تلاحق السلطات التونسية رجال أعمال محليين قاموا باستيراد آلاف السترات الصفراء والحمراء، وذلك بعد اكتشاف مخزن يملكه أحد كبار رجال الأعمال في مدينة صفاقس (وسط شرقي)، وحجز 50 ألف «سترة حمراء»، ونحو ألفي «سترة صفراء»، يشتبه في تخزينها وإخفائها عن أعين الأجهزة الأمنية قصد توزيعها على المحتجين، الرافضين لسياسة الحكومة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، ولما تضمنه قانون المالية الجديد من إجراءات يخشى أن تزيد من تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين وفي غلاء الأسعار من جديد.
وداهمت أجهزة الأمن المخزن المذكور قبل يومين، بعد توفر معلومات تفيد بدخول شحنة من السترات الحمراء التي تم جلبها من الصين، بغرض توزيعها على المحتجين خلال الأيام القليلة المقبلة، وتمّ حجز الشحنة قبل توزيعها بساعات.
وتتزامن هذه الحملة الأمنية القوية مع تشكيل حركة «السترات الحمراء»، وفي هذا السياق أشار نجيب الدزيري، الناشط البارز في هذه الحركة، إلى أن حركته بلورت 22 مطلباً اجتماعياً واقتصادياً لمطالبة الحكومة بتنفيذها بهدف تفادي احتجاجات اجتماعية، يتم الإعداد لها في جل جهات البلاد قبل وصولها إلى العاصمة التونسية.
وتتضمن مطالب الحركة بالخصوص تحسين ظروف عيش السكان، وتنفيذ إصلاحات عاجلة داخل قطاعات الصحة والتعليم والنقل العمومي، وتحسين معدل الأجر الأدنى، ومخصصات التقاعد، وصيانة الطرقات والبنية التحتية، ومحاسبة الفاسدين في الإدارة.
وفي سياق جهود الدولة للتضييق على هذه الحركة، التي استلهمت تحركاتها من حملة أصحاب «السترات الصفر» الفرنسية، قررت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في مدينة صفاقس إحالة الملف على فرقة الأبحاث المالية والاقتصادية، التابعة للشرطة العدلية بتونس العاصمة، لتعميق الأبحاث، خصوصاً بعد ورود معلومات جديدة بخصوص شحنة السترات المستوردة التي تم حجزها.
في المقابل، قال محامي رجل الأعمال صاحب شحنة السترات المحجوزة، إن السترات التي تم حجزها من قبل الوحدات الأمنية تم جلبها من طرف موكله قصد بيعها لشركات نفطية وبترولية، ومؤسسات خاصة تعنى بالشأن البلدي.
وأضاف المحامي، في تصريح إعلامي، أن موكله قدم طلباً منذ شهر مارس (آذار) الماضي لشراء 50 ألف سترة بصفة قانونية، مبرزاً أن السلع المستوردة تم تجهيزها وتصديرها إلى المتهم خلال هذه الفترة، ولا علاقة لها بالاحتجاجات الاجتماعية، على حد قوله.
وتلتقي مطالب حركة «السترات الحمر» مع مطالب أحزاب يسارية معارضة في التأكيد على استشراء الفساد، وسوء الإدارة، والفشل في إخراج البلاد من مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية، وفي غياب التنمية العادلة والفشل في تحقيق التوازن بين الجهات، علاوة على ارتفاع نسب الفقر والتهميش.
وكان تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري المعارض، الذي يقوده حمة الهمامي، قد دعا بعد التصديق على قانون المالية لسنة 2019 إلى الخروج إلى الشوارع، والاحتجاج على اختيارات الحكومة، بسبب رضوخها لشروط الصناديق المالية المانحة، على رأسها صندوق النقد الدولي.
من جانبه، توقع الصحبي بن فرج، النائب البرلماني المساند للاستقرار الحكومي، سعي المعارضة إلى تأجيج الشارع خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقابل، لمحاولة السطو على السلطة وإسقاط الحكومة بقوة الشارع. واعتبر أن تجربة «السترات الصفر» في فرنسا التي وضعت الحكومة في مأزق «باتت مغرية بالنسبة للمعارضة التونسية، التي تخشى الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات، وما يفرزه صندوق الاقتراع»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، أكد مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، على صعوبة نقل تجربة «السترات الصفر» الفرنسية إلى تونس، وعلل ذلك بالواقع الاقتصادي والاجتماعي المختلف، كما عبر عن خشيته من الانفلات الاجتماعي والأمني في حال نزول المحتجين إلى الشوارع.
تونس تستبق موجة الاحتجاجات بملاحقة مهربي «السترات الحمراء»
تونس تستبق موجة الاحتجاجات بملاحقة مهربي «السترات الحمراء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة