نادية مراد تهدي «نوبل» إلى العراقيين

حثت من بغداد على تصنيف الاضطهاد الذي تعرض له الإيزيديون «إبادة جماعية»

صورة وزّعتها الرئاسة العراقية للقاء الرئيس برهم صالح مع نادية مراد (يسار) أمس
صورة وزّعتها الرئاسة العراقية للقاء الرئيس برهم صالح مع نادية مراد (يسار) أمس
TT

نادية مراد تهدي «نوبل» إلى العراقيين

صورة وزّعتها الرئاسة العراقية للقاء الرئيس برهم صالح مع نادية مراد (يسار) أمس
صورة وزّعتها الرئاسة العراقية للقاء الرئيس برهم صالح مع نادية مراد (يسار) أمس

دعت حائزة جائزة نوبل للسلام الإيزيدية نادية مراد في بغداد أمس، الحكومة العراقية إلى تشكيل «فريق متخصص» للتعاون مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب من أجل البحث عن الإيزيديات اللواتي خطفهن تنظيم داعش، إلى سوريا.
وقالت مراد، 25 عاماً، في كلمة لها خلال استقبال الرئيس العراقي برهم صالح، لها في قصر السلام ببغداد: «أنا سعيدة جداً، لأنه قبل ثلاث سنوات هاجرتُ من العراق منهكة نفسياً وجسدياً. اليوم رجعت وأحمل معي جائزة نوبل للسلام لتكون سلاماً للعراق». وأعلنت أنها جاءت إلى بغداد «لتسليم الجائزة» و«السلام» إلى كل العراقيين.
ودعت مراد الحكومة العراقية «إلى تشكيل فريق متخصص للتعاون مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في البحث في قضية المختطفات الإيزيديات من قبل داعش (الموجودات) في سوريا».
وأشارت إلى أنها ستبحث مع المسؤولين العراقيين أيضاً في «المصير المجهول لسنجار ولأهلي الإيزيديين»، مشيرةً إلى أن «أكثر من 80 في المائة منهم لا يزالون يعيشون في المخيمات، ويعانون من فقدان أبسط مقومات الحياة».
وخُطفت نادية مراد عندما اجتاح تنظيم داعش، قريتها كوجو على أطراف قضاء سنجار، معقل الإيزيديين في تلك المنطقة الجبلية في شمال غربي العراق، في أغسطس (آب) 2014، وسُبيت على غرار الآلاف من نساء وبنات ديانتها على مدى ثلاثة أشهر في الموصل، معقل التنظيم حينها، قبل أن تتمكن من الفرار.
وقالت مراد مخاطبةً صالح: «جئتكم بسلام نوبل إلى بغداد لأقول لجميع العراقيين أنتم خير أهل للسلام، فكونوا برداً وسلاماُ على العراق وبعضكم على بعض وعلى أهلي الإيزيديين والأقليات العراقية الأخرى التي هي ملح العراق وثقافته».
من جهته قال الرئيس العراقي إن «إعادة إعمار سنجار، وإنصاف الضحايا، ومتابعة قضية المخطوفات، أولويات». وأضاف: «آن الأوان للبرلمان العراقي أن يقرّ قانون اعتبار جريمة سنجار إبادة جماعية بحق الإيزيديين». وعُينت الفتاة التي قُتل ستة من أشقائها ووالدتها بأيدي تنظيم داعش، منذ 2016 سفيرة الأمم المتحدة للدفاع عن كرامة ضحايا الاتجار بالبشر، وهي تنشط خصوصاً من أجل قضية الإيزيديين، داعيةً إلى تصنيف الاضطهاد الذي تعرضوا له على أنه «إبادة».
وتسلمت نادية مع الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي الذي يهتم بمعالجة ضحايا العنف الجنسي، جائزة نوبل للسلام التي تقاسماها هما الاثنان.
وكان عدد الإيزيديين في العراق يبلغ 550 ألفاً قبل دخول «داعش»، قد هاجر منهم نحو مائة ألف، فيما فرّ آخرون إلى إقليم كردستان العراق الشمالي. من جهته وعد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، بوقوف البرلمان مع سنجار وإنصاف أهلها. وقال بيان لمكتبه خلال استقباله نادية مراد، إنه «وعد مراد بعرض مأساة الإيزيديين على البرلمان لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مؤكداً حرص رئاسة المجلس على إنصاف أهالي سنجار».
من جهتها وجّهت فيان دخيل عضوة البرلمان العراقي السابقة عن الطائفة الإيزيدية وأول من نقل معاناة هذه الطائفة إلى العالم، نقداً إلى الحكومة العراقية نتيجة تقصيرها حيال الإيزيديين. وقالت دخيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا توجد أي خطة لدى الحكومة العراقية حيال المأساة التي حصلت للإيزيديين والتي ترقى إلى الإبادة الجماعية»، مبينة أن «الجهات العراقية الرسمية والبرلمانية لم تحرك ساكناً حيال هذه المأساة لا سيما في ما يتعلق بالمخطوفات لدى تنظيم داعش». وكشفت دخيل أن «عدد النساء والأطفال الذين ما زالوا مختطَفين لدى هذا التنظيم الإرهابي يبلغ 3038». لكن الناطق الرسمي باسم الرئاسة العراقية لقمان فيلي، أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «رئيس الجمهورية سوف يتبنى مشروع قانون لإنصاف الإيزيديين»، مبيناً أنه «سيتم تفعيل ذلك عبر الآليات الدستورية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.