الرئيس العراقي يتخلى عن جنسيته البريطانية

TT

الرئيس العراقي يتخلى عن جنسيته البريطانية

في خطوة جددت الجدل حول عدم وجود قانون ينظم طريقة اكتساب جنسية أخرى، أعلن الرئيس العراقي برهم صالح تخليه عن جنسيته البريطانية. وقال المتحدث باسم الرئاسة، لقمان الفيلي، في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «الرئيس برهم صالح تخلى بصورة قانونية عن الجنسية البريطانية التزاماً منه بما جاء في الدستور العراقي».
وقال الفيلي إن «الإجراءات القانونية بشأن تنازله عن الجنسية البريطانية قد استكملت»، مضيفاً أن الرئيس صالح «إذ يتقدم بوافر الشكر والتقدير للمملكة المتحدة التي منحته الجنسية أيام معارضته للنظام السابق، فإن تنازله يأتي التزاماً منه بما جاء في الدستور العراقي، في المادة رقم 18، الفقرة الرابعة التي تنص على عدم جواز تمتع الأشخاص بجنسية أخرى مكتسبة، في حال تم انتخابهم أو تكليفهم بمهام سيادية في جمهورية العراق».
وفي السياق نفسه، أكد مصدر في الرئاسة لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه أو هويته، أن «رئيس الجمهورية تخلى فعلياً عن جنسيته البريطانية التي منحت له أيام المعارضة ضد النظام السابق بمجرد تسلمه منصبه»، مبيناً أن «هناك إجراءات عملية أخذت بعض الوقت بين رئاسة الجمهورية والسفارة البريطانية، حيث تم استكمالها قبل يومين، وتم اتباع كل الإجراءات العملية الخاصة بذلك».
بدوره، أكد الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي ينص فيه قانون الجنسية العراقي النافذ على وجوب عدم تسلم أي مواطن عراقي مزدوج الجنسية منصباً رفيعاً إلا إذا تخلى عن جنسيته المكتسبة، فإن المادة الدستورية التي تنص على عدم جواز امتلاك من يتسلم منصباً سيادياً جنسية أجنبية لم تنظم بقانون حتى الآن».
وقال العبادي إن «المادة التاسعة من قانون الجنسية العراقية تشترط التخلي المسبق عن تسلم المنصب السيادي لحامل الجنسية الأجنبية، بينما المادة 18 من الدستور العراقي تنص على عدم جواز تمتع الأشخاص بجنسية أخرى مكتسبة، في حال تم انتخابهم أو تكليفهم بمهام سيادية في جمهورية العراق».
وأضاف أن «الإشكال في هذا الأمر يعود إلى أن البرلمان العراقي فشل حتى الآن في التصويت على مشروع قانون ينظم ازدواج الجنسية، وذلك بسبب تمتع كثير من المسؤولين العراقيين، سواء كانوا سياسيين أم قادة أمنيين، بجنسيات أخرى مكتسبة».
يذكر أن الرئيس العراقي السابق فؤاد معصوم قد تخلى هو الآخر عن الجنسية البريطانية التي يحملها، حين تم انتخابه رئيساً للجمهورية عام 2014. كما أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي تخلى أيضاً عن الجنسية البريطانية التي منحت له أيام كان منفياً في المملكة المتحدة، بوصفه ينتمي إلى حزب الدعوة.
وكثيراً ما يثار في الأوساط السياسية العراقية الجدل بشأن مزدوجي الجنسية، ممن يتسلمون مناصب سيادية أو أمنية رفيعة المستوى في العراق، في وقت لم يتمكن فيه البرلمان العراقي من تشريع قانون خاص، رغم اشتراط الدستور تنظيم قانون بهذا الصدد.
من جانبها، دعت النائبة السابقة في البرلمان العراقي حنان الفتلاوي، التي تتزعم حركة «إرادة» التي تضم 3 نواب في البرلمان، المسؤولين وقادة الكتل السياسية للتخلي عن جنسياتهم الأجنبية، أسوة برئيس الجمهورية.
وقالت الفتلاوي في تغريدة لها على «تويتر»: «إن صح خبر تنازل الرئيس برهم صالح عن جنسيته البريطانية فعلاً بشكل رسمي وقانوني، فهي خطوة تستحق الإشادة».
وأضافت الفتلاوي: «نأمل أن يكون أسوة حسنة، يقتدي به باقي الرؤساء والوزراء والمحافظين والقيادات الأمنية وباقي المناصب العليا، كما نص عليه الدستور العراقي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».