محافظ تعز يدعو «الإصلاح» و«المؤتمر» إلى الاصطفاف تحت راية الجمهورية

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المماحكات الحزبية وراء إعاقة تحرير المحافظة

حافظ معياد
حافظ معياد
TT

محافظ تعز يدعو «الإصلاح» و«المؤتمر» إلى الاصطفاف تحت راية الجمهورية

حافظ معياد
حافظ معياد

دعا محافظ تعز الدكتور أمين أحمد محمود، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إلى اصطفاف «المؤتمر الشعبي» و«التجمع اليمني للإصلاح» وجميع الأحزاب، تحت راية الجمهورية، من أجل هزيمة المشروع الحوثي في تعز وجميع مناطق اليمن.
وقال: «حان الوقت ليصطفّ المؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للإصلاح وكل الأحزاب في جبهة واحدة لمقاومة المشروع الإمامي، إذ لن نهزم هذا المشروع إلا بتكاتفنا جميعاً، ومَن صوّب اتجاه بندقيته نحو الحوثي فهو أخونا وصديقنا ومعنا وشريكنا في هذه الحرب، تحت راية الجمهورية».
وهاجم محمود مَن وصفهم بـ«أصحاب المصالح الحزبية الضيقة»، وانتقد المماحكات السياسية التي أعاقت استكمال تحرير محافظة تعز حتى الآن، وقال: «للأسف الشديد هذه المماحكات الحزبية هي التي تعيق استكمال تحرير تعز، ففي الوقت الذي نفكر نحن باستعادة وبناء الدولة والمؤسسات هناك مَن يفكر باستعادة وبناء الحزب».
وبسؤاله عن حجم الإنجاز في محافظة تعز تحت قيادته منذ تعيينه في المنصب من قِبل الرئيس عبد ربه منصور هادي في ديسمبر (كانون الأول) 2017، أكد أن أهم ما تم إنجازه هي «عودة الشرعية، والدولة إلى تعز»، إذ كان هناك شبه غياب للدولة -على حد قوله. مشيراً إلى إعادة المحاكم والنيابات إلى العمل، وجميع المكاتب التنفيذية للسلطة المحلية.
وقال: «أعدنا بناء هذه المؤسسات من الصفر، أعدنا عمل مكاتب السلطة المحلية كاملاً، واستطعنا أن نصرف المرتبات للموظفين، الآن كل موظفي تعز سيستلمون مرتباتهم ابتداءً من يناير (كانون الثاني) المقبل بعد انقطاع سنتين».
وتابع بالقول: «أعدنا بناء أجهزة الأمن وقمنا بتوفير المعدات اللازمة من عربات وتسليح خاص بالشرطة بدعم من الرئيس عبد ربه منصور هادي ودعم حكومي ودعم كبير من التحالف».
وعن الخدمات في تعز، قال المحافظ إنها «دُمِّرت تماماً، فعلى صعيد الكهرباء فهي مقطوعة الآن، وكانت تأتي عبر الشبكة العامة من المخا، لكن بسبب ظروف الحرب ووجود الحوثيين على الطريق الرابط بين المخا وتعز لا تزال تعز غير مرتبطة بالشبكة العامة».
وللتخفيف من هذه المعضلة، كشف المحافظ أمين محمود، عن استكمال اللمسات الأخيرة لإعلان مناقصة لشراء 30 ميغاوات بأوامر من الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقال إنه «يأمل أن يتم قريباً فتح الخط الرابط بين تعز والمخا، ودحر الحوثيين».
وأضاف: «مدينة ومديرية المخا أصبحت محرَّرة بالكامل، والأشقاء في دولة الإمارات بذلوا جهوداً كبيرة وأعادوا تشغيل محطة المخا البخارية وهي جاهزة لمد تعز بالكهرباء».
وأوضح أنه منذ مجيئه للمحافظة «تم البدء بإصلاح الكثير من الشوارع الرئيسة، كما تم إصلاح شبكة الصرف الصحي، ويجري حالياً إصلاح شبكات المياه، كما تم دعم مشروع النظافة وشراء معدات بما يقرب من 400 ألف دولار»، مؤكداً أن «مشروع النظافة يعمل الآن بكفاءة طيبة، كما تم دعم المستشفيات».
وإضافة إلى إنجاز «تأثيث جميع المكاتب التنفيذية في تعز، وترميم المؤسسات الرئيسية كالإدارة العامة للشرطة، بدعم حكومي»، أكد المحافظ أن إيرادات المحافظة المحلية شحيحة جداً، فهي لا تتجاوز 50 - 60 مليون ريال شهرياً.
وبيّن أن أغلب الإيرادات المالية لتعز -على حد قوله- من القطاع الصناعي، «وهذا القطاع بكامله يقع في منطقة الحوبان شرقي المدينة وفي منطقة البرح، وكلتا المنطقتين لا تزالان تحت سيطرة الميليشيات الحوثية».
وأشار محافظ تعز إلى أن السلطة المحلية برئاسته تبذل جهوداً كبيرة لتطبيع الأوضاع على المستويات كافة، رغم كل المعوقات وفي المقدم منها شحّ الموارد، وقال: «هناك مبالغ لا تتجاوز 50 - 60 مليون ريال يمني شهرياً، وهي شحيحة، لكن الحكومة خصصت لنا ميزانية تشغيلية وهي أيضاً شحيحة ولا تُصرف بصورة منتظمة».
وبخصوص ما شهدته تعز من تصاعد لحدة الانفلات الأمني وتكرار عمليات الاغتيال وإطلاق النار في المناطق المحررة، والصراع بين رفاق السلاح، قال المحافظ أمين محمود، إن «تعز يجب أن نفهمها في واقع سياقها الآن، فالمحافظة تعرضت لاجتياح كامل من ميليشيات الحوثي، ولتجريف للمؤسسات وضياع للدولة، وهذا خلق بيئة خصبة للجماعات الخارجة عن القانون واللصوص وقطّاع الطرق الذين يقومون بأعمال السلب والنهب، كما تضافر هذا مع غياب السلطة المحلية لفترة طويلة قبل 2018 وتراخي بعض العسكريين» على حد قوله.
وأضاف: «هناك بعض الظروف أدت إلى ذلك، ومن بينها غياب المحافظ السابق لفترات طويلة، رغم جهوده الكبيرة لمحاولة إعادة أجهزة الأمن ودمج المقاومة الشعبية في الجيش، ولكنه لم يتمكن من الاستقرار نتيجة لما تعرض له من إطلاق نار».
ويرى المحافظ أن وجوده المستمر منذ تعيينه في المنصب وتحديداً منذ مطلع العام الجاري، نتج عنه «تشغيل المكاتب التنفيذية كافة وإنهاء الصراع المسلح بين بعض الفصائل المحسوبة على الشرعية داخل مدينة تعز، مع اعترافه بأن هذا الملف لم يُحسم حتى الآن.
وقال: «هذا الملف لم ينتهِ تماماً، في مدينة تعز، نعم توافقنا مع الأطراف كافة ووقّعنا على محضر واضح ينص على سحب كل الأطراف الوحدات العسكرية من داخل المدينة وإعادة تموضعها في الجبهات، وأستطيع أن أقول إن الاتفاق نُفّذ بنسبة 70%».
واتهم المحافظ بعض الوحدات العسكرية المحسوبة على بعض الأطراف الحزبية بـ«التلكؤ» في تنفيذ الاتفاق، وفي المقابل أثنى على «كتائب أبي العباس» التي قال إنها التزمت التزاماً كاملاً بما تم عليه الاتفاق في المحضر الموقّع بين الفصائل العسكرية.
وفي شأن النزاع الذي نشب قبل أشهر في مناطق الحجرية، حيث الأرياف الجنوبية لمحافظة تعز، بين وحدات محسوبة على اللواء 35 مدرع واللواء الرابع مشاة جبلي، لجهة أحقية أيٍّ منهما في الانتشار في هذه المناطق، أكد المحافظ أنه انطلاقاً من مسؤوليته باعتباره الرجل الأول في المحافظة الذي يمثل الشرعية والرئيس هادي، عمل على محاولة حل المشكلة.
وأوضح قائلاً: «ما حدث ويحدث في مديريات الحجرية، أنا كمحافظ كنت واضحاً وضوحاً كاملاً بشأن هذه القضية، وأصدرت توجيهاتي الواضحة، بعدم استحداث أي وجود عسكري لأي لواء عسكري، ليست هذه هي أماكن مسرح عملياته، وأمرت بسحب اللواء الرابع مشاة جبلي قبل خمسة أشهر من هذه المنطقة حتى نتجنب الاحتكاك بين الإخوة رفاق السلاح، لأننا نريد أن نوجه جهودنا كلها نحو العدو الواحد المتمثل في الميليشيات الحوثية».
وفي ما يتعلق بالأوضاع في مدينة تعز، قال المحافظ أمين محمود: «توصلنا أخيراً إلى سحب كل الوحدات العسكرية المتمركزة، وإحلال قوات الأمن الخاصة والشرطة العسكرية عوضاً عن الوحدات العسكرية التي أماكنها الطبيعية في الجبهات».
وعن مدى تأثير هذا الصراع على الحسم العسكري في تعز واستكمال تحريرها من الميليشيات الحوثية، لم يقلل المحافظ من حجم التضحيات التي قدمتها القوات الحكومية حتى الآن، والتي قال إنها تمكنت من تحرير 80% من مساحة المحافظة، مؤكداً أن هناك جملة من الأسباب التي أخّرت مجتمعةً استكمال التحرير وليس سبباً واحداً، على حد تعبيره.
وقال: «أنا أريد أولاً الإشادة بما تحقق، فأبطالنا في القوات المسلحة قدموا إنجازات كبيرة، فقد دحرْنا الميليشيات الحوثية من 80% من المحافظة، وأصبحت محرَّرة، وكانت هناك مواقف بطولية سيخلّدها التاريخ، أما ما أخّر تحرير المحافظة كاملاً فليس سبباً واحداً، هناك عدة أسباب مجتمعة، المسألة ليست بسيطة، ومعقَّدة وشائكة».
وكشف محمود عن أن «العدد الإجمالي للقوات الحكومية في محافظة تعز يبلغ نحو 38 ألف عنصر، منهم نحو 10 آلاف شهيد وجريح»، مشيراً إلى أن «الأمور لا تُحسم بالعدد ولكن بالكيف، فالنجاح في 80% منه يعود إلى الإدارة، إذ يجب أن تتوافر عدة عوامل للنجاح، في مقدمها الإدارة الناجحة، والاستعداد الجيد والجاهزية العالية للقوات المسلحة والعلاقات المتينة مع التحالف الداعم للشرعية».
وشدد محافظ تعز على أنه يجب على الجميع في محافظة تعز أن يفهم «أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هما من تقودان هذه المعركة دعماً للشرعية، وبالتالي فيجب ألا يكون هناك أي التباس في هذا الجانب، فنحن وهم إخوة وفي جبهة واحدة، ودعمهم هو الأساس في هذه المعركة».
وعن حجم الوجود الحوثي المتبقي في مدينة تعز، أكد المحافظ محمود أنه لم يتبقَّ مع الميليشيات الحوثية سوى منطقة الحوبان في الجهة الشرقية، أما بقية المدينة فباتت محررة، وقال: «الحوثيون يتمركزون في التلال والنقاط، ولا يوجد لهم حاضنة شعبية مطلقاً، عدا دعم بعض المغرَّر بهم من أبناء محافظة تعز، الذين أغروهم بالمال ليساعدوهم، ولكنهم في حقيقة الحال موجودون في أرض غريبة».
ووعد المحافظ باقتراب القضاء على ظاهرة الانفلات الأمني الذي يقوده بعض العصابات التي انتشرت في المدينة، من قبيل العصابة التي يقودها غزوان المخلافي، وهو لا يزال فتى في التاسعة عشرة من عمره، وقال: «نأمل أن تكون هذه الظاهرة على وشك الانتهاء. غزوان هو حقيقة مجرد طفل، لكنه يمثل ظاهرة استشرت خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث وُجدت هذه العصابات للسيطرة على الأسواق، وهناك من يستفيد من وراء هذه العصابات مادياً من هذه الإيرادات التي يتم تحصيلها، ونحن جادّون الآن في طرد هذه العصابات».
ونفى المحافظ أمين محمود وجود أي مشاعر تنتابه بخصوص أنه «تورط» في القبول بمنصب المحافظ في تعز على الرغم من معرفته بطبيعة الأوضاع في المحافظة، مع أنه كان قبل التعيين يمارس حياته العملية بنجاح خارج البلاد.
وقال: «الإنسان عندما يشاهد بلده وهو في هذا الوضع المأساوي لا بد أن يقبل، أنا لبّيت نداء الواجب في تعز، لم أكن أشعر بالضيق من الغربة قبل 2011، لكن عندما تعرض اليمن لهذه المحنة لم أعد أشعر بطعم السعادة خارج البلاد، بالمطلق، أشعر أني أستطيع أن أخدم أبناء محافظتي ولهذا أكون سعيداً، فمجرد التفرج على أوضاع المأساة لم يكن خياري أبداً».
وكشف المحافظ محمود عن أنه سبق أن رفض المنصب ثلاث مرات من قبل في ظل ظروف طبيعية، مرتين في عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح والثالثة عندما عُرض عليه المنصب من قِبل الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي في 2014.
وتابع قائلاً: «الآن وافقت بعدما رأيت الحال على ما هو عليه في تعز، وأن أهلنا يُقتلون وأسرنا تُشرَّد ومبانينا تُدمّر ووضعنا كارثي داخل المدينة، فأحببت أن أساهم بشيء».
ورغم تعرض حياته للخطر، أكثر من مرة، ومن بينها تعرض موكبه للتفجير في أثناء وجوده في العاصمة المؤقتة عدن، فإنه أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «أنه غير قلق على حياته بقدر قلقه على حياة اليمنيين كافة»، وقال: «أنا لا أتألم على نفسي مطلقاً، أنا أتألم عندما أرى الأطفال يُقتلون والشباب مبتوري الأطراف، لست قلقاً على حياتي بالمطلق، عشت حياتي بما يكفي بالطول والعرض».
وأشار المحافظ إلى أنه حرّر أكثر من مذكرة إلى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، وطالبه بضرورة إيلاء ملف تعز الاهتمام الكامل، باعتبارها «المحافظة التي تعرضت لأكبر قدر من الحصار والدمار، والتي لم تولِها الأمم المتحدة ما يجب من العناية حتى الآن».
وفي شأن قضية علاج الجرحى من أبناء تعز، أكد المحافظ أن قضية الجرحى لم تُحسم بشكل نهائي حتى الآن، وكشف عن أن وزير الدفاع محمد المقدشي، وعد بتشكيل لجنة وطنية للجرحى تكون مهمتها جميع الجرحى في الجمهورية.
وقال: «الآن جرحانا 80% هم من العسكريين، وتتولى وزارة الدفاع وهيئة الأركان هذا الملف المهم، أما نحن في السلطة المحلية، فيتبقى لنا دور الإشراف والرقابة والدعم، ولكننا لا نتدخل مالياً وإدارياً في لجنة الجرحى».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.