خيّمت حالة عدم اليقين على التوقعات الاقتصادية للعام 2019 المقبل خلال مداخلات «المنتدى الاستراتيجي العربي» في دبي، وسط تسارع الأحداث والمتغيرات التي تجتاح العالم. وانقسمت آراء المداخلين من خبراء عرب ودوليين ما بين متفائل ومتشائم حول الحالة الاقتصادية والسياسية في العالم.
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رأى أن العام 2019 يحمل فرصاً وتحديات، «لكننا متفائلون سياسياً واقتصادياً وإنسانياً»، مشيراً إلى أن «اقتصاد العالم في حركة دائمة، لكننا لا نعتمد على ردود الأفعال، بل نحاول أن نصنع واقعنا ومستقبلنا».
وقال الشيخ محمد بن راشد إن «المنطقة على موعد مع مشروعات وفرص، ونأمل أن يشهد العام 2019 انطلاق العجلة الخاصة بهذه المشروعات»، مشيراً إلى أن «الفرص الاقتصادية والسياسية تدفعنا للتفكير دوماً في الخيارات المفتوحة كافة... ونحن اخترنا التنمية والحوار والتقدم». وزاد: «القدرة على استشراف المستقبل هي قدرة على التكيف مع متغيراته والاستفادة من مقدراته».
ويهدف المنتدى في دورته الحادية عشرة تحت عنوان «حالة العالم في 2019» إلى تقديم تصورات موثوقة، ووضع مجموعة متكاملة من المعطيات الحاليّة والمؤشرات المستقبلية في تصرف صناع القرار وواضعي السياسات من أجل صياغة استراتيجيات مدروسة تنطلق من الراهن سياسياً واقتصادياً لصناعة خطط مستقبلية قابلة للتنفيذ.
وأكد مشاركون في جلسة «حالة العالم العربي اقتصادياً في العام 2019»، أن المنطقة مقبلة على ركود اقتصادي خلال العامين المقبلين 2019 و2020، تبدأ معالمه في العام المقبل، كما أكدوا أن معدلات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ستكون 3 في المائة في العام المقبل، مع التأكيد أن أسعار النفط لن تشهد ارتفاعاً وستتراوح بين 47 و69 دولاراً للبرميل في 2019، مشيرين إلى أن زمن وصول الأسعار إلى 100 أو 120 دولاراً للبرميل انتهى.
ولفت ناصر السعيدي، وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الأسبق إلى «إجماع بين خبراء الاقتصاد على أن العالم سيشهد ركوداً اقتصادياً خلال العامين 2019 و2020، ويُتوقع أن نشهد بداياته في العام المقبل».
وأكد محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، أن العالم يمر بمرحلة عدم اليقين، وهناك أزمة ثقة، ولا سيما في وقت لم تتضح بعد قواعد اللعبة في القرن الواحد والعشرين، وفي وجود قوى تظهر وأخرى تختفي وارتباكات في دول الغرب، إضافة إلى نزاعات عالمية.
وتوقع تحسن الوضع في اليمن وسوريا، واستقرار في اليمن، بينما سيكون الوضع في العراق كما هو عليه من حالة عدم الاستقرار التي بدأت من العام 2003. وبيّن أن الأزمة المالية في حال حدوثها سوف تؤثر بشكل كبير على المنطقة أكثر من قبل.
وفي جلسة بعنوان «حالة العالم اقتصادياً في 2019» ضمن أعمال المنتدى الاستراتيجي العربي، توقّع وزير الخزانة الأميركي الأسبق جاك لو، أن يكون 2019 عام التهدئة في حرب الرسوم الجمركية والتجارية على مستوى العالم، وتحديداً بين الولايات المتحدة والصين، فيما رأى ميرفن كينغ، محافظ بنك إنجلترا السابق وعضو مجلس اللوردات، أن الاقتصاد العالمي في عام 2019 سيواصل الابتكار وخلق الحلول العملية الناجحة.
وتطرق إياد علاوي رئيس وزراء العراق الأسبق إلى «الجيل الثالث من الإرهاب»، وقال خلال جلسة «حالة العالم العربي سياسياً» أمس: «إن كانت نمطية (القاعدة) تمثل الجيل الأول المبني على مبدأ ضرب الأنظمة، وإن كان (داعش) يمثل الجيل الثاني المبني على قاعدة السيطرة على الأرض والتوسع، فإن الجيل الثالث سيعمل على خلق الفوضى في المجتمعات وضرب الاقتصادات الوطنية للدول وبناء قواعد ليست متصلة بالضرورة، في دول متعددة؛ لتحقيق الأجندات والغايات المتطرفة».
واعترف نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني السابق ناصر جودة بوجود نقص شديد في الحوار بين العرب، وقال: «نحن نرى أن القضية الفلسطينية مدخل لحل كثير من النزاعات ومدخل للاستقرار في المنطقة. يجب أن نفرق بين أمرين؛ تفاصيل صفقة القرن من جهة، وكيفية تعاطي الدول العربية والعالمية معها. إننا اليوم لا نستطيع التعليق عليها دون الاطلاع على تفاصيلها، وكل يوم يقال إنها ستكون جاهزة قريباً». وقال نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق: «إذا كنا نريد التحدث عن المستقبل، فلا بد من وصف الحاضر. هناك ضعف سياسي عربي، يجب القيام بأمرين محوريين، أولاً تبني التغيير التدريجي السليم لبناء مستقبل أفضل لدول المنطقة، وثانياً عدم مبالغة أي دولة بالاعتماد على دولة أخرى، سواء أكانت عربية أم أجنبية. خلال المائة سنة الماضية اعتمدت الدول العربية على الغرب والشرق في قضايا الأمن القومي، نجم عن ذلك ما نراه اليوم، أن إيران وإسرائيل وتركيا يضغطون على دول العالم العربي بشكل غير منطقي ومرفوض».
إلى ذلك، أبرزت جلسة «حالة العالم سياسياً في 2019»، خطورة التصعيد بين إسرائيل ولبنان وما قد يترافق معها من خلق أزمة جديدة في المنطقة. كما أشار المداخلون في الجلسة إلى حتمية فشل التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط عبر ما يسمى «صفقة القرن». وقال دنيس روس، المساعد السابق للرئيس الأميركي، إن هناك عاملين أساسيين في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية، هما العلاقة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، والتوقعات المرتبطة بالقمة المرتقبة العام المقبل بين الرئيسين، والأمر الثاني هو تصاعد الأزمة بين أميركا وإيران في ظل الانسحاب من الاتفاق النووي. وبيّن روس أن هناك خطراً حقيقياً من تأزم الوضع وتصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل في الوقت الحالي.
إلى ذلك، قال برناردينو ليون مدير عام أكاديمية الإمارات الدبلوماسية إنه «يمكن القول إن 2019 عام انتقالي بدلاً من عام التغيير». وبيّن ليون أن التعامل مع أوروبا سيكون أصعب في ظل نمو الشعبوية وما سوف تفرضه من متغيرات.
وأشار فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إلى أبرز التحديات التي يواجهها العالم في عام 2019: «عند الحديث عن النموذج العالمي في العام 2019 فإننا نجد هناك ظهوراً لليمين المتطرف، والتغييرات التي تشهدها الانتخابات الأميركية، واحتجاجات (السترات الصفراء) التي تشهدها فرنسا».
ورأى باراغ خانا، الكاتب والخبير الجيوستراتيجي، أن الدول لم تعد وحدها هي اللاعب الرئيس في العلاقات الدولية، بل هناك لاعبون آخرون، أهمهم الكتل والأقاليم التي باتت ضرورة من أجل أن تتمكن الدول المنضوية تحتها من مواصلة التنمية، في ظل أواصر قوية تدعم خططها وتسهل عليها تنمية تجارتها وصناعتها وقطاعاتها الأخرى، كما تلعب الأقاليم والكتل دوراً مهماً في بناء علاقات الثقة مع الكتل والأقاليم الأخرى.
«عدم يقين» يهيمن على التوقعات الاقتصادية في «المنتدى الاستراتيجي العربي»
محمد بن راشد متفائل رغم فرص وتحديات يحملها عام 2019
«عدم يقين» يهيمن على التوقعات الاقتصادية في «المنتدى الاستراتيجي العربي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة