لم أشعر بالدهشة عندما رأيت مجموعة من المشجعين البيض لنادي تشيلسي الإنجليزي، وهم يوجهون هتافات عنصرية للاعب مانشستر سيتي، رحيم ستيرلينغ، أثناء إلقائه رمية تماس خلال المباراة التي جمعت الفريقين، ضمن منافسات الجولة السادسة عشرة للدوري الإنجليزي الممتاز، على ملعب «ستامفورد بريدج». ولا ألقي باللوم على هؤلاء العنصريين بسبب تبنيهم لهذا النهج؛ لأننا جميعا نمارس التمييز، سواء عن وعي أو بشكل لا شعوري. وبالتالي، سيكون من غير المنطقي أن نشعر بالغضب بسبب ما يقوم به قلة من الناس فقط.
ولا تكمن المشكلة في أن عدداً من الناس يوجهون هتافات عنصرية؛ لكن المشكلة تكمن في أن لديهم رغبة قوية في توجيه تلك الهتافات. وحتى لو تم إسكات كل عنصري في كرة القدم، فإن ملاعب كرة القدم ستظل مليئة بالعنصرية والعنصريين؛ لأن العنصرية موجودة في كل مكان في مجتمعنا، وداخل كل منا.
وفي اليوم التالي لتعرضه لتلك الإهانات العنصرية المزعومة، سلط ستيرلينغ الضوء على الطريقة التي تتناول بها الصحافة أخبار اللاعبين السود صغار السن. ونشر صورتين يعرض فيهما تضارباً في عناوين صحافية في قصص مشابهة تتعلق بزميلين له في مانشستر سيتي، أحدهما من أصحاب البشرة السمراء هو توسين أدارابيويو، والثاني أبيض وهو فيل فودين، وكلاهما اشترى منزلاً جديداً هذا العام. ويقول العنوان الأول إن أدارابيويو أنفق 2.25 مليون جنيه إسترليني على شراء المنزل «رغم أنه لم يشارك أساسياً في أي مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز»، بينما يقول العنوان الثاني إن فودين اشتري منزلاً بنحو مليوني جنيه إسترليني «من أجل والدته».
وقال ستيرلينغ في تعليقه على ذلك: «أمامنا لاعبان في بداية مشوارهما، ويلعبان للفريق نفسه. كلاهما قام بعمل مشروع، وهو شراء منزل جديد لوالدتيهما، وبذلا مجهوداً كبيراً للوصول إلى المكانة الحالية. لكن انظروا إلى طريقة تناول الصحف لأخبار اللاعب الشاب الأسود وزميله الأبيض. إنه أمر غير مقبول. لم يرتكب أي منهما جرماً؛ لكن من خلال طريقة التناول تم تصوير هذا الشاب الأسود على أنه سيئ، وهو ما يغذي العنصرية والسلوك العدواني».
وقد كان من حق ستيرلينغ أن يقوم بذلك الأمر، الذي فتح نقاشاً حول طريقة تعامل وسائل الإعلام مع اللاعبين السود؛ لكن لا يمكننا التركيز على مجموعات بعينها في محاولة لإثبات اضطهاد السود في أي مجال، مثل أندية كرة القدم أو الصحافة. إننا نواصل النظر إلى أعراض المرض، ولا نفكر في كيفية علاجه من الأساس.
إنني أشبه الأمر بإصابتنا بالإنفلونزا، فعندما نشعر بأعراضها فإننا نتناول الأدوية ونتصبب عرقاً، ثم نشعر بتحسن لبعض الوقت؛ لكننا لم نتوصل بعد إلى طريقة لعلاج المرض، الذي سيعود ليداهمنا مرة أخرى، سواء عاجلاً آم آجلاً. وينطبق الأمر نفسه على العنصرية.
إنني أطالب منذ سنوات بأن نوسع قاعدة الحوار والنقاش، لكي نعرف الأسباب الحقيقية للعنصرية. ويتعين على أصحاب البشرة السمراء أن يتوقفوا عن الإحساس بأننا في الوضع الذي وصلنا إليه الآن فقط، بسبب أصحاب البشرة البيضاء. لقد كانت العبودية في الأصل تتمحور حول الاقتصاد، وليس حول العنصرية. وكان العبيد يباعون من قبل عائلاتهم وكأنهم سلعة تباع وتشترى، وكان يتم شراؤهم من قبل الأشخاص الذين يريدون أناساً يعملون لصالحهم من دون مقابل؛ لكن بمجرد أن تم الاعتراف بحقوق الإنسان، واجهوا مشكلة؛ لأنه من الواضح للغاية أنه من الخطأ أن تستعبد إنساناً. وعندئذ، بدأ الناس يتحدثون عن كيفية ظهور أعراق معينة، أصبح مصيرها هو أن تقوم بالأعمال الجسدية الصعبة وتتعرض للاستعباد. إن العنصرية هي إرث للعبودية. وعلى مدار 200 عام، انتشر التعليم الغربي في جميع أنحاء العالم، من خلال الاستعمار والمبشرين، وهذا هو ما تعلمه العالم.
ولا يزال يتم تدريس الرسالة نفسها حتى اليوم، وتلعب وسائل الإعلام دوراً رئيسياً في ذلك. إننا كمجتمع نرى مجموعات مختلفة من الناس على أساس الطريقة التي يتم الحديث بها عنهم. إننا نقرأ عن عصابات إسلامية أو نيجيرية أو جامايكية؛ لكن عندما يرتكب مجموعة من الأشخاص البيض الجرائم نفسها، فلا نشير إلى عرقهم! وإذا ارتكب مسلم جريمة قتل فإننا نصفها بالإرهاب حتى قبل أن نعرف دوافع الجريمة؛ لكن إذا ارتكب الجريمة نفسها شخص أبيض، فإننا نقول إنه سلوك فردي! وبالتالي، فإننا نغذي الإدراك السلبي تجاه النيجيريين والجامايكيين والمسلمين!
لقد تعلم الناس أن يكون لديهم تصور سلبي عن السود، وأن يؤمنوا بتفوق البيض عليهم. وقد تشكل هذا السلوك نتيجة قرون من التلقين. وفي أوقات الشدة والتوتر، مثل الفترة التي نعيش فيها في بريطانيا اليوم، يبحث الناس عن طرق لإثبات تفوقهم على الآخرين.
في الحقيقة، هناك مشكلة في هذا البلد تتعلق بالكيفية التي يُنظر بها إلى السود؛ لكن هناك مشكلة أيضاً تتعلق بالصورة التي يرى بها السود أنفسهم. وفي ثقافتنا، يواجه أولئك الذين يولدون في الطبقة العاملة وفي المدن الداخلية صراعاً يدوم مدى الحياة، من أجل الحصول على الفرص، وتتضاعف المأساة عندما يكون الشخص أسود البشرة. وهناك مجتمعات بأكملها تشعر بالحرمان. وبدلاً من أن يتحدث لاعبو كرة القدم السود عن التمييز الذي يواجهونه، أو أن يقول الممثلون السود إنهم لا يمكنهم الفوز بجائزة «الأوسكار»، فإنه يتعين على هؤلاء الأشخاص أن يستخدموا شهرتهم من أجل الحديث عن عدم حصول الشخص الأسود العادي على الاحترام، وعلى الفرص المتساوية له ولأطفاله في المجتمع.
إننا من خلال ما يحدث نقول للشباب السود، إنه لا يتعين عليهم أن يفكروا في أن يذاكروا أو يجتازوا الامتحانات، ولكن إذا أرادوا أن يواجهوا قدراً أقل من العنصرية، فإنه يتعين عليهم أن يلجأوا إلى الغناء أو الألعاب الرياضية!
إن المجتمعات السوداء تقاتل من أجل الحصول على مزيد من الفرص في مجال التدريب بكرة القدم، أو في مجال التمثيل؛ لكنهم يطالبون باحترام المشاهير من السود؛ بدلاً من أن يطالبوا بالأمر نفسه لأنفسهم!
وفي كل يوم، ومن دون التلفظ بأي كلمة عنصرية، يعاني الناس من التمييز العنصري. إنني أتحدث عن حرمان السود من الفرص والمساواة. ولكن نظراً لأن هذا الأمر غير مرئي، لا يهتم أحد بذلك، ونظراً لأن من يعانون ليسوا من المشاهير، فلا أحد يهتم بذلك. إن المعركة الوحيدة التي تستحق القتال هي إتاحة فرص متساوية لجميع الأطفال، بغض النظر عن العرق أو الجنس، حتى يتم الحكم على الأفراد بناء على صفاتهم، وليس بناء على خلفياتهم. ولن ننتصر في هذه المعركة عندما يتوقف الجميع عن توجيه إهانات لفظية؛ لكننا سننتظر عندما لا يفكر أي شخص في القيام بهذه الممارسات من الأساس.
- لاعب انجلترا وليفربول السابق