إدانة فلسطينية وعربية لاعتراف أستراليا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل

رفضت السلطة الفلسطينية قرار أستراليا الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل وتوعدت بالرد على القرار «الخطير». وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إنه «سيتم درس خطوات واجب اتخاذها كرد على هذا القرار». وأضاف: «سيتم ذلك وسنعلن عنه بالتنسيق مع جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي».
ورفض المالكي الحديث عن التزام أستراليا بمبدأ حل الدولتين، قائلا إن «ترك تحديد حدود عاصمة البلدين للمفاوضات، يعد ذرا للرماد في العيون، ومحاولة لتجميل الموقف من خلال إرباك القارئ وإعطائه الانطباع بانسجام هذا الموقف مع القانون الدولي، بينما هو في الحقيقة أبعد أن يكون كذلك».
وأضاف أن «اعتراف أستراليا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل لا يعفيها من تناقضها الكامل مع مرجعيات عملية السلام المستندة إلى القانون الدولي القائل إن القدس الشرقية أرض فلسطينية محتلة، وإن أي اعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل يجب أن يرافقه اعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة لفلسطين».
واتهم المالكي رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون بالانتماء للكنيسة الإنجيلية المتصهينة: «تماما كما هو نائب الرئيس الأميركي (مايك بنس) الذي ضغط لصالح الاعتراف ونقل السفارة، وتماما كما هو رئيس غواتيمالا (جيمي موراليس)، والحال كذلك مع الرئيس البرازيلي المنتخب (جاير بولسونارو)، جميعهم ينتمون لنفس الكنيسة الإنجيلية المتصهينة».
وكان موريسون أعلن السبت، أن بلاده تعترف رسميا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، وهو ما يمثل تراجعا عن سياسة تنتهجها منذ عقود. وقال موريسون إن «أستراليا تعترف الآن بالقدس الغربية، حيث مقر الكنيست وكثير من المؤسسات الحكومية، عاصمة لإسرائيل». وأضاف قائلا للصحافيين في سيدني: «نتطلع لنقل سفارتنا إلى القدس الغربية عندما يكون ذلك عمليا».
وأكد موريسون أن أستراليا لن تنقل سفارتها إلى القدس الغربية إلا بعد تحديد الوضع النهائي للمدينة، ولكنها ستفتح بها مكاتب تجارية ودفاعية. وأكد موريسون دعم بلده لمبدأ حل الدولتين الذي يشمل إعلان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية. غير أن ذلك لم يقنع الفلسطينيين.
ووصفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، إعلان رئيس الوزراء الأسترالي، اعتراف بلاده رسميا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل بالخطير والمستفز.
وقالت في بيان إن «هذه الخطوة اللامسؤولة وغير القانونية لن تؤدي إلا لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة». وأضاف أن «أستراليا باعترافها بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل تزامنا مع إعدام الأخيرة لـ4 مواطنين بدم بارد وفرضها العقوبات الجماعية على شعب أعزل، أصبحت شريكة في جرائم الحرب التي ترتكبها دولة الاحتلال، وداعمة لعمليات الضم غير الشرعية للقدس المحتلة، متحدية القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية».
ولفتت عشراوي إلى أن الخطوة تأتي تماشيا مع النظم الأصولية المسيحية الصهيونية الشعبوية والعنصرية والفاشية التي تعمل بشكل ممنهج على إضعاف النظام العالمي وخرق القانون الدولي وحقوق الإنسان.
أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات فقال إن إعلان أستراليا تمخض عن سياسات محلية محدودة الأفق. وأضاف في بيان أن سياسات الحكومة الأسترالية لم تقدم شيئا لدفع حل الدولتين وأن القدس بأكملها لا تزال قضية وضع نهائي خاضعة للتفاوض في حين أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب القانون الدولي.
واتهم عريقات الحكومة الأسترالية باستغلال هذا الإعلان لتحقيق مكاسب سياسية داخلية شائنة، تتناقض مع التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي والسلم والأمن الدوليين. وقال عريقات إن أستراليا «اختارت الانضمام إلى ترمب ونتنياهو وحكومتين أخريين في التصويت ضد حل الدولتين في قرار الأمم المتحدة الذي تدعمه 156 دولة، ولا تزال ترفض الحكومة الأسترالية الاعتراف بدولة فلسطين، والتصويت في الهيئات والمنابر الدولية ضد حق شعبنا الفلسطيني في تقرير المصير، وتواصل أعمال التجارة غير الشرعية مع المستوطنات الإسرائيلية».
ولا يعرف كيف سيرد الفلسطينيون على القرار الأسترالي. وكان السفير الفلسطيني لدى أستراليا عزت عبد الهادي، حذر من أنه في حال اتخذت أستراليا هذه الخطوة فإن الحكومة الفلسطينية ستدعو الدول العربية والإسلامية إلى «سحب سفرائها» من أستراليا و«اتخاذ تدابير مقاطعة اقتصادية».
وسبق أن أعربت الحكومة الإندونيسية عن استيائها مما تعتزم أستراليا القيام به، وعلقت مشروع اتفاق تجاري بين البلدين. وكانت وزارة الخارجية في كانبيرا أصدرت، تحذيرا لمواطنيها الذين يعتزمون السفر إلى إندونيسيا الجارة المعارضة لهذه الخطوة. وتعد جزيرة بالي الشهيرة إحدى الوجهات السياحية التي يقصدها الكثير من الأستراليين.
وأدانت جامعة الدول العربية، قرار أستراليا الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، واعتبرته انتهاكا خطيرا للوضع القانوني الدولي الخاص بمدينة القدس ولقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة، واعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد الأمين العام المساعد، السفير الفلسطيني سعيد أبو علي أن «هذا القرار سيكون محل متابعة جدية من قبل الجامعة العربية وسيترك أثره على مجمل العلاقات العربية - الأسترالية، خاصة أن الموقف العربي معلن وصريح حيال هذا الأمر بالكثير من القرارات العربية، التي سبق اتخاذها، والتي حذرت من مغبة الإقدام على مثل هذا القرار سواء من أستراليا أو غيرها من الدول التي قد تفكر بالإقدام على مثل هذه الخطوة الخطيرة بالغة الضرر لمسار السلام وللعلاقات مع الدول العربية».