مجلس الأمن يستعد لدعم خطة غريفيث للسلام في اليمن

استعدادات لإصدار قرار خلال أيام ... ومطالب حكومية بتنفيذ الـ 2216... والمبعوث الأممي يحض على نظام مراقبة قوي وفعال في الحديدة

المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يقدم تنويراً لمجلس الأمن حول نتائج المشاورات في استكهولم (ا.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يقدم تنويراً لمجلس الأمن حول نتائج المشاورات في استكهولم (ا.ب)
TT

مجلس الأمن يستعد لدعم خطة غريفيث للسلام في اليمن

المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يقدم تنويراً لمجلس الأمن حول نتائج المشاورات في استكهولم (ا.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يقدم تنويراً لمجلس الأمن حول نتائج المشاورات في استكهولم (ا.ب)

توقع دبلوماسيون غربيون أن يصوّت أعضاء مجلس الأمن، خلال أيام، وعلى الأرجح الأربعاء، على مشروع قرار يرعى التوافقات التي توصل إليها أطراف الحرب في اليمن، ويستجيب للدعوات التي أطلقها المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث من أجل إنشاء آلية مراقبة «قوية وفعالة» لوقف إطلاق النار في الحديدة وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى ملايين المحتاجين في كل أنحاء البلاد.
غير أن المندوب اليمني الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي، حض مجلس الأمن على تنفيذ القرارات الصادرة عنه بشأن اليمن، لا سيما القرار 2216 «لإنهاء الصراع ولسنا بحاجة إلى إصدار مزيد من القرارات».
وقدم غريفيث إفادة إلى أعضاء مجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من عمان، فأوضح أنه «خلال هذا الأسبوع، وخلال مشاوراتنا في السويد، توصلت أطراف النزاع إلى اتفاقات عدة مدرجة في إعلان استوكهولم، التي دخلت حيز التنفيذ في 13 ديسمبر (كانون الأول) بعد نشر الوثائق»، معتبراً أن «كل الأطراف قدمت تنازلات»، لكنه أعلن أنه «ممتن لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي أظهر دعمه الشخصي لهذه العملية والاتفاقات التي كنا نتفاوض عليها في السويد». وأضاف: «أنا ممتن للرئيس (عبد ربه منصور) هادي الذي تابع عن كثب مفاوضاتنا التي كانت مشاركتها أساسية في جميع الملفات».
ولفت إلى أن الاتفاقات «تشمل عمليات انسحاب متبادلة على مراحل، ولكن سريعة، من كل موانئ الحديدة الثلاثة والمدينة»، لافتاً إلى أن «ذلك سيتحقق في سياق وقف النار على مستوى المحافظة». وشدد على أن «المطلوب من الأمم المتحدة هو أن ترصد امتثال الأطراف لهذه الالتزامات»، قائلاً: «أنا متأكد من أن هذا المجلس يرغب في تلبية هذا المطلب»، إذ إن «نظام مراقبة قوياً وفعالاً ليس ضرورياً فحسب. بل هناك حاجة ملحة أيضاً». وكشف أن الطرفين «سيرحبان به». وأضاف أنه «بناء على توجيهات الأمين العام، تعمل الإدارات المعنية في نيويورك وغيرها على وضع الخطط للانتشار العاجل بناء على القرارات التي سيتخذها مجلس الأمن. لقد كانت الحديدة محل الاهتمام العالمي على مدى عام، وكان لذلك أسباب وجيهة. إن الحديدة شريان حياة حيوي للبرنامج الإنساني الذي يعتمد عليه ملايين اليمنيين. التوقعات المروعة بحدوث المجاعة، جعلت حل مسألة الحديدة أمراً عاجلاً وضرورياً. لذلك، تدور طبيعة ما اتفق عليه من انسحاب (القوات) حول الحاجات الإنسانية، ويعد السماح للأمم المتحدة بالقيام بدور رئيسي في الميناء خطوة أولى حيوية». وأكد أهمية أن يحصل ذلك خلال أيام. وذكر أن الأمم المتحدة ستقوم بدور رئيسي في دعم شركة اليمن لموانئ البحر الأحمر في عملية الإدارة والتفتيش في الحديدة والصليف ورأس عيسى. وسيشمل ذلك مراقبة محسنة من آلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش. وقد وضع فريق الأمم المتحدة في اليمن خطة تتطلب دعماً محدداً من الدول الأعضاء. وكذلك أفاد غريفيث بأنه «في السويد، ناقشت الأطراف أيضاً إطار العمل الخاص» الذي أعده، قائلاً إن «المبدأ الأساسي في إطار العمل، يستند إلى المرجعيات الثلاث؛ مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2216»، بغية «إعادة مؤسسات الدولة واحتكار الدولة للقوة من خلال توفير مستقبل سياسي واضح لجميع الأطراف وجميع أولئك الذين لديهم رأي في حل هذا النزاع». وأضاف: «وافقت الأطراف على مناقشة الإطار في الجولة المقبلة من المشاورات (...) وأنا مسرور للغاية بالردود الإيجابية بشكل عام للأطراف».
وكذلك قدم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك إحاطة قال فيها إن «اتفاق الحديدة يقربنا من وقف حقيقي للأعمال العدائية»، مشيراً إلى أن هناك «ضرورة للعمل وتنفيذ الالتزامات من الأطراف ويجب التعجيل بها». وأضاف أن «أكثر من 20 مليون يمني، أو ثلثي سكان اليمن، يعانون انعدام الأمن الغذائي طبقاً للإحصاءات التي توفرها المنظمات الدولية»، مؤكداً أن «هناك كارثة مؤلمة تتمخض في اليمن وهي تزداد سوءاً والملايين يعانون الجوع والمرض ورسالتهم إلى العالم أنه ينبغي لهذه الحرب أن تنتهي». وكرر مطالبته بتحقيق وقف العمليات العدائية أولاً، وحماية إمدادات الغذاء والحاجات الأساسية وتيسير عمليات الإغاثة ثانياً، وإعادة الاستقرار إلى الاقتصاد اليمني ثالثاً. وتمويل خطة الاستجابة التي أعدتها الأمم المتحدة رابعاً، و«الأكثر أهمية» في نظر لوكوك أن «تواصل الأطراف الانخراط بجدية مع عملية غريفيث، بما في ذلك تطبيق الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في السويد».
وأشاد غالبية أعضاء مجلس الأمن بالاتفاقات التي توصل إليها اليمنيون. وقالت المندوبة الأميركية الدائمة نيكي هيلي إنه «في موسم الأمل هذا، ليس على المجتمع الدولي أن يكتفي بالأمل فقط للشعب اليمني»، مضيفة أن «لدينا القدرة على تغيير واقعهم». ودعت أعضاء مجلس الأمن إلى القيام التالية عبر «البناء على ما تقدم (...) لإحلال السلام في اليمن».
وقالت المندوبة البريطانية كارين بيرس خلال الاجتماع إن بلادها وبصفتها حاملة القلم للمسائل المتعلقة باليمن في مجلس الأمن «ستستأنف العمل» على قرار مجلس الأمن، مضيفة: «نحن نخطط لتأييد الاتفاقات التي جرى التوصل إليها، ودعم تنفيذها، وتحديد الخطوات التالية العاجلة». ودعت إلى «العمل مع الزملاء لمعالجة متطلبات مهمة المراقبة»، مرحبة بخبر موافقة الجنرال الهولندي على تولي قيادة هذه المهمة لأن «هذه خطوة جيدة للغاية للأمام. نحن ندرك أهمية مراقبة الامتثال ونفهم أهمية أن يكون للأمم المتحدة دور رائد في دعم تشغيل الموانئ». وأملت في «العمل على وجه السرعة للتوصل إلى قرار مجلس الأمن الذي سيقدم أقوى دعم ممكن لما تم إنجازه حتى الآن ويوفر لمارتن غريفيث وللأطراف أساساً متيناً مع تحركهم نحو اتفاق بنهاية يناير (كانون الثاني) المقبل».
وقال المندوب اليمني إن ما تمخضت عنه مشاورات السويد «يمثل خطوة جادة في اتجاه إجراءات بناء الثقة ويبشر بتحقيق سلام يتطلع إليه شعبنا اليمني»، داعياً مجلس الأمن إلى «العمل على تنفيذ القرارات الصادرة عنه بشأن الحال في اليمن، لا سيما القرار 2216 لإنهاء الصراع ولسنا بحاجة إلى إصدار مزيد من القرارات».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.