اللطامنة... بلدة «حموية» في «المنطقة العازلة» تحاول النهوض من الدمار

نازحون سوريون في ريف حماة (أ.ف.ب)
نازحون سوريون في ريف حماة (أ.ف.ب)
TT

اللطامنة... بلدة «حموية» في «المنطقة العازلة» تحاول النهوض من الدمار

نازحون سوريون في ريف حماة (أ.ف.ب)
نازحون سوريون في ريف حماة (أ.ف.ب)

قالت مصادر محلية وسكان إن بلدة اللطامنة بين حماة وإدلب وتقع ضمن «المنطقة العازلة» في اتفاق سوتشي بين أنقرة وموسكو، تحاول النهوض من الدمار بعد عودة عشرات من أهلها رغم الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة.
وبحسب تقرير لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، فإن اللطامنة «بلدة على مقربة من الحدود الإدارية للشمال الحموي، واحدة من شواهد وحشية النظام السوري وحلفائه، حيث الدمار هو لسان حال البلدة، التي لم تسلم طوال السنوات الثماني الأخيرة، من براميل وصواريخ طائرات نظام بشار الأسد، وقنابل وصواريخ الطائرات الروسية، وقذائف الهاون والمدفعية والدبابات وراجمات الصواريخ من قوات النظام وحلفائها من القوات الإيرانية وحزب الله اللبناني والميليشيات السورية واللبنانية والإيرانية والأفغانية والآسيوية».
وبلدة اللطامنة التي نقصدها في التقرير الذي أعده «المرصد» لا تزال تعاني بشكل يومي من الاستهدافات بالرشاشات الثقيلة والقذائف المدفعية والصاروخية، ورغم وقوع البلدة ضمن المنطقة منزوعة السلاح التي جرى الاتفاق عليها بين كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في 17 سبتمبر (أيلول) لم تسلم من قذائف المعدات الثقيلة للنظام، والتي تتصاعد وتنخفض وفقاً لأهواء القوات الموجودة في منطقة نزع السلاح.
وقال «المرصد» إن اللطامنة «تتصدر مناطق محافظة حماة، من كثرة القصف وتتاليه بشكل يومي، أعلن عنها في بيان رسمي لمجلسها المحلي في سبتمبر كبلدة منكوبة، رغم مغادرة معظم سكانها لها منذ العام 2014، نتيجة عنف العمليات العسكرية وشدة القصف وتتاليه، لحين تدمير أجزاء كبيرة من البلدة»، حيث قدرت مصادر نسبة الدمار والأضرار في البلدة من منازلها ومتاجرها وممتلكات المواطنين فيها والممتلكات العامة من مدارس ومشاف ومراكز طبية وخدمية، والبنى التحتية، بنحو 90 في المائة، ورغم هذا الدمار فإن «عشرات العوائل لا تزال تقطن في المدينة، وما دفعه لهذا الخيار الأَمَرّ، هو الفقر المدقع الذي يحيط بهذه العوائل، وعدم قدرتهم على تحمل أعباء النزوح نحو مخيمات الشمال السوري، والتي باتت هي الأخرى مكلفة، إضافة لوعي السكان المتبقين بقلة الخدمات المقدمة من قبل الجهات الإغاثية والإنسانية المشرفة على مخيمات الشمال السوري».
«جيش العزة» هو الفصيل المسيطر على البلدة ويقوم الفصيل بشكل دائم بصد محاولات التقدم التي تنفذها قوات النظام السوري، لاقتحام ريف محافظة حماة الشمالي، كما يقوم الجيش بعمليات استهداف منفردة، لمواقع قوات النظام من قواعدها وثكناتها القريبة من البلدة وفي مناطق ريف حماة، من محردة والسقيلبية وحلفايا وقرية الزلاقيات، وغيرها من المدن والبلدات، فيما شهدت البلدة مؤخراً تراجعاً في وتيرة القصف رغم استمراره بشكل يومي، الأمر الذي أوجد نقطة تحول في طبيعة حياة سكان المدينة، حيث عادت عشرات العائلات التي كانت قد نزحت من قرابة الـ4 سنوات، ليصبح عدد الموجودين في المدينة بحسب مصادر محلية بحدود 7 آلاف نسمة، حيث اعتبر السكان هذه العودة، نقطة انطلاق جديدة في حياة البلدة، رغم افتقارها للمقوم الأول للحياة وهو الأمان الكامل، حيث لا تزال تعاني من استهدافات النظام اليومية لأحياء البلدة والأراضي الزراعية المحيطة بها.
كما أن الجهات الخدمية القائمة على إدارة المدينة، بحسب التقرير، لم تتمكن رغم الجهود المبذولة من قبلها، في تحقيق مكتسبات جديدة، بل بات الوضع يرمم بشكل تدريجي ضعيف، فيما ناشد سكان البلدة من «المرصد» المجتمع الدولي والمنظمات المعنية، الوقوف على أحوال السكان، الذين عادوا إليها، وركزوا على حث الجهات آنفة الذكر، على مساعدة السكان لإعادة ضخ الحياة في بلدتهم، بهدف الخلاص من معيشة المخيمات، التي لا تقيهم حر الصيف ولا قر الشتاء.
ونقل «المرصد» عن أهالٍ قولهم إنهم «يعملون جاهدين على التأقلم مجدداً مع الوضع الراهن للبلدة، فالدمار قد طال منازلها والمدارس والمشافي والمؤسسات المدنية، فضلاً عن أزمة المياه والكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة لتراكم النفايات وانتشار الروائح الكريهة والأمراض الجلدية، فالبلدة التي تركها السكان لعدة أعوام، عادوا إليها ليجدوها دماراً فوق دمار، فتمركز جيش العزة في المنطقة، دفع النظام إلى قصف المدينة مع الروس بكثرة، كما أن النازحين الذين عادوا إلى المدينة، لا مكان لهم للعيش، فمنازلهم قد دمرت بالكامل ويجبرون على السكن في خيم أو مغارات أرضية، أو في منازل مدمرة بشكل جزئي، في الوقت الذي يحاول فيه القائمون على البلدة تنشيط الحياة فيها منذ بدء عودة سكانها بعد سريان هدنة المنطقة منزوعة السلاح، حيث تجري محاولات لترميم المدارس والمشافي، وتعبيد الطرقات».
كما عملت الجهات الخدمية على ترحيل كميات كبيرة من النفايات لخارج المدينة، للتخفيف منها، والحفاظ على الجو العام في المدينة، عقب تفشي الكثير من الأمراض الجلدية، وبخاصة بين فئة الأطفال مثل مرض اللشمانيا، كما أنها أعادت تفعيل أول مدرسة للطلاب، وبدأت عملية التعليم فيها بشكل تطوعي، من قبل بعض المدرسين، كما تم إصلاح شبكة المياه والكهرباء في أجزاء واسعة من المدينة، إضافة لإنشاء نقطة طبية تقوم على تقديم العلاج للمرضى، وبخاصة الحالات الإسعافية، إلا أن الإمكانات لا تزال ضعيفة جداً، وينقصها الكثير من المواد والمستلزمات الطبية والكادر المتخصص من أطباء وممرضين بكافة الاختصاصات.
وتابعت بأن «المشاريع لا تزال تبذل في سبيل إعادة ترميم البلدة، وبث الحياة فيها، كما كانت في سابق عهدها، إلا الدعم المتوفر، ليس بالكافي، فعملية تزويد المجلس المحلي بالدعم المادي من قبل مجلس محافظة حماة التابع لحكومة الإنقاذ (في المعارضة) لا تزال ضئيلة، من قبلها ومن قبل بعض المنظمات الإنسانية، وهي لا تكفي لتنفيذ جميع المشاريع الخدمية، التي تحتاج إليها البلدة، لتكون صالحة بشكل مناسب، كباقي المناطق للعيش فيها كما كانت سابقاً، فضلاً عن القصف المدفعي المتكرر الذي يعرقل ويعيق هذه العملية، ويجعل من سكان المدينة الحاليين يفكرون في النزوح مجدداً، إذا ما تطورت الأحداث، فالحرب أثقلت كاهل السكان، وفرقت شملهم في مخيمات الشمال السوري والمناطق الأخرى من ريفي حماة وإدلب، في حين أن الجانب المعيشي في حياة السكان، لا يقل سوءاً عما تعانيه معظم الجوانب الأخرى».
وتعرضت الزراعة في السنوات السابقة للكثير من الانتهاكات والتخريب، من حرق للمحاصيل الزراعية بعض نضجها، بفعل القصف العشوائي الذي طالها، وبكافة أنواع الأسلحة، وأحياناً كثيرة بشكل مقصود، من قبل قوات النظام وحلفائها، إذ يصعب العمل مرة أخرى في الأراضي الزراعية، بفعل الاستهداف اليومي من قبل قوات النظام المتمركزة في المناطق المجاورة، لذلك فإن العمل في القطاع الزراعي في الوقت الحالي، لا يزال يعد مخاطرة للفلاحين والمزارعين، حتى يستتب الأمان بشكل كامل في البلدة وما حولها، بحسب «المرصد».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.