أزمات العالم تهيّمن على ختام «حوارات أطلسية»

مراكش استضافت المؤتمر بمشاركة مسؤولين سابقين وخبراء وشباب

جانب من جلسة «دور الثقافة» في ختام المؤتمر بمراكش (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة «دور الثقافة» في ختام المؤتمر بمراكش (الشرق الأوسط)
TT

أزمات العالم تهيّمن على ختام «حوارات أطلسية»

جانب من جلسة «دور الثقافة» في ختام المؤتمر بمراكش (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة «دور الثقافة» في ختام المؤتمر بمراكش (الشرق الأوسط)

هيمنت مناقشة تبعات أزمة الثقة في السياسة ومؤسساتها عالمياً وأزمات المناخ والتنمية، على جلسات يوم ختام مؤتمر «حوارات أطلسية» الذي استضافته مدينة مراكش المغربية في دورته السابعة على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار «ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة»، بمشاركة رؤساء ووزراء سابقين وخبراء وفاعلين سياسيين واقتصاديين ونخبة من «القادة الصاعدين».
وركز اليوم الأخير للمؤتمر على دروس مستخلصة من تجارب مختلفة من أجل تنمية جديدة مشتركة قدمها رؤساء سابقون من أميركا اللاتينية، وسؤال عن مستقبل البرازيل بعد انتخاب اليميني جاير بولسونارو رئيساً لها، ونقاش حول تمويل المناخ في الجنوب، ودور الثقافة في العلاقات الأطلسية.
واعتبر مدير «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد» كريم العيناوي الذي نظم مركزه المؤتمر، أن «حوارات الأطلسي هي طريقة علاج جماعي، نوعاً ما، إذ يأتي الشمال إلى الجنوب، وهذا شيء مهم». وقال في ملاحظات ختامية: «سنستمر كمؤسسة وفق هذه الروح من الحوار المفتوح، الأنيق والرصين، الرسمي وغير الرسمي، ولكن المتسامح... مهمتنا ورسالتنا، كخبراء، هي التواصل مع شعوبنا، أن نتواصل مع الناس على المستوى المحلي، ونشركهم في وضع السياسات العامة».
ولفت إلى أن «مستوى عدم اليقين مرتفع للغاية في العالم. ومن وجهة نظر الجنوب، ليس لدينا عدو». وتساءل: «من هو عدو أفريقيا أو أميركا اللاتينية؟»، قبل أن يجيب: «لا وجود له في الواقع. هذه هي الحكمة العظيمة والدرس الذي يجب تعلمه من هاتين القارتين».
وفي جلسة «تمويل المناخ في الجنوب»، قال الرئيس السابق لجمهورية كيريباتي تيبورورو تيتو إن «التمويل في بلدان الجنوب موجود، لكنه ليس مخصصاً بالضرورة لتغيرات المناخ، لأن هناك شعوراً بعدم التمكين». ورأى أن «بلدان الجنوب تعمل على إدامة فكرة، تبدو حقيقية، مفادها أن بلدان الشمال هي المتسبب الرئيسي في تغير المناخ، ولذلك يتعين عليها أن تتحمل العواقب».
ورأت مفوضة الاقتصاد الريفي والزراعة في الاتحاد الأفريقي جوزيفا ساكو أن «على بلدان الشمال الامتثال لالتزاماتها في مؤتمر باريس». وأشارت إلى أن «بعض دول أفريقيا يخصص 3 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي الخام للتكيف مع التغيرات المناخية، في حين أن القارة مسؤولة عن 4 في المائة فقط من الاحتباس الحراري».
من جهته، أكد رئيس «المعهد البيئي» في ألمانيا آندرياس كرايمر أهمية إعادة هيكلة تمويل التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معها. ولم يخف تفاؤله، معبراً عن اعتقاده بأن هذا التمويل سيزيد في السنوات المقبلة، رغم الأزمات والالتزامات التي تتغير. وأضاف أن «التمويل المناخي موجود، ويتجاوز في بعض الحالات عدد المشاريع، لكنه يواجه الكثير من العقبات التنظيمية المؤسسية والسياسية».
ورأى عضو مجلس إدارة «جينيكس» آندريه كايلي أن «هناك مشكلة في نقل التمويل المناخي إلى البلدان النامية، خصوصاً في أفريقيا». وأشار إلى أنه «في بلدان النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، تكون الحكومات أكثر وعياً وأكثر استعداداً، وتشعر بأنها أكثر إلزاماً باتخاذ إجراءات، لكن ستحتاج إلى التمويل من المجتمعات المالية».
أما في جلسة «دور الثقافة في العلاقات الأطلسية»، فقال وزير الخارجية المغربي الأسبق الأمين العام لمؤسسة «منتدى أصيلة» محمد بن عيسى، إن «الثقافة لا تشكل الهاجس الأول بالنسبة لغالبية الحكومات، رغم أنها يمكن أن تعطي دفعة قوية للنشاط الاقتصادي». ولفت إلى أن «الثقافة هي أيضاً مرادف للمؤسسات القوية: مسارح، صالات عرض، فضاءات للخلق والابتكار، وهذا هو الدور الذي يتعين على الحكومة أن تلعبه».
ورأى أن «الثقافة تحتاج إلى قيادة وإلى قادة متحمسين، كما كان الحال في فرنسا، زمن الرئيس فرنسوا ميتران ووزير الثقافة جاك لانغ، أو في المغرب حيث استثمر العاهل المغربي الملك محمد السادس كثيراً في الثقافة»، مشيراً إلى أنه «إذا أطلق رئيس الدولة سياسات، فإنه يتعين على السياسيين تنفيذها».
وشدد على أن «من الضروري العمل على تصحيح الصورة السلبية السائدة في المجال الأطلسي ما بين شعوبه وثقافاته المتنوعة، بما فيها الشعوب الأفريقية والأميركية الجنوبية التي تجمعها شتى الأواصر والعلاقات والمصير المشترك. ولن يكون ذلك من دون تكثيف الزيارات المتبادلة وتوطيد برامج التعاون بين الفاعلين الثقافيين وخلق البيئة الملائمة للتفاعل والترابط بين مكونات هذا المجال الأطلسي الواسع». ودعا إلى «الاستثمار الواسع في العمل الثقافي في مختلف جوانبه من تنظيم ملتقيات ومؤتمرات فكرية وأنشطة فنية وترجمة أعمال إبداعية. فما أقل ما يعرف الأفارقة من كبار المفكرين والمبدعين من بلدان أميركا اللاتينية وما أقل ما يعرف أولئك من مبدعي أفريقيا وكتابها ومثقفيها».
وأعرب عن قناعة بأن «لوسائل التواصل الجديدة دوراً بالغ الأهمية في توطيد أواصر التعاون والتعارف والتبادل بين ضفتي الأطلسي ومكوناته الحضارية والثقافية المتنوعة. فلهذه الوسائل قدرة لا شك فيها على التعريف بالمنتجات الثقافية والفنية من موسيقى ورقص وإبداع أدبي وفن معماري، ومن هنا يتعين التعاون في استغلال ثورة الاتصالات الراهنة في بناء ثقافة أطلسية مشتركة تحترم التنوع الثقافي وتجمع بين مقومات الهوية الأصيلة ومقتضيات التجدد والانفتاح».
وسلطت السفيرة المغربية المتجولة آسية بنصالح العلوي الضوء على الروابط التاريخية والثقافية في الفضاء الأطلسي. وقالت إن «المحيط الأطلسي كان دائماً فضاء لتبادل مكثف على مدى القرون، غير أنه كان تبادلاً مؤلماً تم تشكيله من طرف الاستعمار والعبودية». ولاحظت أن «الجروح والندوب لا تزال مفتوحة بسبب الهيمنة الثقافية والاقتصادية للغرب، فدول الجنوب تكافح من أجل إثبات الوجود». ورأت أنه يبقى من الضروري «استعادة ثقافتنا والانتقال من الاستياء إلى الغفران والمصالحة».
ويرى باولو باراناغوا، وهو باحث من البرازيل، أنه «لن يكون هناك تقارب دائم بين أفريقيا وأميركا وأوروبا إلا من خلال الثقافة، غير أننا نشهد اليوم، حسب قوله، انعداماً عاماً للثقة على مستوى السياسات في القارات الثلاث»، مشيراً إلى أن «السياسة تبدو خارج السيطرة، وحان الوقت لإعادة الثقافة إلى مركز الاهتمام. وهذا يبدو، اليوم، أبعد ما يكون عن الواقع». وتساءل: «كم لدينا من الخبراء أو العارفين بأفريقيا في البرازيل؟ عدد قليل جداً. في أفريقيا، كم يوجد من عارف بأميركا اللاتينية؟ تقريباً، لا أحد. إذا لم نعرف بعضنا بعضاً، كيف يمكننا بناء تقارب حقيقي عبر - أطلسي؟ كيف نخلق روابط دائمة وثقافة مشتركة؟».
واستهلت جلسة «أي مستقبل للبرازيل؟» بأسئلة الجمهور المتابع: هل سينجح بولسونارو؟ هل ستظل البرازيل عضوا في تجمع «بريكس»؟ هل ظاهرة بولسونارو معزولة أم ستكون بمثابة بقعة زيت في أميركا اللاتينية؟
حاول المحللون تحديد تأثير انتخاب بولسونارو وطمأنة الجمهور حول مستقبل البرازيل، بالقول: أياً كان الرئيس الذي يتم انتخابه، فالبرازيل تحتاج إلى إصلاحات عميقة في مختلف المجالات، وإن البرازيل تتعامل وتتبادل مع الصين أكثر من أميركا، مع تشديدهم على أن بولسونارو يحكم بلداً ليس له نفس الوزن الذي تتمتع به الولايات المتحدة، وبالتالي لن يستطيع الاستغناء عن التعددية.
وتميزت جلسة «التعلم من تجارب مختلفة من أجل تنمية مشتركة جديدة: وجهات نظر الرؤساء السابقين لبلدان أميركا اللاتينية»، بمشاركة رئيس الأرجنتين الأسبق إدواردو دوالده ورئيس الإكوادور الأسبق لويس أوسفالدو هورتادو لاريّا ورئيس الأرجنتين الأسبق فيديريكو رامون بويرتا.
أما آخر جلسة نقاش، فكانت خاصة بالقادة الصاعدين، وشارك فيها 5 شباب من أفريقيا والأميركيتين، للتحدث والتعبير عن مخاوفهم وطموحاتهم لمستقبل بلدانهم والحوض الأطلسي. وركزت كلماتهم على صعود الشعبويات في العالم وضرورة الحفاظ على التعددية ومكافحة الفساد.



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».