول المبدأ العام الذي جرى الاتفاق عليه بين الكتلتين الكبيرتين، والذي يقوم على استبعاد الوجوه القديمة وإبراز وجوه جديدة قادرة على العطاء؛ بحيث تكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة»، مبينا أن «الاعتراض لم يكن على الأشخاص مثلما حاول البعض تصوير ذلك، بقدر ما هو اختلاف على المبدأ الذي تم بموجبه اختيار رئيس الوزراء الحالي طبقا لاتفاق الكتلتين الكبيرتين، وبالتالي لا بد من أن تحترم سياقات هذا الاتفاق في كل المفاصل الحكومية، لأن هدفنا هو الحفاظ على الاستقرار ما دامت المعادلة شكلت وفق هذا المبدأ».
وبشأن التصويت على الوزراء الثمانية، أكد عبد الله الخربيط، عضو البرلمان العراقي عن تحالف «المحور الوطني» السني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذي حصل جاء بناء على توافق مسبق بأن يجري التصويت على 4 أو 5 وزارات ما عدا وزارتي الدفاع والداخلية؛ اللتين ما زالت الخلافات قائمة بشأنهما بين الكتل السياسية». وحول عدم تمرير المرشحة لوزارة التربية، قال الخربيط: «لقد كان هناك تصور بأنه في حال تم طرح مرشحة التربية، فإنها لن تمر بسبب أن (المحور الوطني) لديه خلاف مع المشروع العربي الذي تنتمي المرشحة إليه». لكن مصدرا في «كتلة الإصلاح» أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلاف حول وزارة التربية يعود إلى أن (الإصلاح) ترى أن هذه الوزارة من حصة (تحالف القرار) الذي يتزعمه أسامة النجيفي، وليس من حصة سنّة (البناء)»، مبينا أن «هناك خلافين حول هذه الوزارة؛ الأول بين كتلتي (الإصلاح) و(البناء)، والثاني بين (المحور الوطني) الذي ينتمي إلى (البناء) وبين سنّة (كتلة الإصلاح)».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».