موسكو تشكل اللجنة الدستورية السورية بـ«حبر ضامني آستانة»

توقعات بإعلانها في اجتماع وزاري روسي - تركي - ايراني بجنيف الاسبوع المقبل

TT

موسكو تشكل اللجنة الدستورية السورية بـ«حبر ضامني آستانة»

كثفت موسكو اتصالاتها مع أنقرة وطهران؛ حليفتيها في «مسار آستانة»، ومع دمشق، لحل عقدة تشكيل اللجنة الدستورية السورية عبر مسار «آستانة - سوتشي»، وقطع الطريق على نيات التصعيد الأميركي وتحميل الحكومة السورية مسؤولية عدم تشكيل اللجنة.
في حال نجح تحرك موسكو، سيتم عقد اجتماع في جنيف الاثنين المقبل لكبار الموظفين في روسيا وتركيا وإيران، لتسليم مسودة قائمة اللجنة الدستورية إلى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا, ثم يعقبه اجتماع وزاري للدول الثلاث لـ «سحب البساط من تحت واشنطن»، عشية تقديم دي ميستورا إيجازه الأخير إلى مجلس الأمن في 20 الشهر الجاري.
مسار اللجنة الدستورية انطلق في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. البيان الختامي، الذي أقره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نص على تشكيل اللجنة برعاية أممية في جنيف من قبل دي ميستورا لتضم ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.
تشكيل اللجنة سار ببطء شديد، وأصبح الخلاف حول القائمة الثالثة في اللجنة الدستورية. هناك قائمة للحكومة تضم 50 اسماً، وأخرى للمعارضة وتضم 50 اسماً، وثالثة للمجتمع المدني شكلها دي ميستورا وتضم 50 اسماً. لكن دمشق وأنقرة وطهران وموسكو لم توافق على القائمة الثالثة ورفضوا فرض جداول زمنية أو أن يكون تشكيل اللجنة من قبل دي ميستورا.
أدى ذلك إلى توتر أميركي - روسي. ولدى تسلم فريق جديد الملف السوري برئاسة جيمس جيفري، اتخذت واشنطن منحى تصعيدياً. وحصلت أكثر من مرة على دعم حلفائها في «المجموعة الصغيرة» لتحديد مواعيد ملزمة لتشكيل اللجنة، كان آخرها في 14 من الشهر الحالي.
وبعد الاجتماع الأخير لـ«المجموعة الصغيرة» في واشنطن الأسبوع الماضي، تريثت واشنطن في إصدار بيان رسمي يتضمن فرض مواعيد نهائية لتشكيل اللجنة بعدما تلقت إشارات إيجابية من موسكو بأنها تعمل على تشكيل اللجنة. موقف موسكو بني أيضا على نتائج القمة الروسية - التركية - الفرنسية - الألمانية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي أعلنت التوافق على تشكيل اللجنة وعقدها «قبل نهاية السنة إذا سمحت الظروف».
لكن جيفري لوح بعد اجتماع «المجموعة الصغيرة» بإنهاء مساري «سوتشي» و«آستانة»، الأمر الذي قوبل بانتقاد شديد من موسكو وأنقرة، ذلك أنه سمع كلاما حادا خلال زيارته إلى تركيا الأسبوع الماضي. كما أنه سمع خلال زيارته إلى عمّان، وهي عضو في «المجموعة الصغيرة»، كلاما أردنيا يتحدث عن «الواقعية» وضرورة لعب الدول العربية دورا في حل الأزمة.
الامتعاض من انتقاد جيفري مساري «سوتشي» و«آستانة»، لم يجمد الحركة الروسية لتشكيل اللجنة الدستورية بموجب فهم موسكو؛ إذ قام المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينييف على رأس وفد سياسي وعسكري وأمني بزيارة إلى أنقرة وعقد اجتماعات مكثفة مع الجانب التركي، حيث جرى التوافق على قائمة ثالثة جديدة «بحبر روسي - تركي - إيراني»، بحيث جرى حذف الأسماء التي تعترض عليها الدول الثلاث ودمشق.
بعدها انتقل لافرينييف إلى دمشق والتقى الرئيس بشار الأسد حيث «تم تركيز الاهتمام على مهمة تشكيل اللجنة الدستورية السورية بأسرع ما يمكن وإطلاق عملها، تنفيذا لقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)»، بحسب بيان روسي. بعدها اتصل لافروف بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف وبحث الأمر نفسه.
كما وصل إلى القاهرة فرنسوا سينيمو، المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي، في زيارة لمصر تستغرق يومين يبحث خلالها آخر التطورات على الساحة السورية، مع وزير الخارجية سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، علما بأن فرنسا عضو في «المجموعة الصغيرة» وشاركت في القمة الرباعية.
اللافت أن وكالة «الأناضول» للأنباء التركية، نقلت عن مصادر أن «التوافق أصبح قريباً جداً، وسيجري الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية في جنيف، قبل يوم 20 من الشهر الحالي في اجتماع يحضّر له بين وزارات خارجية الدول المعنية». وزادت أن «الإعلان عن اللجنة الدستورية قد يحصل على شكل لقاء لوزراء خارجية الدول الضامنة في جنيف، ويجري الحديث عن موعد 18 أو 19 من الشهر الحالي، على أن تتضح النتيجة النهائية خلال الأيام الثلاثة المقبلة».
في حال نجحت الدول الثلاث الضامنة في الوصول إلى قائمة مشتركة واتفاق حول آلية عمل اللجنة وحصص؛ الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، وأعلنت ذلك من جنيف، فإن التركيز ينتقل إلى واشنطن وحلفائها لإعلان موقف من هذه القائمة التي لم يشكلها دي ميستورا، قبل انتقال الملف في بداية العام إلى خلفه غير بيدرسون.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.