الرياض.. مسرح العيد يكسر غربة الخشبة

سلطان البازعي: التابوهات لم تسقط لكن المناخ العام أصبح أكثر انفتاحا

سلطان البازعي
سلطان البازعي
TT

الرياض.. مسرح العيد يكسر غربة الخشبة

سلطان البازعي
سلطان البازعي

في السعودية يقولون: «جدة غير»، ولكن خلال أيام الأعياد، وخصوصا عيد الفطر، تصبح «الرياض غير»،
وما يميز الرياض هو العروض المسرحية التي تكسر غربة المسرح كفن استعراضي، وتقيم مصالحة «ولو مؤقتة» بين هذا الفن والمجتمع.
لكن سلطان البازعي، رئيس مجلس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، لا يتقاسم الشعور بالتفاؤل بشأن المسرح، وسقوط تابوهات الممانعة، لكنه يقول: «إن المناخ العام في البلد أصبح أكثر انفتاحا من ذي قبل، من ناحية تناول ومعالجة القضايا الرئيسة، سواء من حيث الحوارات التي تطرح في الصحافة أو وسائل الإعلام عامة، أم من حيث ما يطرح في وسائط التواصل الاجتماعي التي تملك قدرا كبيرا من الانفتاح، وتجعل سقف الحرية مرتفعا، بشكل واضح لأي مراقب ومتابع».
ويتحدث البازعي عن بروز شيء من الجرأة والانفتاح، معدا أن «تلك الخطوات تأتي نتيجة التطور الطبيعي والانفتاح على كل الفنون لدى المجتمع السعودي، غير أن ذلك لا يعني أن التابوهات سقطت وكأنما عملية الانفتاح حصلت فجأة»، وهو يلاحظ أن «جميع الفنون بمختلف أشكالها بما فيها الموسيقى، والغناء، والمسرح، وحتى السينما، التي لا يوجد لها دور رسمي، موجودة دائما في حياة الناس، بشكل منتظم سواء عبر الفضائيات أم الإنترنت، ولا يعوقها عدم وجود دور متاحة للسينما للجمهور، أما بالنسبة للموسيقى، فلها حضور واضح وكبير بدليل أن الموسيقى في السعودية تصدرت المشهد الموسيقي العربي، من ناحية الإنتاج وأعداد المبدعين أو نوعية الأعمال التي تقدم»، مشيرا إلى أن «الاستعانة بعناصر نسائية من الخليج للمشاركة في الفنون التي تعرض داخل الرياض، يصب في اتجاه الانفتاح العام على الفن على مستوى المرأة بشكل طبيعي».
وقال البازعي: «توجد مواهب نسائية مهمة جدا في مجال الدراما كبيرة، فمتى ما أتيح لها الفرصة برزت هذه المواهب بشكل جيد ويوضح قدرتها على تقديم أعمال مؤثرة، وهذا لا يخص مجال التمثيل فقط، ولكن يتناول مجال الكتابة والإخراج، وكونه ليس متاحا لوجود مسرح مختلط، فالعناصر النسائية تقدم أعمالها المسرحية في إطار المسرح الموجه للعائلات والسيدات فقط؛ بمعنى مسرح نسائي متكامل».
ونوه أن هناك مسرحا نسائيا خاصا بالسيدات، وليس مختلطا، قائلا: «أعتقد أن الفضل يرجع لأصحابه؛ إذ إن هذا الحراك يعود لأمانة منطقة الرياض؛ حيث نشطت منذ عدة أعوام بتوجيه من ولاة الأمر».
ولفت البازعي إلى أن هذا الحراك، كان الهدف منه إيجاد وسيلة ترفيهية، لسكان الرياض في المناسبات، وفي العطل الرسمية، مشيرا إلى أن «المسرح الاجتماعي تبنى إنتاج مسرحيات ومن ثم عرضها للجمهور، وبغض النظر عن محتوى ومستوى الأعمال المسرحية، التي قدمت خلال سنوات متفاوتة في المستويات، فإنها أوجدت هذا الحراك الذي أنعش الرياض في هذا الصدد، وتبعها أخيرا هذا العام؛ حيث إنه على الأقل نسمع أن هناك أمانات أخرى في جدة والمدينة تبنت أيضا مثل هذا الحراك المسرحي، وفي كل الأحوال يعد هذا مؤشرا إيجابيا، لإعادة العلاقة بين الجمهور والمسرح؛ إذ إن العمل المسرحي بطبيعته، لا بد أن يلمس القضايا الاجتماعية الرئيسة التي يتحدث عنها المجتمع ويعالجها، وإلا فإن الجمهور لن يقبل عليه»، مشيرا إلى أنه «في نهاية الأمر، فإن الجمهور لا يبحث عن مجرد الترفيه والإضحاك لمجرد الإضحاك، ولكنه يريد انعكاس حياته على خشبة المسرح وغيره من المنتجات الثقافية والفنية».

* لا خطوط حمراء

* علي السعيد، مؤسس الأرشيف السعودي للمسرح، يرى أن الفنون في السعودية تشهد صعودا وهبوطا من حيث مكانتها الاجتماعية، وهو يعتقد أن «المسرح بذاته يوجه أزمة قبول، دون غيره من المنتجات الثقافية أو الفنية، غير أن هناك دائما أسبابا تتحكم فيه سلبا أو إيجابا، وهي الأمور الإدارية فقط»، مبينا أن «الحراك عاود نشاطه من جديد، بفضل الجهود الفردية بالدرجة الأولى وجهود أمانة مدينة الرياض، وجمعية الثقافة والفنون لها جهود وإن كانت ضعيفة».
وقال السعيد: «نحن نشاهد جهود خجولة تجاه المسرح من قبل وزارة الثقافة والإعلام وجمعية الثقافة والفنون وهي شبه متوقفة، ولكن من ينتج المسرح هي أمانات المدن والبلديات والشركات الخاصة، وما يحدث من حراك في الرياض نتاج تراكم وتطور عبر السنين».
ويتساءل السعيد عن جدوى الاستفادة من بعض العناصر الخليجية الأخرى النسائية تحديدا في مجال الفن، والمشاركة في مسرح الرياض وبعض العروض، وما إذا كان ذلك انفتاحا أم حالة عرضية؟ وهل تعد حالة طبيعية أيضا عدم وجود العنصر النسائي السعودي في التمثيل؟ لكنه يعود للقول: «إن الكثير من الخطوط الحمراء التي كانت توضع بدأت تتناقص، وهذا لا بد من أخذه بعين الاعتبار، ولذلك هناك متغيرات قادمة أكبر قد تساهم في تطوير العمل الفني والمسرحي، وقد تكون خطرة عليه في الوقت نفسه، فهي سلاح ذو حدين إن لم نمارسها بوعي وإدراك وبعناية فنية ورقابية وتربوية»، ويضيف: «إن التطور المستمر يحدد مستقبل وسقف الانفتاح، ولذلك يجب أن تكون المؤسسة الرسمية حاضرة وعلى مستوى الحدث؛ وأعني بها وزارة الثقافة والإعلام، لأن المسالة مترابطة بأن يكون لهذه الوزارة إنتاج قوي ومؤثر وجاذب للمتلقي».



احتفالية «دولية» بمئوية سلطان العويس تجمع الفكر والأدب والموسيقى

الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عبد الحميد أحمد متحدثاً في مؤتمر صحافي في دبي عن احتفالية مئوية سلطان العويس (الشرق الأوسط)
الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عبد الحميد أحمد متحدثاً في مؤتمر صحافي في دبي عن احتفالية مئوية سلطان العويس (الشرق الأوسط)
TT

احتفالية «دولية» بمئوية سلطان العويس تجمع الفكر والأدب والموسيقى

الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عبد الحميد أحمد متحدثاً في مؤتمر صحافي في دبي عن احتفالية مئوية سلطان العويس (الشرق الأوسط)
الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عبد الحميد أحمد متحدثاً في مؤتمر صحافي في دبي عن احتفالية مئوية سلطان العويس (الشرق الأوسط)

 

أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عن برنامج احتفاليتها بمرور 100 عام على ولادة الشاعر سلطان بن علي العويس (1925 ـ 2025)، خلال مؤتمر صحافي عقده الأمين العام للمؤسسة، عبد الحميد أحمد، في دار سلطان (مقر المؤسسة)، بحضور الدكتور محمد المطوع، والدكتورة فاطمة الصايغ، عضوي مجلس الأمناء، وإبراهيم الهاشمي المدير التنفيذي للمؤسسة.

وأشار الأمين العام إلى أن المؤسسة أعدت برنامجاً ثقافياً حافلاً للاحتفال بمئوية الشاعر سلطان العويس وذلك بعدما اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» عام 2025 عاماً للاحتفال بالذكرى المئوية لمولد الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس.

وأضاف عبد الحميد أحمد أن ذلك الاعتماد جاء بعدما اطلعت منظمة اليونيسكو على ملف الشاعر سلطان بن علي العويس الذي طرحته اللجنة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، في الدورة 42 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

وتزامناً مع هذه المناسبة أعلن الأمين العام عن رفع قيمة (جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية) إلى 150 ألف دولار لكل حقل من الحقول وذلك بدءاً من الدورة التاسعة عشرة، ليصبح مجموع الجوائز 750 ألف دولار أميركي موزعة على الحقول التالية (الشعر، والقصة والرواية والمسرحية، والدراسات الأدبية والنقد، والدراسات الإنسانية والمستقبلية، وجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي).

وقال إن هذه الاحتفالية تضمّ العديد من الفعاليات الفكرية والفنية والموسيقية والسينمائية والإصدارات وغيرها من الأنشطة المتميزة التي ستكون طيلة عام كامل، وقد رصدت المؤسسة ميزانية لهذه السنة ستكون مخصصة للأنشطة النوعية التي ستقام داخل وخارج الإمارات.

أعضاء في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية خلال إعلان برنامج الاحتفالية بمئوية العويس (الشرق الأوسط)

موسيقى وفنون

ومن المقرر أن تبدأ يوم الخميس 23 يناير (كانون الثاني) 2025 بحفل موسيقي للمايسترو محمد القحوم، يقام في مبنى أوبرا دبي حيث سيقدم الموسيقار محمد القحوم مجموعة من التراثيات العربية والإماراتية فضلاً عن قصائد للشاعر سلطان العويس التي غناها مطربون عرب مشهورون بالإضافة إلى أسلوبه المميز في التوزيع الكورالي والموسيقي بالطريقة الكلاسيكية التي حققت الكثير من الإعجاب حول العالم.

وبدورها أشارت الدكتورة فاطمة الصايغ إلى طباعة الكثير من الكتب التي تعنى بحياة الشاعر سلطان العويس مثل ديوانه الذي يضم الأعمال الشعرية الكاملة وكتاب يضم دراسات ومقالات وحوارات عن سلطان العويس وكتاب عن حياته وأفكاره ومسيرته.

وأضافت فاطمة الصايغ أن المؤسسة قررت بهذه المناسبة إنتاج فيلم وثائقي يشمل كل مراحل حياة الشاعر سلطان العويس العملية والأدبية والاجتماعية وغيرها من الجوانب التي سيغطيها الفيلم وقد تم تكليف أبرز العاملين في حقل السينما لإعداد الفيلم وسيعرض فور انتهائه في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بالإضافة إلى إرسال نسخ منه إلى المؤسسات الثقافية المماثلة.

وقالت: «إن المؤسسة تُعد لندوة دولية عن سلطان العويس وأدبه ستقام بالتعاون مع منظمة اليونيسكو في باريس منتصف العام المقبل يشارك فيها باحثون من مناطق مختلفة حول العالم، ممن لهم صلة معرفية بسلطان العويس سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الثقافي والأدبي كالنقاد والأصدقاء المقربين من الشاعر الراحل والدارسين المهتمين بشعر سلطان العويس».

في حين أشار إبراهيم الهاشمي إلى أن الاحتفالية لها طابع خاص في نفوس أبناء الإمارات الذين يعتزون بالقيمة الكبيرة للشاعر سلطان بن علي العويس، ولذلك تم الاتفاق مع مؤسسة بريد الإمارات على إصدار طوابع تذكارية تحمل صورة سلطان العويس ونماذج من شعره الذي يمثل طريقة تفكيره وكتابته، كما أن المؤسسة وبالاتفاق مع المصرف المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة أبرمت اتفاقية لإصدار عملة تذكارية عن سلطان العويس، الوجه الأول يحمل مئوية سلطان بن علي العويس الثقافية والوجه الثاني يحمل أحد أبيات شعره:

(وطني دمي ينسابُ بين جوانحي

فكأنهُ والروحُ فيه سواءُ).

وأضاف الهاشمي أن المؤسسة أعدت معرضاً فنياً سيقام في شهر فبراير 2025 مستوحى من أشعار سلطان العويس يشارك فيه عشرات الفنانين ويشتمل على لوحات ومخطوطات من أشعار سلطان أو رسومات مستوحاة من قصائده، وقد تم تكليف عدد كبير من الفنانين الإماراتيين والعرب للانخراط في هذا المشروع بحيث يصل عدد الأعمال التي ستعرض خلال الاحتفالية إلى 100 عمل فني سيتم توثيقها في كتاب أنيق يصدر بالتزامن مع المعرض.

وفي ختام المؤتمر قال الأمين العام إن القيمة الحقيقية للشاعر سلطان بن علي العويس تكمن في رؤيته المستقبلية من خلال الكثير من المشاريع الخيرية ولكن جائزة سلطان بن علي العويس لها بريقها الذي يزداد توهجاً كلما تم تكريم مبدع أو كاتب عربي وهذا ما شهدناه خلال الدورات السابقة للجائزة.